في اليوم العالمي للمرأة الريفية... رغم العراقيل والصعوبات الريفيات تغيرن الواقع

تحيي تونس كسائر الشعوب والبلدان اليوم العالمي للمرأة الريفية الذي يوافق 15 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، للعمل على النهوض بأوضاع النساء والفتيات في المناطق الريفية.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تواجه العاملات الريفيات في تونس عدة صعوبات منها الأجر الزهيد مقابل العمل الشاق، النقل بواسطة شاحنات سميت بشاحنات الموت، العنف اللفظي والجسدي والمعنوي والتحرش الجنسي، الأمراض السرطانية بسبب غياب وسائل الحماية من مخاطر المبيدات، الأمر الذي دفعهن لتنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بحقوقهن.

 

إشكاليات متراكمة

ومنذ أسبوعين نظمت مجموعة من العاملات الريفيات وقفة احتجاجية بالتعاون مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمطالبة بحقوقهن ولكن الحكومة لم تتفاعل معهن وهو ما دفعهن لإصدار بيان جاء فيه "يتزامن إحياء اليوم العالمي للمرأة الريفية هذا العام مع مرور أسبوعين تقريباً على أول وقفة احتجاجية نفذتها عاملات في القطاع الفلاحي، وكانت الوقفة قد جمعت عاملات من مختلف الولايات تحت شعار "اعترفوا بنا"".

وأضاف البيان "يلخص الشعار مسيرة نضالية بطلاتها نساء تحملن على اعتاقهن وفي كفوفهن وعلى جباههن أعباء ثقلت بثقل الأزمة التي يشهدها اقتصاد البلاد والقطاع الفلاحي بشكل خاص. هي أيضاً مسيرة نضالية لنساء قدمن في محطات كثيرة وبشكل مأساوي أرواحهن فاق عددهن الخمسون ضحية، بينما واصلت 710 جريحة حياة الشقاء ومسيرة النضال في ظل ظروف اجتماعية صعبة وغياب لأبسط حقوق الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية".

وأشار البيان إلى أنه "رفعت المحتجات في الثالث من تشرين الأول الجاري، مطالب تلخصت في حقهن بالضمان الاجتماعي وفي الأجر اللائق وفي التغطية الصحية وفي نقل آمن، وجمعيها كلها تحت مطلب الاعتراف بهن كيدٍ عاملة لها ما لغيرها من حقوق العمل المنصوص عليها في المعاهدات الدولية وفي القوانين".

وأوضح البيان أن "منظمات المجتمع المدني ومدافعي/ات حقوق الإنسان لا يزالوا يطالبون بوقف الانتهاكات التي تعاني منها هذه الفئة من النساء، وبوضع آليات لتطبيق القوانين المناهضة للعنف المسلط عليها. نداءات قوبلت من طرف الجانب الرسمي ومن الحكومات المتعاقبة بالمماطلة وبالقرارات الارتجالية وبالقوانين الفضفاضة كالقانون عدد 51 لعام 2019 المتعلق بإنشاء صنف نقل خاص بالعاملات في القطاع الفلاحي والأمر الحكومي عدد 379 لعام 2019 المتعلق بأساليب تطبيق القانون عدد 32 لعام 2002 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي لبعض الأصناف من العاملات في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي".

وأضاف "ونداءات قوبلت ببرامج وهمية واتفاقيات إطارية على غرار الاتفاقية الإطارية الموقعة في تشرين الأول 2018 بين وزارة المرأة ووزارة الفلاحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والرامية إلى إرساء آليات خصوصية لتمكين العاملات في الوسط الريفي والقطاع الفلاحي على وجه الخصوص للاستفادة من التغطية الاجتماعية. إلى جانب عدة برامج أخرى لم ترَ النور ولم يكن لها أي أثر إيجابي على وضعية العاملات".

واستنكر البيان حالة الصمت والسلبية التي تعاملت بها كل الوزارات تجاه المطالب التي رفعت في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2022، مذكراً كل الوزارات المتدخلة في ملف عاملات القطاع الفلاحي بمسؤولياتها وفق ما نصت عليه جملة القوانين والاتفاقيات.

ودعا البيان رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة إلى عقد مجلس وزاري والإعلان عن خطة عاجلة تتولى فيها كل وزارة مهاماً واضحة قابلة للتطبيق من أجل إنقاذ العاملات من خطر الشاحنات، وتطبيق القانون عدد 51 لعام 2019 بوضع آليات تحمي العاملات من الاستغلال والعنف والتمييز.

وطالب كل المنظمات الحقوقية ومكونات المجتمع المدني بالالتفاف حول مشاغل النساء العاملات في القطاع الفلاحي ودعمهن ميدانياً وإعلامياً وقانونياً للتصدي لكل الانتهاكات التي تتعرضن لها.

 

المدارس الحقلية أحد الحلول

على الرغم من تردي الواقع المعيشي للريفيات، إلا أن البعض منهن نجح في تغييره نحو الأفضل ومواجهة الصعوبات منهن آمنة يعقوبي امرأة ريفية تهتم بتقطير النباتات بطريقة تقليدية وتواجه العديد من الصعوبات شأنها شأن جميع الريفيات، خاصةً في مجال ترويج المنتج، ولكن إقامة مدرسة حقلية في منطقة طنقار مكنتها من التعرف على أنواع جديدة من النباتات العطرية والطبية ومنها نبتة عرفت بزراعتها في مصر.

وأضافت أنها تبرعت بجزء من أرضها لتدريب مجموعة من الريفيات وكن في حدود الـ 15 امرأة حتى أصبحن 40 امرأة وانتفعن بالتدريب، كما خصصت غرفة من منزلها لتلقي دروس التكوين وكذلك تعلم الأبجدية في إطار برنامج تعليم الكبار الذي يؤمنه مركز تعليم الكبار بدعم من الكنفدرالية الألمانية.

ولفتت إلى أنه "قامت المجموعة بتكوين مجمع ساعدهن على ترويج المنتج ولكن المرأة الريفية تواجه العديد من الصعوبات خاصةً البيروقراطية والإجراءات القانونية المعقدة وارتفاع كلفة استخراج الوثائق"، مشيرةً إلى أنه  "نفتقر إلى مقر للمجمع الذي يقف حجرة عثرة أمام المجموعة ويمنعها من تطوير عملها، وكذلك إلى نقص الإرشاد الفلاحي الذي يساعدها على خدمة الأرض بطريقة علمية".

وأكدت على أنها تحدت جميع الصعوبات والعراقيل، وتواجه الحياة وتربية الأبناء بمفردها بعد وفاة زوجها وتطمح إلى تغيير واقعها الصعب نحو الأفضل بالتعاون مع مجموعة النساء المنخرطات في المجمع، لافتةً إلى أن المرأة الريفية تفتقر إلى المال فهي تحصل على مصروفها اليومي من زوجها أو ابنها وتتطلع للحصول على قرض لتطوير العمل الجماعي الذي تقوم به، وذلك في إطار تطوير العقليات والتعاون لأنه أهم بكثير من العمل الفردي، كما تواجه صعوبات في الحصول على مياه الري.

وذكرت آمنة يعقوبي أنها تعيل ابنيها في التعليم لذلك تعمل عاملة بشركة فلاحية، وفي نفس الوقت تعمل في حقلها وتوفق بين الاثنين بصعوبة ولكن طموحها ورغبتها في تغيير وضعها أكبر من الصعوبات التي تواجهها، وتطمح إلى زراعة الورد العربي لأنه مطلوب في الأسواق وأسعاره جيدة.

 

 

طموح غير محدود

عروسية ساسي امرأة ريفية، والعمل الفلاحي هو مصدر رزقها الأساسي لذلك تتفانى في زراعة كل أنواع النباتات والخضار وكل ما تنتجه الأرض من خيرات "كامرأة ريفية أرغب في تطوير معارفي الفلاحية وتلقي التدريب في أي مجال".

وأضافت "المرأة الريفية لديها طموحات كبيرة وقادرة على ما هو أفضل لو تم تذليل الصعوبات التي تتعرض لها ومنحها بعض الدعم"، مشيرةً إلى أن المرأة الريفية التونسية منذ القدم تعمل في الفلاحة وتؤمن الغذاء لشعبها وتشارك زوجها نفقات العائلة، وفي يومنا الحاضر ازداد دورها أهمية مع عزوف الشباب عن خدمة الأرض.

وبدورها قالت زكية يحياوي إنها ليست من عائلة فلاحية ولكن عائلة زوجها لديهم أراضي فلاحية لذلك توجهت نحو تلقي تدريب في النباتات العطرية والطبية في إطار المدارس الحقلية، وترغب في التدريب على الدجاج العربي خاصةً والاهتمام بالأشجار المثمرة، كما ترغب في فتح مشروع فلاحي لأن طموح المرأة بالنسبة لها ليس له حدوداً.