ناشطات: البيئة الغير آمنة للنساء تخلق مجتمعاً عنيفاً
عبرت ناشطات تونسيات عن قلقهن إزاء استمرار ظاهرة العنف ضد النساء، رغم وجود قانون يهدف لمناهضته.
زهور المشرقي
تونس ـ ترجع الجمعيات النسوية والمنظمات ارتفاع عدد جرائم قتل النساء والعنف ضدهن في تونس، إلى استخفاف الحكومة بالظاهرة، وانعدام الإرادة السياسية الحقيقية لإيقافها، كما ترجع تنامي النسب إلى الإفلات من العقاب وسيطرة العقلية الذكورية التي تتقبل العنف، والمجتمع المدني يشكو من غياب استراتيجية شاملة وتشاركية لنبذ الكراهية.
العنف والقتل ضد النساء والفتيات هو الأكثر انتشاراً في العالم، حيث كشفت الأرقام أنه تم قتل ما لا يقل عن 51100 امرأة وفتاة في عام 2023 على أيادي شركائهن وأفراد أسرهن على مستوى العالم، وواحدة من بين ثلاث نساء تعرضت للعنف الجسدي أو النفسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن، وفقاً لما ذكرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وترتفع حالات العنف ضد النساء في تونس رغم وجود القانون عدد 58 عام 2017 لمكافحة العنف ضد النساء، إلا أن العنف ما زال مستمراً، حيث ينص على معاقبة الشخص الذي يقوم بممارسة العنف بكافة أشكاله، كما يعاقب بعقوبات مادية وأحكام مشددة بالسجن، ويوفر رعاية صحية ونفسية وقانونية للنساء في مواجهة ظاهرة العنف ضدهن.
قالت الناشطة في المجتمع المدني حياة الحليمي، إن قانون 58 لمناهضة العنف ضد النساء هو مكسب حققته الحركة النسائية في تونس بنضالات متفرعة دامت سنوات عدة، معتبرةً أنه رغم الاختلالات والنواقص التي سجلت من حيث تنفيذه منذ إصداره إلا أنه ملجأ لكل المعنفات لمقاضاة المعنف وإيقاف العنف الذي بات مستديراً يمس كل النساء دون استثناء.
وأشارت إلى أن قتل النساء باتت ظاهرة حقيقية في تونس بشهادة الأرقام التي تقول إن أكثر من 24 امرأة قُتلت عام 2024، لافتةً إلى أنه من واجب الحكومة التحلي بالإرادة السياسية لتطبيق ما ورد بالتشريع لمحاربة زيادة انتشار الاستهداف المباشر للنساء.
وذكرت أن القانون 58 تناول مختلف أشكال العنف منها السياسي، وأوضح أبرز المبادئ وهي الحماية والوقاية والإيواء والتتبع، ونص على ضرورة إدماج المعنفات ومتابعتهن نفسياً، لكن رغم ذلك فإن العنف ضد النساء لم يتوقف من قبل المجتمع الذكوري.
وأضافت "من واجب الحكومة والمجتمع المدني التوعية لنبذ العنف، والدفع بتطبيق القانون، وكذلك من واجب الوزارات المتدخلة التعاون وتدريب مختصين في التعامل مع قضايا العنف والمعنفات وأيضاً مرافقتهن وتوجيههن"، داعيةً المجتمع المدني والمنظمات النسائية إلى دعم الجهود المبذولة لمناهضة العنف "مجتمع يُطبع مع العنف هو مجتمع غير سليم حيث لا تشعر فيه النساء بالأمان والحرية".
وأشارت إلى أنه رغم أهمية القوانين وكثرتها، إلا أنها لا تنفذ على أرض الواقع وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية في مكافحة الآفة "تطبيق القانون يضمن الحرية للنساء، فهو ليس ضد أي طرف كما تروج الذهنية الذكورية".
وحذرت حياة الحليمي من العنف الرقمي الذي يخترق كل الحواجز فالأغلبية يجهل كيفية التعامل معه ومناهضته، داعية النساء إلى كسر حاجز الصمت والخوف والتبليغ عن العنف أياً كان شكله دون خشية من ردة فعل المجتمع والأسرة.
أما الناشطة الحقوقية والمدافعة عن ذوات الإعاقة بوراوية العقربي تحدثت عن الإقصاء والتمييز الذي يعاني منه ذوي الإعاقة المحرومين حتى من الإجراءات المبسطة للتبليغ عن العنف المضاعف الذي يمارس ضدهن.
ولفتت إلى أن القوانين الخاصة بمكافحة العنف لم تُنص على وضع النساء ذوات الإعاقة الخاصة وأن ينظر إليهن كونهن فئة هشة، داعية إلى أهمية مراعاة هذه الفئة عبر فصل قانوني غير تمييزي.
وأشارت إلى أن تقنية البراي دخلت تونس عام 1950 لكي تستفيد منها ذوات الإعاقة والتي تعتمد على نظام للقراءة والكتابة للمكفوفين وضعاف البصر، إلا أن تعليم ذوات الإعاقة منخفض في عدة مناطق، حيث تخشى العائلات على بناتها ونسائها من الاستغلال والاعتداءات.