إيران... احتجاجات حاشدة وارتفاع عدد القتلى بسبب القمع

على الرغم من القمع المستخدم ضد المحتجين، إلا أن الدعوات لعقد تجمعات في جميع أنحاء إيران وكذلك في عدد من البلدان حول العالم مستمرة.

مركز الأخبار ـ تستمر الاحتجاجات الإيرانية في يومها السابع والعشرين، ورغم القمع الشديد الذي يتعرض له المتظاهرين، إلا أن صرختهم بترديد شعار"Jin jiyan azadî" مستمرة في الشوارع.

بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات اضرب المسوقين ورجال الأعمال في مدن شرق كردستان، وانتشرت الاحتجاجات في شوارع مدن سنه ومريفان وديغولان ومهاباد وبانيه وبوكان وساربول وكرماشان وسقز مرددين شعار "Jin jiyan azadî" و"الموت للديكتاتور".

تسود أجواء أمنية شديدة في المدن، وتمركزت قوات عسكرية من مدن إيرانية أخرى في مدن شرق كردستان،  مع استمرار اعتقال المدرسين والطلاب والنشطاء السياسيين والمدنيين، وإطلاق النار خوفاً من تصاعد حدة التظاهرات.

وبحسب الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي فإن قوات الجيش اقتحمت جامعة طهران لقمع الطلاب. كما قوبل أعضاء نقابة المحامين الإيرانيين الذين نظموا مسيرة سلمية أمام مبنى النقابة ورددوا شعار "محامون يؤيدون الوطن والمحامون يضحون بالوطن" بالغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن.

وقامت القوات المتخفية بالزي المدني في طهران باعتقال المتظاهرين بعنف، فيما أظهرت الفيديوهات عناصر الأمن الإيراني وهي تستخدم الغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين في حي "أرجنتين" بالعاصمة الإيرانية.

وتزامناً مع دعوات الاحتجاج قامت السلطات الإيرانية بقطع الإنترنت عن الهواتف المحمولة، وأعلنت "نت بلوكس"، وهي هيئة مراقبة حرية الإنترنت العالمية، عن اضطراب واسع النطاق في الوصول إلى الإنترنت في إيران أمس الأربعاء 12 تشرين الأول/أكتوبر، تزامناً مع دعوة تنظيم احتجاجات على مستوى البلاد.

وأفاد المجلس التنسيقي للمعلمين في إيران باعتقال مديرة مدرسة بمدينة "كرج" لرفضها تسليم صور كاميرات المدرسة لضباط الأمن، وحذف محتوياتها قبل وصول عناصر المخابرات. وقال المجلس إن القوات الأمنية اعتقلت المديرة "عقاب نشين" أمام التلميذات.

وتظهر مقاطع فيديو أن محتجين قلبوا سيارة للشرطة في كرج أثناء احتجاجات أمس الأربعاء، وأظهرت العديد من الفيديوهات قيام المحتجين بكتابة الشعارات المناهضة للنظام على الجدران دون خوف.

وأعلن المتحدث باسم جمعية أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية، حامد إسماعيليون، أنه دعماً للانتفاضة الشعبية ضد النظام الإيراني، ستنظم مظاهرة كبيرة تحت عنوان "حان وقتها" في برلين بألمانيا، يوم السبت 22 تشرين الأول/أكتوبر.

 

مطالب بوقف اعتقال التلاميذ

بعد تصريحات وزير التربية والتعليم حول انتفاضة الطلاب ضد النظام الإيراني؛ أعرب المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين الإيرانيين عن قلقه إزاء أوضاع التلاميذ "الموقوفين" في البلاد، مطالباً النظام بإنهاء ظاهرة "عسكرة" المدن وسياسة ترهيب واحتجاز الطلاب الصغار.

وقال المجلس في بيان له "في الأيام الأخيرة، بعد مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق، شهدنا انتشاراً متزايداً لاحتجاجات المواطنين في جميع أنحاء البلاد، ولسوء الحظ، بدلًا من الاستماع إلى أصوات الأشخاص الذين طالبوا بحقوقهم الأساسية والتوضيح بشأن مقتل مهسا، يرد النظام على المواطنين بالرصاص والغاز المسيل للدموع والهراوات وبث الرعب".

 

ارتفاع عدد القتلى

نشرت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية إحصائيات جديدة حول ضحايا الاحتجاجات التي وصلت إلى 201 شخص بينهم 23 طفلاً.

جاء في تقرير المنظمة الإيرانية لحقوق الإنسان "خلال الأيام الثلاثة الماضية، شهدت مدينة سنه انتفاضة واسعة النطاق وأعمال عنف وحشي من قبل القوات العسكرية، وهذه الإحصائية لا تشمل عدد شخص قتلوا في الأيام الثلاثة الماضية في هذه المدينة".

وحذرت المنظمة من القمع الدموي في مدن شرق كردستان وخاصة مدينة سنه، وطالبت المجتمع الدولي بالرد ومنع قتل المواطنين الكرد. هذا على الرغم من حقيقة أنه في الأيام الأخيرة، تم اعتقال العديد من الأطفال في المدارس والشوارع من قبل القوات النظام القمعية، وتؤكد مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي تقارير عن ممارسة السلطات للعنف ضد الأطفال.

وأوضحت المنظمة في تقريرها "التظاهر حق للأطفال والأمم المتحدة ملزمة بالضغط على السلطات الإيرانية لاحترام حقوق الأطفال وقوانينهم. كما وردت أنباء متكررة عن تعرض المتظاهرين لسوء المعاملة والتعذيب على أيدي القوات القمعية، وتوفي اثنان على الأقل من القتلى مؤخراً في الحجز".

وأضاف "بعض المحتجين الذين أصيبوا في بداية التظاهرات توفوا فيما بعد بسبب عدم استقبالهم من قبل المراكز الطبية أو العلاج في المنزل خوفاً من الاعتقال".

 

فرض عقوبات على إيران

وافقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مساء الأربعاء على معاقبة المسؤولين الإيرانيين الضالعين في قمع التظاهرات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني.

وقالت مصادر دبلوماسية أن الاتفاق السياسي الذي توصل إليه سفراء الدول في بروكسل يجب أن يؤكده وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم الاثنين 17تشرين الأول/أكتوبر في لوكسمبورغ.

وأعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أن فرنسا تقف إلى جانب المتظاهرين في إيران، وأبدى إعجابه بـ "النساء والشباب" الذين يتظاهرون منذ وفاة الشابة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من اعتقالها لدى شرطة الأخلاق في طهران.

وبدورها قالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي إن استخدام النظام الإيراني للعنف ضد المتظاهرين أدى إلى مقتل مدنيين بينهم أطفال "على النظام الإيراني وقف الاعتقال التعسفي المستمر وسوء معاملة المتظاهرين"، مشيرة إلى أن كندا تندد بهذه الممارسات.

وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "طلبنا محاسبة المسؤولين عن قمع النساء. حان الوقت لمحاسبتهم. لا يمكن أن يبقى العنف الصادم الذي يتعرض له الشعب الإيراني من دون رد".

وطالب النواب الأوروبيون بأن يدرج على القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي "مسؤولون إيرانيون، خصوصاً جميع الأفراد المرتبطين بـ "شرطة الأخلاق" والذين يثبت تواطؤهم أو مسؤوليتهم في وفاة مهسا أميني وأعمال العنف بحق المتظاهرين".

والأفراد الذين يعاقبهم الاتحاد الأوروبي لانتهاكهم حقوق الإنسان يمنعون من دخول أراضي الاتحاد وتجمد أصولهم في الدول الأعضاء.

وكان قد أقر الاتحاد الأوروبي في 12نيسان/ أبريل 2011، إجراءات لمعاقبة مرتكبي الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان في إيران.

وأضيفت تدابير أخرى في 23 آذار/مارس 2012، في مقدمتها حظر الوسائل التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي ولتلك التي يمكن استخدامها لمراقبة أو اعتراض الإنترنت والاتصالات على شبكات الهاتف النقال أو الثابت. وتسري هذه العقوبات حتى العام 2023.

 

عاملات: نتظاهر من أجل جميع حقوقنا المفقودة

أصدرت العاملات في شركة هفت تبه لصناعة قصب السكر، أمس الأربعاء، بياناً نددن فيه قوانين النظام الإيراني الكارهة للنساء والتحيز الجنسي، وأعلن أنهن تدعمن وتتضامن مع الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران، للتخلص من الظلم والقوانين غير المتكافئة في ظل الأوضاع المعيشة المتدهورة والأزمة الاقتصادية والوصول إلى الحقوق المفقودة للشعب الإيراني. ستنضم إلى الإضرابات في عموم إيران.

وجاء في البيان "في إيران، فرضوا علينا صراعاً بين الجنسين منذ الطفولة، ومدارس منفصلة، ولم يسمحوا لنا بالنظر إلى الأشخاص الاجتماعيين كبشر، لكن كان ينبغي أن ننظر إليهم على أنهم الجنس الآخر الذي يجب أن نبتعد عنه. اضطررنا لارتداء الحجاب منذ سن التاسعة. لقد قدموا لنا برنامجاً مثل الروبوت وكان علينا تنفيذه. لقد أخذوا الحرية من النساء والفتيات حتى لا يكونوا واعين ولا يتم تسليم أطفالهم إلى المجتمع. في مكان العمل، يجب أن نبتعد دائماً عن زملائنا، نحن كلنا بشر لسنا بحاجة إلى أي شخص لاتخاذ القرارات نيابة عنا. يمكننا حماية أنفسنا، لسنا بحاجة إليهم لحمايتنا وتقييدنا بقوانينهم وعاداتهم وأوامرهم ومعتقداتهم".

وأضاف البيان "بصفتنا عاملات، نفهم كل يوم أكثر من الأمس ما هو الاضطهاد الذي يمارس ضدنا. نسأل زملائنا الرجال الذين يحتجون ولديهم منظور إنساني ويريدون إنشاء مجتمع إنساني لأنفسهم وأخواتهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم، حيث يعيشون جميعاً بطريقة إنسانية وأخلاقية وصحية وجديدة وحرة، تعالوا وادعموا هذه الحركة. على الصعيد الوطني وللحقوق الإنسانية والاجتماعية والسياسية الأخرى التي ضاعت، وكذلك لكل الفقر والبؤس والحرمان الاقتصادي والاستغلال الذي فرض علينا".

وأكد البيان "أن هذه الاحتجاجات ليست ضد الحجاب فقط بل إنها من أجل المشاكل المعيشية والاقتصادية التي نمر بها، هذه الاحتجاجات هي لجميع حقوقنا المفقودة".