قانون الحجاب في إيران... إعلان الحرب على النساء

إن الموافقة على قانون الحجاب الجديد في إيران هو إعلان حرب ضد المرأة المصممة على النضال من أجل حريتها من خلال المقاومة والانتفاض.

فيان مهربرور

مهاباد ـ إن النضال من أجل حرية المرأة هي مقاومة يجب أن يستمر كل يوم وكل لحظة، وفي شوارع إيران وشرق كردستان، على الرغم من التهديدات والضغوط المتزايدة، تتقدم النساء كل يوم بمزيد من الشجاعة ويظهرن أن النضال من أجل الحرية لا يعرف حدوداً.

بعد مقتل جينا أميني على يد شرطة الإرشاد، اندلعت انتفاضة "îjin jiyan azad" التي فتحت صفحة جديدة في تاريخ تحرير المرأة في شرق كردستان وإيران، وفي مواجهة هذا التحدي، كثف النظام الإيراني إجراءاته القمعية ضد المرأة.

بعد الانتفاضة الشعبية تغير وجه شوارع مهاباد، فأثناء المشي في المدينة، يمكنك رؤية تغييرات في الملابس والسلوك الاجتماعي وموقف النساء والفتيات، كثير منهن ترتدين أغطية على رؤوسهن، ولكن هناك أيضاً الكثيرات اللواتي تخرجن من دونه، وقد شمل هذا التحول الاجتماعي جميع الأحياء والمنازل، أي يبدو أن القوانين المناهضة للمرأة التي أصدرتها السلطات لا تؤثر على إرادة المرأة.

 

فشل جهود السلطات ضد إرادة المرأة

وعلى الرغم من القمع السلطات الشديد، ومحاولة فرض الحجاب الإلزامي عن طريق دوريات الإرشاد والآداب وإلزام المركبات التي تقل نساء لم ترتدين الحجاب بدفع غرامات، لا تزال النساء تقاومن.

"شلیر.ع" امرأة تبلغ من العمر 33 عاماً، وهي من مدينة مهاباد بشرق كردستان، قامت الشرطة باحتجاز سيارتها لعدم ارتدائها الحجاب، وتقول "بعد تلقي عدة رسائل نصية تحذيرية وتجاهلها، واجهت مشكلة عند تغيير لوحة الترخيص واضطررت إلى تسليم السيارة لمدة 10 أيام"، وها هي تستخدم الآن استراتيجيات لتجنب مشاكل مماثلة، لكنها تؤكد أنها لا تنوي العودة إلى ما قبل الانتفاضة.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام، تم اقتراح إنشاء "عيادة ترك الحجاب" بهدف "العلاج العلمي والنفسي للحجاب"، وواجهت هذه الخطة، التي بلغت ميزانيتها 255 مليار دولار، ردود فعل سلبية واسعة النطاق، وانتقد العديد افتتاح هذه العيادة مثل السياسية بروانه سلحشوري، واعتبروها تتعارض مع وعود السلطات الانتخابية، كما اعترض متخصصو الصحة النفسية على "تشخيص" الحجاب، وأصدرت عدة جمعيات متخصصة بيانات بهذا الخصوص.

من جانبها تقول "شيما. ص" البالغة من العمر 20 عاماً "إنهم يريدون قمع المرأة بطريقة فظيعة، فيصفونها بالمريضة أو يخترعون قوانين غير أخلاقية تتعارض مع حقوق الإنسان لأنهم غير قادرين على السيطرة علينا،  وبالنظر إلى تاريخ وتجارب السلطات، عليهم أن يعرفوا أننا نقاتل من أجل الحرية"، لافتة إلى أنه رغم المعارضة الواسعة، إلا أن هذه الخطة لم تستبعد بعد، ويبدو أنها ستصبح مكاناً للضغط النفسي على النساء.

 

الموافقة النهائية على مشروع قانون الحجاب في إيران

وبعد فشله في فرض الحجاب، قام النظام الإيراني بصياغة مشروع قانون بعنوان "دعم الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب"، وتمت الموافقة عليه مؤخراً، ويحتوي القانون على 74 مادة و5 فصول، وقد تم النظر في العديد من العقوبات بما في ذلك الغرامات من 5 إلى 165 مليون تومان والحرمان من الخدمات الإدارية والمالية والاجتماعية للنساء غير المحجبات.

وعن هذا القانون تقول عالمة الاجتماع من بوكان "سيتاره. آ"، إنه "من خلال تطبيق هذا القانون، تريد الجمهورية الإسلامية وضع الناس في مواجهة بعضهم، والجزء الأكثر إثارة للجدل فيه هو الجزء الذي يزود المهاجرين الأيديولوجيين بأدوات اضطهاد المرأة، منذ البداية ناضلت النساء من أجل حقوقهن الإنسانية، وما حققناه سواء في إيران أو في شرق كردستان، هو نتيجة نضالات المرأة ضد العقلية الأبوية والحكومة المناهضة للنسوية".

وأضافت "اليوم تعتبر المرأة المحبة للحرية أكبر أعداء الجمهورية الإسلامية، وإقرار مثل هذا القانون مؤشر على خوف النظام الإيراني من انهياره وفشله، المرأة هي حارسة القيم الإنسانية، والطريق إلى حرية المجتمع يمر بالتأكيد عبر طريق حرية المرأة، وقد أثبتت الجمهورية الإسلامية هذا المبدأ بإصدار مثل هذا القانون، هؤلاء النساء هم من أوصلوا إيران إلى النهاية".

ويُظهر اعتماد قانون الحجاب الإلزامي محاولة النظام الإيراني السيطرة على جسد وهوية المرأة، وقد واجه هذا العمل مقاومة واسعة النطاق من جانب النساء، وهي مقاومة متجذرة في تاريخ نضالاتهن، من خلال العصيان المدني وإعادة تعريف هويتهن، وها هن تكتبن فصلاً جديداً في سلسلة نضالات النساء، ولن تغير هذه المواجهة مستقبل حقوق المرأة فحسب، بل ستغير أيضاً البنية الاجتماعية والسياسية في شرق كردستان وإيران.