الملتقى السنوي الثاني للنقابيات وأدوات تفعيل المشاركة النسائية
يعد تمكين النساء من الوصول إلى المراكز القيادية في النقابات المهنية واحد من أبرز القضايا التي تشغل المهتمين بقضايا المرأة لما له من أولوية لتحقيق العدالة في التمثيل والمشاركة
أسماء فتحي
القاهرة ـ ، وتحجيم التمييز على أساس النوع الاجتماعي.
تعاني الكثير من العاملات في النقابات المهنية من الاضطهاد والرفض لمجرد كونهن نساء بل وتهدر حقوقهن لأن الاختيار لا يحدده في المقام الأول مدى الكفاءة أو القدرة على العطاء والتميز، بل أن هناك عوامل تفضيلية أبرزها التي تكون على أساس الجنس، والأمر قد يتطور للتعدي اللفظي وأحياناً بدني إذا ما قررت خوض الانتخابات في مواجهة بعض الرموز الذكورية أو خوض العمل العام إجمالاً.
"النقابيات تستطعن مساعدة بعضهن للإمساك بزمام الأمور"
قالت رئيس مؤسسة المحاميات المصريات هبة عادل، أن النقابات غير منفصلة عن بعضها، فبينها الكثير من الروابط المشتركة، فهي ليست جزر منعزلة، وبينت أن النقابيات تستطعن مساعدة بعضهن البعض للإمساك بزمام الأمور، معتبرةً أن النقابات إلى حد كبير مناخ آمن للمشاركة الفعالة للنساء، وأن العمل النقابي هو المستهدف لتعزيزه وتنميته خلال الفترة المقبلة.
وأضافت أن الملتقى السنوي الثاني للنقابيات الذي انطلق الخميس 24 شباط/فبراير، اختلف كثيراً في تشكيله عن السابق بعد أن مرت النساء بتجارب انتخابية، ولديهن من الخبرات ما هو كافي لعرضه في هذا اللقاء، كما أنه يحتوي على مجموعة اندمجت في حملات سابقة وتماشت مع العمليات الانتخابية المختلفة وتحملن أفكار وخبرات يمكنها أن تعزز قدرات غيرهن من الحضور، لذلك من المقرر أن يتم عرض تجاربهن خلال الجلسات المقبلة.
واعتبرت هبة عادل، أن الفائدة الأكبر ستتحقق للحضور ممن لا تحملن أي خبرات سابقة في العمل النقابي وتسعين لتعزيزها بمشاركتهن في الملتقى الثاني.
وأكدت على أن الملتقى استهدف تنويع الحضور فقد تم اختيار نماذج من محافظات مختلفة ليتسنى للمشاركات أيضا التعرف على ما يحدث في صعيد مصر أو مدن القناة على سبيل المثال، لأن فيهما عوامل أخرى تعيق قدرة النساء في الوصول للمقاعد والفوز في الانتخابات.
الملتقى يستهدف تعزيز مشاركة النساء بحسب نسبة تمثيلهن
فيما اعتبرت فاطمة يحيى وهي محامية بالاستئناف، ومنسق مبادرة المحاميات المصريات، أن الملتقى الثاني هو امتداد للأول المنعقد عام 2021 ولكن الشعار تغير فبدلاً من الدعوة لانتخاب المحاميات اتسع الأمر ليشمل النقابيات بشكل عام.
وأضافت أن العمل على نشر الوعي بخصوص المسألة الانتخابية أمر هام وضروري للغاية لأن الشهر الجاري والقادم تجرى خلالهما انتخابات في عدد من النقابات المهنية، لذلك يتم العمل على دعم ومساندة وتبادل الخبرات والأفكار خلال تلك الفترة التي تحتاج النساء فيها إلى خبرات وأفكار مختلفة قبل خوض الانتخابات.
وأوضحت فاطمة يحيى أن إشراك نقابيات أخريات بجانب المحاميات ناتج عن دراسة تم إعدادها على أرض الواقع بشأن التمثيل النسائي، وتمت ملاحظة ضعف التمثيل النقابي للنساء ليصل متوسطه إلى نحو 1 لـ 3% فقط من حجم المشاركة، رغم كبر حجم المسجلين من النساء فعلياً في هذه النقابات، لافتةً إلى أن الملتقى وغيره من النشاطات والفعاليات يستهدف تحقيق العدالة النسبية في هذا التمثيل.
وأشارت إلى أن اليوم الأول من الملتقى تمثل في جلسات تعارف وتبادل للأفكار وبدأ العمل بأنشطة بسيطة تستهدف إدماج المشاركات الجدد مع القدامى، وتبادل المشاركات والخبرات الخاصة بالعمل النقابي وأيضاً نقل صورة وأوضاع النساء من المحافظات المختلفة سواء على المستوى المجتمعي أو العمل النقابي والتأثير في مراكز صنع القرار.
تمكين النساء يبدأ من تعزيز مهاراتهن وقدراتهن
واحدة من الأزمات التي تعاني منها النساء في صعيد مصر هو التدخل القبلي في الانتخابات وتحديد مسارها وفق أهواء ورغبات القبلية بمعايير قد لا تستند إلى حد كبير إلى الكفاءة.
النقابية سامية ذكي تحدثت عن تجربتها الخاصة في الانتخابات التي تمت بمحافظة نجع حمادي في صعيد مصر، مؤكدةً أن أزمتها الأساسية كانت تكمن في كونها من القاهرة ولا تنتمي إلى الصعيد فهي فقط تزوجت هناك، معتبرةً أن القبلية هي العائق الأكبر الذي واجهها وحال دون نجاحها في الانتخابات.
وأضافت أن المؤتمر فرصة لجمع التجارب وتبادلها فيما بين النساء وأنه نجح في اليوم الأول بنسبة لا تقل عن 95% فيما هدف إليه من تقريب وجهات النظر بين المشاركات، والتعرف على العقبات التي تواجه كلاً منهن وعلى رأسها الحرب التي تدار ضد المرأة على أساس النوع في مختلف المحافظات بشكل عام وفي الصعيد على وجه الخصوص.
وأوضحت أنها خاضت الانتخابات ولم يتسنى لها النجاح، وذلك لأنها كانت تواجه الاختيار القبلي، معتبرةً أن تلك التجربة أكسبتها الكثير من المهارات والخبرات وباتت تدرك أن عليها التغلغل أكثر بالمجتمع الذي ترغب في تمثيل أفراده نقابياً، وبينت أن واحد من أسباب حضورها للمؤتمر هو تعزيز تلك الخبرات وتنميتها والوقوف على أدوات أخرى تمكنها من النجاح في الانتخابات المقبلة.
ومن جهتها قالت هيام الجنايني التي تعمل على قضايا العنف وتمكين النساء، أن التمكين يبدأ من إدراك كل امرأة لقدراتها وتعزيز ثقتها بما ترغب في تقديمه للغير ولنفسها، والملتقى الحالي يعمل على تبادل الأفكار والتجارب وهو ما يساعد إلى حد كبير في تسهيل العمل بعد التعرف على أبرز المشاكل والمعوقات المنتشرة والأسباب التي يتم على أساسها الاختيار سواء كانت قبلية أو تمييزية بحسب طبيعة كل مكان.
وأكدت أن المرأة تعاني من عنف مستمر على كل المستويات بمجرد قرارها خوض العمل العام، فالاختيار بالأساس يتم على أساس النوع، ويلي ذلك تسريب الشائعات والعبارات المحبطة والتي تدخل في إطار العنف اللفظي سواء أنها لا يمكنها الإنفاق على الحملات أو ممارسة الأنشطة أو التعبير عن دونيتها، بالمقارنة بالرجل المرشح في مواجهتها من وقت لآخر لهز ثقتها بنفسها وقدراتها.
وأشارت هيام الجنايني إلى أن الملتقى وغيره من الفاعليات يعزز من مشاركة النساء، ويكسبهن خبرات العمل النقابي ويساهم إلى حد كبير في تجاوز حالة القلق والخوف التي تسيطر على بعضهن، وتمنعهن من خوض المعارك بل وتعيق عملهن على تنمية مهاراتهن.