تقرير أممي يدعو لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة للحد من تراجع النمو الاقتصادي العالمي
من المقرر أن يصل التضخم العالمي إلى 6.7% خلال العام الجاري، مع ارتفاع حاد في أسعار الغذاء والطاقة إثر الحرب الدائرة في أوكرانيا.
مركز الأخبار ـ في أحدث تقرير عن الوضع الاقتصادي العالمي والتوقعات، نشر من قبل إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، أمس الأربعاء 18 أيار/مايو، أوضحت الأمم المتحدة أنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.1% فقط هذا العام مما يشكل انخفاضاً من الـ 4% التي كانت متوقعة في كانون الثاني/يناير الماضي بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا إلى حد كبير.
تكشف توقعات منتصف العام كيف أدى الصراع الدائر في أوكرانيا إلى قلب التعافي الاقتصادي الهش من جائحة كورونا، مما تسبب بأزمة إنسانية في أوروبا، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع، وتفاقم الضغوط التضخمية.
ومن المقرر أن يصل التضخم العالمي إلى 6.7% هذا العام، أي ضعف المتوسط خلال الفترة من 2010 إلى 2020 البالغ 2.9%، مع ارتفاع حاد في أسعار الغذاء والطاقة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "إن الحرب في أوكرانيا بجميع أبعادها تثير أزمة تدمر أيضاً أسواق الطاقة العالمية وتعطل الأنظمة المالية وتفاقم نقاط الضعف الشديدة للعالم النامي".
وشدد على أنه هناك "حاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لضمان التدفق المستمر للغذاء والطاقة في الأسواق المفتوحة، من خلال رفع قيود التصدير، وتخصيص الفوائض والاحتياطيات لمن يحتاجون إليها، ومعالجة الزيادات في أسعار المواد الغذائية لتهدئة تقلبات الأسواق".
ويشمل خفض آفاق النمو الاقتصاديات الأكبر في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى غالبية الاقتصادات المتقدمة والنامية الأخرى، كما يؤثر ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بشكل خاص على الاقتصادات النامية التي تستورد السلع الأساسية، وتتصاعد التوقعات بسبب تفاقم انعدام الأمن الغذائي، لا سيما في أفريقيا.
ويتطرق التقرير إلى تأثير التداعيات غير المباشرة للحرب في أوكرانيا على مناطق مختلفة، فالحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، تسبب إلى جانب الخسائر المأساوية في الأرواح والأزمة الإنسانية التي تتكشف؛ بخسائر فادحة في اقتصادات البلدين، كما تأثرت الاقتصادات المجاورة في آسيا الوسطى وأوروبا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.
وتسبب الارتفاع في أسعار الطاقة في صدمة للاتحاد الأوروبي، الذي استورد ما يقارب من 57.5% من إجمالي استهلاكه الطاقة في عام 2020، ومن المتوقع أن يشهد الاتحاد نمواً اقتصادياً بنسبة 2.7% فقط عوضاً عن 3.9% المتوقعة في كانون الثاني/يناير الماضي.
كما تم استيراد ما يقارب من ربع استهلاك الطاقة في أوروبا من النفط والغاز الطبيعي من روسيا في عام 2020، ومن المرجح أن يؤدي أي توقف مفاجئ في التدفقات إلى زيادة أسعار الطاقة والضغوط التضخمية.
ويشير التقرير إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق، قد تأثرت بشدة لأنها تعاني بالفعل من معدلات تضخم أعلى بكثير من متوسط الاتحاد الأوروبي، ففي البلدان النامية والأقل نمواً في العالم حيث ينتشر الفقر ويظل نمو الأجور مقيداً في حين أن الدعم المالي لتقليل تأثير ارتفاع أسعار النفط والغذاء محدود، يؤدي التضخم المرتفع إلى خفض الدخل الحقيقي للأسر.
كما أن ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة له آثار إضافية على بقية الاقتصاد مما يمثل تحدياً للتعافي الشامل بعد الجائحة حيث تتأثر الأسر ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب، بالإضافة إلى أن "التضييق النقدي" من قبل الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة، وهو السلطة المصرفية المركزية في البلاد، من المقرر أيضاً أن يرفع تكاليف الاقتراض ويزيد فجوات التمويل سوءاً في الدول النامية، بما في ذلك أقل البلدان نمواً في العالم.
ولفت رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والمؤلف الرئيسي للتقرير حامد راشد إلى أنه "على البلدان النامية الاستعداد لتأثير التضييق النقدي القوي من قبل الاحتياطي الفيدرالي ووضع تدابير احترازية كلية مناسبة لوقف التدفقات الخارجة المفاجئة وتحفيز الاستثمارات الإنتاجية".
وتدور الحرب الروسية الأوكرانية في وقت وصلت فيه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى مستوى قياسي، وسيؤثر ارتفاع أسعار الطاقة أيضاً على الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ، فمن المتوقع أن يزداد إنتاج الوقود الأحفوري على المدى القصير بحسب التقرير، خاصةً مع تطلع الدول إلى توسيع إمدادات الطاقة وسط ارتفاع أسعار النفط والغاز.
وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع أسعار النيكل والمعادن الأخرى قد يؤثر سلباً على إنتاج السيارات الكهربائية، في حين أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يحد من استخدام الوقود الحيوي.
وأوضح مدير السياسات والتحليل الاقتصادي في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية شانتانو موخيرجي "يمكن للبلدان معالجة مخاوفها المتعلقة بالطاقة والأمن الغذائي، التي ظهرت في المقدمة بسبب الأزمة، من خلال تسريع اعتماد مصادر الطاقة المتجددة وزيادة الكفاءات، وبالتالي تعزيز مكافحة تغير المناخ".