في اليوم العالمي لحرية الصحافة... كيف ترى الصحفيات الليبيات مستقبل الصحافة في ليبيا؟
لازالت الصحفيات والإعلاميات الليبيات يرينَّ أنه ثمة ضوء مشع في نهاية النفق المظلم، فعلى الرغم من تردي الوضع الصحفي في البلاد
ابتسام اغفير
بنغازي ـ ، وانحسار مساحة الحرية مع بداية الثورة عام 2011 حتى صنفت ليبيا عام 2021 بأنها من أكثر الدول التي تقمع العمل الصحفي بعد أن احتلت مرتبة متدنية (9 عالمياً، والـ 17 عربياً)، إلا أن كمية التفاؤل التي حملتها آراءهنَّ كبيرة جداً.
آراء الصحفيات الليبيات حول تقييم وضع الصحفيات في ظل هذه الأزمات المتكررة التي تعيشها البلاد تحفيزية حيث تقول الإعلامية بقناة الحدث الليبية هندية العشيبي "على الرغم من قدرة معظم الصحفيات الليبيات على التميز في اختيار المواضيع إلا إنهنَّ تنقصهنَّ بعض المهارات الصحفية المتعلقة بالكتابة والسرد، بالإضافة إلى مهارة التصوير".
وتشير إلى أن "أغلب الصحفيات يحتجنَّ إلى التدريب الذي يطور من مهارة الشخص ويميزه عن غيره"، وترى أيضا بأن "عدد الصحفيات الليبيات قليل جداً داخل المؤسسات الإعلامية"، وتضيف موضحة ذلك بأنه "قد يكون سبب قلة العدد هو عدم قدرتهنَّ على العمل في تلك المؤسسات والوصول إليها، أو رفض تلك المؤسسات تعيين الصحفيات إلا بشروط معينة".
جهل بعض الصحفيات بحقوقهنَّ والقوانين
وتؤكد هندية العشيبي على ضرورة التوعية بالقوانين والبنود الدستورية المتعلقة بحقوق الصحفيات وآلية تنظيم عملهنَّ، وتقول بأنها منزعجة من جهل بعض الصحفيات بهذه القوانين، الأمر الذي يكفل لهنَّ حقوقهنَّ بالقانون والدستور.
وتجيب عن حول سؤالنا كيف ترى حرية الصحافة مستقبلاً في ليبيا "بخصوص الفترة الحالية لا توجد حرية في العمل الصحفي إطلاقاً، على الرغم من أن المواد الدستورية تشدد على حق المواطنين في حرية الرأي والتعبير، ولكن طالما لا يوجد دولة بقواعدها وأساسياتها فلا يوجد حرية، ليس في العمل الصحفي فقط، بل في كل جوانب الحياة".
وتتمنى هندية العشيبي أن تحدث نقلة ووعي بأهمية الحرية، وحرية الرأي والتعبير خاصة لضمان حقوق المواطنين، وتشدد على ضرورة تعديل بعض بنود قانون العقوبات وخاصة المادة 128 التي تقيد عمل الصحفي والمؤسسات الصحفية بشكل كبير "طالما وجدت مثل هذه القوانين المقيدة للصحفي فلا توجد حرية، فالحقوق مستمدة من الدساتير والتشريعات وبدونها نكون مخالفين لها".
حرية الصحافة تستمد حريتها من الحرية المتاحة للمجتمع
وتشاركنا الصحافية بوكالة الأنباء الليبية سليمة الخفيفي رأيها بالقول "دخلت المرأة العربية إلى عالم الصحافة منذ أكثر من (125) عاماً، ورغم مرور كل ذلك الوقت، إلا أنها مازالت تواجه العديد من العراقيل التي تمنعها من ممارسة مهنتها بالشكل المطلوب، والصحفية الليبية أيضاً ليست بمنأى عن ذلك، فهي تواجه ما تواجهه زميلتها في جميع البلدان العربية، منها صعوبة ممارسة المهنة، والتي ترتبط بسلسلة من القيود كـ الأوضاع الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، كما تعد المصادر سبباً في ذلك من حيث صعوبة الوصول أو التعامل مع بعضها".
وتضيف حول مستقبل حرية الصحافة في ليبيا "من خلال تقييمي الشخصي؛ أرى أن الوضع حالياً فيه نوع من الحرية في التعامل مع قضايا كان يصعب التعرض لها، أو الحديث حولها، قبل عام 2011، الجانب الآخر هو دخول المرأة للمجال الصحفي بشكل كبير خلال العشر سنوات الأخيرة، مما أفرز جيلاً جديد، بدماء وأفكار جديدة أثرت على الساحة الصحفية بأفكارها المتجددة، وبالتالي فإن الوضع يبشر بالأفضل".
وتشير سليمة الخفيفي إلى أن "حرية الصحافة تستمد حريتها من مدى الحرية المتاحة بالمجتمع، فالعلاقة طردية، ليبيا الآن تمر بمرحلة بناء الدولة بالصورة الحقيقية، وبشكل تكون فيه الديمقراطية على رأس الهرم في كل المؤسسات، ومنها المؤسسات الصحفية، وبالتالي فإن الحراك الذي تشهده البلاد على جميع الأصعدة، يعطي إنذاراً ومستقبلاً مشرقاً لحرية العمل الصحفي، وأيضاً التأثير القوي للصحافة كسلطة رابعة تؤثر وتتأثر بقضايا المجتمع المختلفة، وتتناولها بشكل مجرد وشفاف، مما يعزز العمل الإعلامي بشكل عام".
الخوف الذي يعيشه الصحفي حالياً هو خوف دون مبرر
من جانبها تقول محررة الأخبار بإحدى القنوات الليبية فاطمة ناصر "وضع الصحفيات الليبيات يتقدم، وأرى أنه بانفتاحهنَّ على وسائل إعلام أجنبية استطعنَّ التعلم، وبالتالي أصبحنَّ يعملنَّ وينتجنَّ تقارير بصفتهنَّ المستقلة دون أن يكن تابعات لجهات رسمية، ومقيدات بموضوعات معينة"، وتجد فاطمة بأن هذه التغييرات هي خطوات مبشرة للسير نحو الأمام.
وتؤكد على أن الصحافة استطاعت أن تكسر بعض القيود التي كانت مفروضة عليها من ناحية اختيار المواضيع والتطرق إليها والتوسع في تناولها، فيما زالت القيود مفروضة على بعض المواضيع.
وتضيف فاطمة ناصر بأن "مستقبل حرية الصحافة سيكون أفضل إذا استمر الطرح والتحدي عند الصحافيين، فعندما يتم كسر حاجز الخوف وتبدأ في تطبيق عملك سوف يبدأ الرقيب يخاف من الصحفي، لأن الخوف الذي يعيشه الصحفي حالياً هو خوف دون مبرر أو أنهم تعودوا على الخوف دون سبب".
أصبحنا مقيدون بقيد عير مرئي
هدى العبدلي معدة برامج إذاعية تقول لوكالتنا "وضع الصحفيات في ليبيا لم يعد كما السابق بل أصبح أكثر صعوبة وأصبحت الحركة مقيدة أكثر، بالإضافة إلى توقف إصدارات بعض الصحف الأمر الذي أدى إلى توقف بعض الصحفيات عن العمل".
وترى بأنه "لا توجد انفراجات قريبة في الصحافة، وأن مسألة الحرية هي مسألة نسبية في ليبيا، فهناك مواضيع من الصعب الخوض فيها لأسباب أمنية، أصبحنا مقيدون بقيد غير مرئي".
صحافة حقيقية هدفها تعرية الفساد في الدولة
وتؤكد الصحفية بمؤسسة دعم وتشجيع الصحافة مروة الهدار على أن "المجتمع الليبي مازال ينظر للمرأة على أنها أقل من الرجل، بما أننا في مجتمع ذكوري، ولازالت الصحفية مهما تحررت تعمل بقيود تأسر حريتها في الحركة كونها امرأة خلافاً للصحفي الرجل الذي لا تعيقه السبل في الحصول على المعلومة".
وتقول عن مستقبل الصحافة في ليبيا "هناك بعض القيود في إيصال الكلمة خاصة إذا تم التطرق لبعض الجهات، إلا أنها أصبحت أقل مما كانت عليه سابقاً مع الأخذ بالتحوطات الأمنية التي تجعلنا آمنين أثناء العمل الصحفي".
وتأمل مروة الهدار بأن تكون هناك صحافة حقيقية هدفها تعرية كل من ينوي العبث أو الفساد أو المساس بمؤسسات الدولة.
وتعلق الصحفية بصحيفة الحياة الليبية جيهان قادربوه على اسئلتنا قائلة "على الرغم من أنني لم اقطع مسافة طويلة في العمل الصحفي، إلا إنني أراه يفتقر للحرية منذ أيام دراستي".
"أتمنى أن تعزز الصحفيات الليبيات الصحافة المحلية"
فيما تقول هدى الشيخي وهي صحفية تعمل في مجال التحقيقات لصالح عدد من الصحف المحلية قائلة "نحن كصحافيات ليبيات نمر بضغوطات محلية، وهي عدم وجود صحافة محلية سواء أكانت في مجال الصحافة المكتوبة، أو المسموعة أو المرئية، أو الالكترونية، وإن كانت موجودة ولكن بنسب قليلة جداً، مقارنة بالزخم والطفرة التي حدثت بداية عام 2011 من ظهور مجموعة كبيرة من الصحف".
وتوضح بأن "هذا الأمر جعل عدد كبير من الصحفيات يتجهنَّ إلى مجالات أخرى لتفريغ طاقاتهنَّ بحكم أن الصحافي إنسان مليء بالطاقات، ويعشق المعلومة ويبحث بنهم عنها، وهناك من اتجهت إلى التعامل مع صحف عربية، ودولية"، وتوضح هدى بأنها ليست ضد توجه الصحفية للعمل في وسائل غير محلية، ولكن تمنت أن تعزز هؤلاء الصحفيات الصحافة المحلية بقدراتهنَّ اللاتي يمتلكنها في مجال الصحافة.
وتشير الصحفية هدي الشيخي إلى أن "الحياة اليومية برتمها الاقتصادي الصعب، جعلت الصحفيات يتجهنَّ إلى أعمال أخرى بحكم أن مرتبات الصحافة لا تسد الرمق، وهي دون ميزات أو حوافز على الرغم من خطورة العمل في ليبيا".
وتؤكد على أن "حرية الصحافة هي حلم نأمل تحقيقه في ظل البحث عن المعلومة الصادقة وفك طلاسم المعلومات المتوفرة، ومنع الصحفي من الحصول على المعلومة التي هي من حقه"، وتأمل من المؤسسات اعتماد مبدأ الشفافية في إعطاء المعلومة.
وتختتم هدى الشيخي بالتأكيد على أن "الصحافي في ليبيا يحتاج إلى نقابة قوية تحارب وتقف معه بشراسة"، كما أنها تطالب الدستور بسن القوانين التي تحمي الصحفي، وتعطي الأحقية في الحصول على المعلومة من مؤسسات الدولة التي تمنعها في كثير من الأحيان.