لماذا لا تبلغ المغربيات عن العنف؟
تجد النساء المغربيات ضحايا العنف صعوبات متعددة لإثبات ما تتعرضن له، ما يجعل عدداً من المتهمين في مثل هذه الحوادث قادرين على الإفلات من العقاب.
حنان حارت
المغرب ـ ترى الناشطة الحقوقية ياسمين زاكي أن هناك مجموعة من العوامل التي تصعب ولوج النساء المغربيات ضحايا العنف إلى العدالة، ومنها مثلاً صعوبة إثبات العنف، الذي يعتبر عبئاً يثقل كاهل الضحايا، خاصة أن العديد من المجرمين المتورطين في هذه القضايا قد يلتفون حول الثغرات القانونية من خلال اختيار الصيغ والأزمنة والأمكنة المناسبة.
اعتبرت رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ياسمين زاكي أن الأيام الأممية 16 لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات فرصة لدق ناقوس خطر بشأن ارتفاع معدلات العنف، وفرصة أيضاً للوقوف على الإشكاليات والعوائق التي تواجه النساء ضحايا العنف خلال عملية التبليغ والولوج للعدالة.
وقالت إنه "بحكم عملنا اليومي مع النساء الوافدات على الجمعية نلاحظ أن النساء المغربيات اللواتي تقمن بالتبليغ عن حالات العنف هو قليل جداً، وأرجعت سبب عدم تبليغ النساء لعدة عوامل يتداخل فيها ما هو ثقافي وقانوني".
وأوضحت أن النساء ضحايا العنف يصعب عليهن الخروج من دائرة العنف، إذ لم يكن مستقلات مادياً، مشيرة إلى أن التمكين الاقتصادي هو من آليات مناهضة العنف ضد النساء "عندما يكون الزوج يتحكم في قدرة زوجته على الوصول إلى الموارد الاقتصادية، فإن ما يترتب عنه هو عدم قدرة الزوجة على دعم نفسها مادياً، وتضطر بذلك إلى أن تكون تابعة اقتصاديا للمعيل، فترضخ للعنف، مما يجعلها غير قادرة على التبليغ".
وأشارت إلى أن عدداً من النساء ضحايا العنف قد تدخلن تحت تأثير أزمة نفسية حادة، وقد يكون ذلك أيضاً سبباً من أسباب عدم التبليغ، مؤكدة على انعدم تبليغ الضحايا يجعل المتهم قادراً على الإفلات من العقاب، بحكم أن قضايا العنف والاعتداءات الجنسية ضد النساء تخضع لإجراءات التقادم "العامل الآخر الذي يجعل النساء ضحايا العنف تحجم عن الإبلاغ هو صعوبة الإثبات، خاصة إذا حصل الاعتداء على مستوى الفضاءات الخاصة".
وأوضحت أن الإثبات من العوائق التي تحول دون إنصاف العديد من النساء ضحايا العنف بكل أشكاله "أغلب حالات العنف تكون من قبل الأزواج وتتم في أماكن خاصة، وبالتالي مثل هذه الحالات ينعدم فيها الشهود ويصعب على الضحايا إثبات ما تعرضن له".
وأشارت إلى أن ضغوطات المجتمع والعائلة تجعل الضحايا في كثير من الأحيان يفضلن السكوت على مجموعة من الممارسات عوض التبليغ.
وقالت إن هناك إشكالاً مطروحاً وهو عدم تفعيل بعض المؤسسات لخلايا محاربة العنف ضد النساء والأطفال، وذلك على مستوى مخافر الشرطة والدرك الملكي والمستشفيات وعلى مستوى المحاكم.
وأضافت أن عدم المعرفة بالقانون والإجراءات، هي أيضاً سبب من أسباب عدم تبليغ النساء المغربيات "غالبية الضحايا ليس لديهن وعي بالمؤسسات التي يجب التوجه لها من أجل التبليغ بكل أشكال العنف الذي تتعرض له النساء".
أوصت رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ياسمين زاكي النساء ضحايا العنف بعدم الخوف وكسر حاجز الصمت، داعية إلى تفعيل القوانين وتوفير خلايا للتكفل وحماية المشتكيات "يجب توفير فضاءات لاستقبال النساء ضحايا العنف وأطفالهن، وأيضاً توفير مراكز وخلايا لاستقبال شكايات وتظلمات النساء"، مؤكدة على ضرورة توفير كل الظروف التي تسمح للنساء المعنفات بالتبليغ عن العنف، من أجل تشجيع النساء أكثر على البوح بما جرى لهن.