تونس... ناشطات وحقوقيات تطالبن بالمساواة في الإرث

سلطت ناشطات حقوقيات في تونس بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الريفية الضوء على كيفية تأمين العدالة الاجتماعية والمساواة في تقسيم الثروة وولوج النساء للأرض والاستفادة منها.

زهور المشرقي

تونس ـ تعمل جمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، على تحسين وضعية مختلف فئات النساء دون تمييز وإقصاء، كما تناضل من أجل مناهضة العنف.

نظم أمس السبت 15 تشرين الأول/أكتوبر، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الريفية، الفرع الجهوي للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بصفاقس ندوة تحت شعار "العدالة الاجتماعية والمساواة ولوج النساء إلى الأرض".

ودعت الناشطات والحقوقيات المشاركات في اليوم العالمي للمرأة الريفية، إلى النظر في مسألة المساواة في الإرث، لنيل النساء حق في تملك الأرض والتمتع بخيراتها.

وعلى هامش الندوة قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي، إن اختيار الحديث عن النساء الريفيات يأتي تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الريفية وفي صلب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، مشيرةً إلى أن الندوة تطرقت لكيفية تأمين العدالة الاجتماعية والمساواة في تقسيم الثروة.

وأوضحت "بالنسبة لنا مهما كان من يملك الأرض أو الثروة الطبيعية، فإن النساء لازلن تعانين تمييزاً وحيفاً في مسألة تملك الأرض والاستفادة".

وأشارت إلى إنه مع تنامي ظاهرة الحرقة وتأزم الأوضاع التي كانت النساء الأكثر تضرراً منها بات تمكين النساء من الأرض حقاً مستحقاً لضمان حقها في الثروات الطبيعية التي تساهم في إنتاجها، مشددةً على أن النساء هن المعيلات بدرجة أكبر حيث تشكلن نسبة 51% من العائلات التونسية وهن بحاجة للأرض أكثر من غيرهم.

وأضافت بأن الحديث عن العدالة الاجتماعية يعني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها العائلة التونسية، مؤكدةً أن الخلل في العدالة الاجتماعية يتمثل في منوال التنمية وكيفية ضمان تلك الحقوق والحريات والمساواة وعدم التمييز الإيجابي للجهات المحرومة والمفقرة والمهمشة، وفي سياسة الحكومة التي لا تأخذ بعين الاعتبار العدالة الاجتماعية والمساواة الجندرية وخاصة التمييز بين الجنسين والجهات.

 

 

ومن جانبها قالت رئيسة الفرع الجهوي للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بمحافظة صفاقس نعمة نصيري، أن الندوة تناولت تحديات المرحلة المقبلة المتمثلة في كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية وولوج النساء إلى الأرض وكيفية تحقيق المكاسب للخروج من العدالة الاجتماعية الشكلية في المنح، لافتةً إلى أن الجمعية وضعت تحديات تتمثل في توفير العدالة الاجتماعية للنساء بما فيها تكافؤ الفرص وحق العمل وحق الولوج إلى الخدمات الاجتماعية وبخاصة ضمان حقهم في الصحة، إضافة إلى مسألة المساواة في الضرائب الاجتماعية والتمتع بثروات البلاد الطبيعية التي باتت حكراً على الرجال أو فئة البرجوازية.

وأضافت "وجب فهم مقاربة وزارة الفلاحة لتمكين النساء من الأرض وعدد الأراضي التي يمكن تقديمها للنساء للاستفادة منها وهل العقارات في تونس يمكن تسويتها لصالح النساء"، مؤكدةً أنه حان وقت النظر في مسألة المساواة في الإرث، لنيل حق النساء في ملك الأرض والتمتع بخيراتها.

 

 

بينما قالت منسقة تنسيقية تونس للمسيرة العالمية للنساء سعاد محمود، أن ولوج النساء إلى الأرض سيساهم بدرجة أولى في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة على الأقل في ملكية الأرض التي يمكن أن تنجح النساء في تحقيق الاكتفاء الذاتي منها وتوفير قوتهن بطريقة مبسطة، مشددةً على أن الوصول إلى الأرض لن يتحقق ما لم تتوفر الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمادية التي تجعل النساء تنتجن وتطورن أعمالهن في الأرض.

وأوضحت أن الحكومة مطالبة بتوفير أدنى الإمكانيات التي تهيئ للمرأة الأرضية للعمل في ظروف جيدة حتى لا يتم تسجيل أي إخلالات على مستوى الصحة والأداء.

 

 

فيما اعتبرت الأستاذة المحاضرة بكلية الحقوق بصفاقس لمياء ناجي، أنه لا يمكن الحديث عن مساواة حقيقية إذا ظلت هناك ازدواجية الميزان بين المرأة والرجل وكذلك إذا وقع الإبقاء على مجلة الأحوال الشخصية التي كانت قاطرة للتغيير، لكن فيما يتعلق بالميراث أصبحت لا تتماشى مع المجتمع التونسي وباتت عبئاً على النساء حيث يتم استغلالهن بشكل مضاعف فتحرمن من الميراث بصفة كلية.

وأوضحت أن مسيرة المطالبة بالحقوق والمساواة وقد بلغت خطوة التأثير في السلطة السياسية من قبل المجتمع المدني الذي يناضل منذ عقود من أجل كل المكاسب التي حققتها الحركة النسوية والتي انتهت بالمطالبة عبر مشروع قانون كامل في تحقيق المساواة في الإرث الذي يعتبر ثورة في مجال الحقوق، داعيةً إلى المزيد من العمل وتضافر الجهود الجماعية من أجل استكمال المسار والمسيرة والضغط في اتجاه العودة إلى المبادئ التي قامت على أساسها الثورة والمتمثلة في المساواة الاجتماعية والعدل والكرامة والسعي إلى فرض وتكريس المساواة في الإرث وحق ملكية الأرض.

 

 

وبدروها، قالت الأستاذة المختصة في علم الاجتماع فتحية السعيدي إن المساواة كمفهوم هي ثقافة في صلبها مجموعة من القيم، معتبرةً أن الحرية وعدم التمييز مسائل اجتماعية تدخل تصوراً كاملاً للمجتمع الذي وجب أن يتساوى فيه الطرفين بعيداً عن الانتهاكات التي تمس النساء وتستهدف حقوقهن وحرياتهن.

وأشارت إلى أنه وجب وضع تصور جديد ورؤية لا تكون فيه حقوق النساء في العمل منتهكة، ولا تغيب فيها حقوقهن في تكافؤ الفرص وخرق لمبدأ التناصف، لافتةً إلى أن النساء الديمقراطيات تناضل على امتداد تاريخها من أجل خدمة واقع النساء وتدفعهن للتغيير والإصلاح من أجل غد أفضل لهن.

وأكدت على أهمية إنشاء مشروع مجتمعي جديد يكرس مبدأ المساواة التامة والعدالة الاجتماعية والعدل، مشددةً على أن الجمعية تعمل على تحسين وضعية مختلف فئات النساء دون تمييز وإقصاء، وتناضل من أجل مناهضة العنف واستقبال الضحايا وتوجيههن بغض النظر عن أصلهن الاجتماعي والمستوى العلمي.