مغربيات تقدمن مذكرة تطالب بتعديل بنود مدونة الأسرة

قدمت ناشطات وحقوقيات مذكرة للمطالبة بتغيير جذري وعميق لمدونة الأسرة المغربية، لمنع زواج القاصرات وتعدد الزوجات وحذف كل الفصول التي تكرس لدونية المرأة داخل المجتمع.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت ناشطات حقوقيات أن مدونة الأسرة المغربية أثبتت قصورها ميدانياً في الحد من العنف المبني على النوع وتحقيق المساواة في الولوج إلى العدالة والإنصاف، وذلك خلال ندوة نظمتها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة.

تحت شعار "من أجل قانون للأسرة يجيب على انتظارات النساء، ويعالج الثغرات والنواقص ويحفظ الأسر ويقوي لحمتها"، نظمت أمس الاثنين 10 تشرين الأول/أكتوبر، ندوة بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية، بمدينة الدار البيضاء.

وقالت المديرة التنفيذية لجمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو خلال مداخلة لها إن التطبيق العملي لقانون مدونة الأسرة أظهر عدداً من الثغرات، ما بات يطرح اليوم مراجعة بنودها بشكل ملح للغاية.

وأوضحت أنه آن الأوان من أجل العمل على تفعيل قانون للأسرة يجيب على انتظارات النساء ويعالج الثغرات والنواقص ويحفظ استقرار الأسر.

وعلى هامش الندوة قالت بشرى عبدو لوكالتنا أن الهدف من هذه الندوة هو فتح نقاش هادف ومثمر من أجل قانون أسرة عادل ومنسجم يحفظ كرامة المغربيات وكل الأسر.

وأضافت "اليوم نطرح للنقاش عدة نقاط من أجل العمل على تغييرها، فنحن نتحدث عن إلغاء كلي للفصول 20- 21-22  من مدونة الأسرة المتعلقة بتزويج القاصرات، كما نقترح تعديلات من شأنها أن تساهم في تجاوز وتفكيك الصور والأدوار النمطية، وإعادة تشكيل البنيات الفكرية للمجتمع المغربي من خلال الأسرة، التي تعد نواته الأولى والمنطلق لباقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية".

وأوضحت أن الجمعية أعدت مذكرة تم العمل من خلالها على مقاربة حقوقية، تضع مبدأ المساواة وعدم التمييز بين الجنسيين، كأساس لكل المطالب المقدمة، مع احترام المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، لاسيما تلك التي حظيت بمصادقة المغرب.

وطالبت بتعديل مدونة الأسرة في بند تعدد الزوجات، وتعديل الفصل الذي يتعلق بالولاية الشرعية على الأبناء، وذلك بإلغاء جميع المقتضيات التي تجرد المرأة من حقها في الولاية القانونية التي يجب أن تكون اليوم مشتركة بين الطرفين من أجل أن يتمتع الأطفال بالحقوق الإنسانية حسب اتفاقيات حقوق الطفل.

كما طرحت بشرى عبدو قضية تقسيم الممتلكات التي تشهد مشاكل كثيرة، لأن الذي لا يستفيد من هذه الممتلكات دائماً هي المرأة في حالة الطلاق "يجب تقييم الممتلكات في الفصل 49، بحيث يكون تقسيم الممتلكات تقسيماً متساوي، وعلى كل المؤسسات المعنية بالتقسيم أن يكون لهم علم بذلك، من أجل اداء الضريبة في الخزينة العامة، وأن يتم تقسيم الممتلكات شرطاً أساسياً في عقد الزواج بين الطرفين".

ومن جهتها أوضحت رئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء فاطمة الزهراء الشاوي أن مدونة الأسرة المغربية باتت موضوع اهتمام من طرف المجتمع المدني، وذلك من أجل رفع الحيف عن النساء.

وأضافت "برغم كون قانون مدونة الأسرة الذي صدر في 2004 شكل ثورة في أوانه، وكانت متقدمة لأنها جاءت بفلسفة المساواة، لكن بعد مرور سنوات على التطبيق، تم الوقوف على تضمنها لفصول تمييزية بالنسبة للنساء، وأن هناك اختلالات وثغرات عديدة تكرس لدونية المرأة داخل المجتمع، وهو ما يتوجب علينا العمل عليه لملاءمة هذه المدونة مع دستور 2011 خاصة ما يتعلق بالفصل 19 الذي ينص على المساواة مع الرجل في كافة المجالات".

وأوضحت "برغم من أن مدونة الأسرة جاءت لأجل النساء والرجال وحماية الأسرة ككل، إلا أن أهم مشكلة واجهتها هي العقليات، فالمجتمع يعتبر أن المدونة تمنح النساء حقوقاً أكثر، لكن في الحقيقة هي تحمل بين طياتها بعض الفصول التمييزية ولابد من تغييرها، ونطالب بحذف الفصل 400  نظراً لعدد من الإشكاليات والغموض الذي يلفها".

وقالت الحقوقية المغربية وداد لصفر عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إن التحول المجتمعي في المغرب تجاوز مجموعة من المفاهيم التي كانت أساس بناء المدونة عام 2004، من قبيل التكافل الإجتماعي والذي يشهد مجموعة من التغييرات نتيجة تغيير بنية الأسرة المغربية واستقلالية النساء وتغيير مفهوم القوامة.

وبينت أن الدراسات الإحصائية أظهرت وجود 20% من النساء تعلن أسرهن، في حين تساهم النساء بـ 45% من الناتج الداخلي، مشيرةً إلى أن القضاء لا يحتسب مساهمة النساء في اقتصاد الرعاية.

وأوضحت تعارض مضامين المدونة مع مقتضيات دستور 2011 الذي جاء بمبادئ جديدة كالمساواة والمواطنة الكاملة للنساء، فضلاً عن سمو المواثيق الدولية "هناك تناقض للمدونة مع الدستور على مستوى ثلاث مسارات، أولها اعتماد مجموعة من أحكام المدونة على مبدأ القوامة، بينما يرتكز ثاني مسار على اعتماد النص القانوني على أحكام الإرث التي لا تتناسب مع تحولات المجتمع خاصة مع تلاشي الأسرة الممتدة، أما ثالث مسار الذي تتعارض فيه المدونة مع الدستور هو عدم انسجام المدونة مع مفهوم المصلحة الفضلى للطفل".

وقالت إن القوانين أحد قنوات تغيير العقليات، وهو ما يبرر اليوم مطلب تغيير المدونة تغييراً شاملاً، وشددت على أن المدونة الجديدة يجب أن تراعي مبدأ العدالة الإجتماعية والمساواة، والمصلحة الفضلى للأطفال، بحيث لا يمكن الحديث عن مصلحة الطفل ولازال يسمح بزواج القاصرات، أو حرمان الطفل من والدته في حالة زواجها للمرة الثانية.

وتسعى جمعية التحدي للمساواة والمواطنة إلى رفع مذكرة المطالبات لصانعات وصناع القرار السياسي، والمعنيات والمعنيين، كما من المقرر تنظيم عدد من اللقاءات مع قيادات الأحزاب المغربية، ورؤساء الفرق واللجان البرلمانية، ومسؤولي ومسؤولات القطاعات الحكومية الدستورية.