الاحتجاجات مستمرة وإيران تنفي مسؤوليتها عن وفاة مهسا أميني

في ظل استمرار الاحتجاجات التي دخلت يومها الـ 22، ستنظم اليوم السبت احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء إيران وشرق كردستان.

مركز الأخبار ـ نفى الطب الشرعي الإيراني في تقريره، وفاة مهسا أميني بسبب ضربات على الرأس وأعضائها الحيوية، بل هي نتيجة تداعيات خضوعها لإزالة ورم في الدماغ في سن الثامنة.

 

إيران تربط وفاة مهسا أميني بعملية جراحية خضعت لها

تحاول السلطات الإيرانية نفي مسؤوليتها في وفاة الشابة الكردية ـ الإيرانية مهسا أميني، حيث أعلنت هيئة الطب الشرعي الإيرانية، أمس الجمعة 7تشرين الأول/أكتوبر، أن مهسا أميني، التي أدى وفاتها بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق إلى اندلاع احتجاجات واسعة، توفيت نتيجة تداعيات خضوعها لجراحة لإزالة ورم في الدماغ في سن الثامنة، و"ليس بسبب ضربات على الرأس وأعضائها الحيوية".

إلا أن هيئة الطب الشرعي كانت قد أعلنت في وقت سابق وفقاً لنتائج الفحوصات، إن مهسا أميني دخلت في غيبوبة وتوفيت بسبب ضربات على الجمجمة، وأنه تم استئصال الطحال التالف، بعد نقلها إلى مستشفى كسرى بسبب نزيف داخلي لتتحسن حالتها، لكنها دخلت في غيبوبة.

وجاء في تقرير الطب الشرعي الذي نشرته وسائل إعلام رسمية إيرانية، أن "وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، لم تكن بسبب ضربات على الرأس أو الأعضاء الحيوية للجسد، بل ترتبط بتداعيات خضوعها لجراحة لإزالة ورم في الدماغ في سن الثامنة".

ونشرت وسائل إعلام رسمية الجمعة تقرير هيئة الطب الشرعي الذي أكد أنه يستند إلى سجلات المستشفى وصور مقطعية للرأس والرئتين وتشريح، وأوضح أنه في "13 أيلول، فقدت مهسا أميني الوعي بشكل مفاجئ وسقطت إثر ذلك أرضاً، وبسبب حالتها الصحية الأساسية افتقرت إلى القدرة على التعويض والتكيّف مع الوضع".

وأشار إلى أنه "في هذه الظروف، عانت من اضطراب في نبض القلب وهبوط في ضغط الدم، وبالتالي تراجع في مستوى الوعي، تطورت إلى نقص حاد في الأكسجة وبالتالي تلف دماغي".

وتوفيت فتيات أخريات في الاحتجاجات لكن منظمة العفو الدولية تقول إن إيران ترغم عائلاتهن على الإدلاء باعترافات متلفزة "لكي تعفي نفسها من المسؤولية عن وفاتهن".

 

ناشطة إيرانية: الحجاب هو جدار برلين النظام

أكدت الناشطة الإيرانية - الأميركية مسيح علي نجاد، أن الحجاب الإلزامي يشكل أداة قمع بيد السلطة في طهران، ولكنه أيضاً أضعف ركائزها، وقارنته بـ "جدار برلين" الذي يمكن أن يسقطها.

وقالت "يخاف النظام فعلاً من هذه الثورة ويحاول قمع المحتجين والتخلص منهم، لأنهم يعرفون أنه إذا تمكنت النساء من قول لا لمن يقول لهن ما عليهن أن يرتدين، ستصبح النساء أكثر قوة لقول لا لديكتاتور".

وأكدت أن "الحجاب الذي تطالب السلطات بفرضه أداة لقمعنا، وللسيطرة على النساء وللسيطرة على المجتمع بأسره من خلال النساء، منددة بما تسميه الفصل العنصري بين الجنسين". مضيفة "يواجه جيل الجديد الأسلحة والرصاص بالقول: لا نريد جمهورية إسلامية. لماذا؟ لأنهم جعلوا أجسادنا، أجساد النساء منصة سياسية للنظام الإسلامي".

وترى مسيح علي نجاد أن "الحجاب لن يكون اختياراً إلا حين تتمكن جميع النساء في كل أنحاء العالم من اختيار الملابس التي تحلو لهن".

 

دعم دولي

قصّت وزيرة خارجية بلجيكا حجة لحبيب خصلةً من شعرها في جلسة لمجلس النوّاب، دعماً للمرأة في إيران، مندّدةً بما سمته "قمع لا يُطاق" يُمارسه النظام الإيراني للاحتجاجات، عقب وفاة الشابة مهسا أميني.

وقالت إنّها "مصدومة لوفاة مهسا أميني الشهر الماضي في العاصمة طهران"، مؤكدة أمام النواب البلجيكيّين أنّ "القمع قد يكون أوقع أكثر من 150 قتيلاً حتّى الآن، دون إحصاء مئات الجرحى والاعتقالات".

ولفتت حجة لحبيب، إلى أن 8 دول من الاتّحاد الأوروبّي (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، الدنمارك، بلجيكا، التشيك، ولوكسمبورج) تُطالب بشكل مشترك بفرض عقوبات على رؤساء الأجهزة الأمنيّة الذين أمروا بحملة القمع في إيران.

ووجهت 20 منظمة حقوقية رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، لمطالبته بمواجهة النظام الإيراني بسبب قمعه للاحتجاجات الشعبية في إيران، وطرح جرائم النظام الإيراني في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وأكدت الرسالة على أن الشعب الإيراني بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأسره في الظروف الراهنة.

وطالبت هذه المنظمات من خلال الرسالة، أمريكا بدعوة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى التحقيق في الجرائم التي ارتكبها النظام الإيراني، ودعت إلى اتخاذ إجراءات عملية لدعم المتظاهرين. قبل أن يتعرض الجيل الجديد من المواطنين الإيرانيين لقمع أكثر من الأجيال السابقة.

وأعلنت وزيرات خارجية من سبع دول غربية عبر مقطع فيديو مشترك، وقوفهن إلى جانب الإيرانيات في الوصول إلى حقوقهن. وشارك فيه وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ونظيراتها في فرنسا وبلجيكا والسويد وإيطاليا وكندا وتشيلي، بالإضافة إلى وزير الخارجية الإسباني.

وقالت الخارجية الفنلندية إن وزير خارجيتها بيكا هافيستو أبلغ نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قلق بلاده من الاستخدام غير المتناسب للقوة ضد المتظاهرين السلميين في إيران، ودعا إلى تحقيق دولي مستقل في وفاة مهسا أميني.

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقارير ومقالات عن الاحتجاجات العارمة التي بدأت ضد النظام الإيراني بعد مقتل الشابة مهسا أميني، وکتبت "إيران: جيل يتحدى النظام".

وفي إحدى التقارير التي تصف قصة مقتل نيكا شاكرمي ومحاولة النظام التستر عليها، أن انتفاضة الفتيات الإيرانيات بعد مقتل مهسا أميني، لم تنطفئ بعد.

وتحت عنوان "تزايد انعدام الثقة بين الشعب والنظام في إيران"، جاء في مقال آخر أنه مهما أراد النظام الإيراني أن يسمي الانتفاضة الأخيرة بـ"اضطرابات" من قبل بعض مثيري الشغب بعد وفاة مهسا أميني، فلا ينبغي أن يفاجأ بهذه الاحتجاجات، لأن العلامات كانت معروفة منذ زمن بعيد.

وتشير صحيفة "لوموند" في هذا المقال إلى تقرير الحكومة قبل بضعة أشهر بعنوان "العفة والحجاب"، والذي طُلب فيه من السلطات أن تكون أكثر تشدداً بشأن الحجاب؛ كما أشارت إلى القسوة التي أدت حتى الآن إلى مقتل مهسا أميني و154 متظاهراً.

وفي مقال يشير إلى هجمات الحرس الثوري الإيراني المستمرة على إقليم كردستان في الأسبوعين الماضيين، كتبت "لوفيغارو" أن إيران تحاول تحويل الانتباه عن الاحتجاجات الداخلية الشديدة إلى قضية أخرى من خلال استهداف كردستان.

كما كانت قضية اعتقال مواطنين فرنسيين والاعترافات القسرية، وكذلك "جمعة زاهدان السوداء" محط اهتمام عدد من الصحف الفرنسية.

 

استمرار التنديد الدولي

احتشد عدد من الإيرانيين المقيمين في إسطنبول، أمس الجمعة 7 تشرين الأول/أكتوبر أمام قنصلية إيران في المدينة، وشرعوا في التظاهر، رغم تهديد الشرطة التركية باعتقال المتظاهرين في حال حدوث أي تجمع.

ورغم هذا التهديد والحظر الذي فرضته الشرطة التركية، فقد تجمع عدد من المواطنين الإيرانيين المقيمين في إسطنبول، والناشطات في مجال حقوق المرأة، ونشطاء مدنيون، وناشطات في الحركات النسوية أمام القنصلية الإيرانية، وهتفوا: "الموت للديكتاتور"، و"Jin jiyan azadî".

وعلى الرغم من خطر الاعتقال والترحيل من تركيا، جاء الإيرانيون المقيمون في إسطنبول إلى هذا التجمع لإظهار دعمهم وتضامنهم مع انتفاضة الشعب الإيراني.

وأعلن العديد من المواطنين الإيرانيين المقيمين في تركيا ونشطاء حقوق المرأة ونشطاء مدنيون أتراك أنهم سيواصلون هذه المظاهرات والتجمعات الاحتجاجية في الأيام المقبلة دعماً لانتفاضة الشعب الإيراني في عموم البلاد.

ودعا مجموعة قرصنة الإيرانيين للتظاهر بـ 5 ملايين رسالة عبر الهواتف المحمولة، حيث أعلنت مجموعة القرصنة "بلاك ريوارد" أنها أرسلت نحو 5 ملايين رسالة نصية إلى المواطنين في إيران لدعوتهم إلى المشاركة في التظاهر والخروج للشوارع اليوم السبت.

 

عقوبات على النظام الإيراني

في إطار العقوبات، أعلنت كندا منع عشرة آلاف مسؤول في النظام الايراني من دخول أراضيها. من جانبها دعت الخارجية الفرنسية الجمعة مواطنيها الذين "يزورون إيران إلى مغادرة البلاد في أقرب الآجال نظراً إلى مخاطر الاعتقال التعسفي التي يعرضون أنفسهم لها".

وظهر نوع احتجاج آخر صباح الجمعة حيث بدت نوافير ساحات عامة في طهران أشبه ببرك دماء بعدما صبغ فنان مياهها باللون الأحمر لتُشكّل انعكاساً لحملة القمع.

وأدت أعمال العنف التي اندلعت في كل أنحاء إيران والتي وصفتها السلطات بأنها "أعمال شغب"، إلى سقوط عشرات القتلى معظمهم متظاهرون، وأوضحت منظمة حقوق الإنسان في ايران، إن 92 متظاهراً على الأقل قتلوا حتى الآن.