سد تشرين... من المقاومة إلى رقصة النصر
"إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" مقولة جسدها شعب إقليم شمال وشرق سوريا بمقاومة سد تشرين.

مركز الأخبار ـ بينت النساء اللواتي شاركن في مقاومة سد تشرين، بأن نضال الشعب وتضحيات الشهداء توجت بالنصر.
أخذ أهالي إقليم شمال وشرق سوريا على عاتقهم مهمة الحفاظ على سد تشرين والمقاومة لحمايته من أي تهديدات، فبعد 25 شهيداً وأكثر من 220 جريحاً من الذين تناوبوا لحماية السد على مدار 119 يوماً توجت المقاومة الشعبية بالنصر.
ويعد سد تشرين الواقع بين مقاطعة منبج المحتلة ومقاطعة الفرات ثاني أهم سد في سوريا بعد سد الفرات ومن أبرز البنى التحتية الحيوية في المنطقة، حيث تمدها بالماء والكهرباء، وقد مثل سد تشرين مؤخراً حاجز طبيعي وخط دفاع عن المنطقة، الاحتلال التركي شرق الفرات وقوات سوريا الديمقراطية غربها ولهذه الأهمية شهدت معارك طاحنة منذ الهجوم على منبج في 8 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.
وبدأ أهالي إقليم شمال وشرق سوريا منذ 8 كانون الثاني/يناير من العام الجاري التناوب لحماية سد تشرين من هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، اللذان سعيا لعبور السد وتوسيع نفوذهما لشرق الفرات، فضلاً عن مساعيهما لاستخدام سد تشرين كورقة ضغط على شعب المنطقة عبر قطع الماء والكهرباء، إلا أن مقاومة الأهالي كانت حجر عثرة في وجه مخططات الاحتلال.
مطالب المحتجين بوقف إطلاق نار وإرساء السلام تصل أهدافها
قافلة أهالي كوباني أول قافلة وصلت لسد تشرين والتي تعرضت للقصف بالطائرات المسيرة ورغم ذلك أصر الأهالي الوصل إلى السد للاحتجاج والمطالبة بوقف إطلاق النار وحماية السد من هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته.
وقد سبب القصف إخراج الطريق الواصل إلى السد عن الخدمة ولكن الأهالي بإصرارهم واصلوا مشياً على الأقدام طريقهم إلى السد وخلالها أهلوا الطريق للسيارات.
عضوة مؤتمر ستار في مدينة كوباني ميسون كوار والتي شاركت في مقاومة سد تشرين مع قافلة كوباني لفتت إلى الروح الفدائية التي تحلى بها الأهالي أثناء توجههم لسد تشرين وسط القصف وتحليق الطائرات التي تستهدف المحتجين "شعوب المنطقة تحدوا الموت وتوجهوا إلى السد، 'نحن أكبر من الموت' شعار صرخت به مصابات القصف وهن يخرجن من بين الدخان المتصاعد من الأماكن المستهدفة، وقد أسمينا السد بـ 'سد المقاومة، والشهداء'، للتضحيات الجسيمة التي قدمناها لحمايته"، مشيرةً إلى دور المرأة البارز في المقاومة، مشبهةً مقاومة سد تشرين بمقاومة كوباني 2014 ضد داعش.
وبينت أنه "بفضل التضحيات والنضال الذي خاضوه الأهالي بجانب قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة، انتصرت مقاومة سد تشرين".
حرب الشعب الثورية جسدت بمقاومة سد تشرين
فيما تعتبر السياسية في حزب الاتحاد الديمقراطي في مدينة قامشلو صالحة كلش إحدى النساء اللواتي شاركن في المقاومة أن "ثورة روج آفا هي ثورة الشعب الذي يناضل ويكافح من أجل كرامته وأرضه، ومقاومة سد تشرين كان درعاً لحماية مكتسبات هذه الثورة"، مبينةً أن "مقاومة الشعب جسدت مفهوم حرب الشعب الثورية، وقد ساهم هذا الصمود، الوقوف أمام جميع المخططات التي رُسِمت على المنطقة، للنيل من إنجازات الثورة".
وأوضحت أن موقف النساء من أي مخطط من شأنه أن يهدد مكتسبات الثورة "سنواصل مقاومتنا ونرفع من وتيرة نضالنا أمام أي مخطط أو هجوم يهدد مستقبل ثورتنا"، منددة بالمجازر التي ارتكبت في سد تشرين وطالبت منظمات حقوق الإنسان بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الأهالي الذين ناوبوا في سد تشرين.
الرقصة التي كانت على إيقاع المقاومة هي الآن على إيقاع النصر
تقول النازحة من مقاطعة عفرين المحتلة أمينة يوسف التي شاركت في مقاومة سد تشرين "توجهنا إلى سد تشرين الذي يغذي المنطقة بالماء والكهرباء من أجل حمايته، وبينما كنا نرقص على إيقاع المقاومة أثناء مناوبتنا لحماية السد تعرضنا للقصف وأسفر حينها عن وقوع 4 شهداء، و80 مصاب"، مبينةً "قصف الاحتلال لم يثنينا عن عزيمتنا في مواصلة المقاومة، وهذا ما جعلنا نقاوم 119 يوماً تحت طائرات وقصف الاحتلال، واليوم نرى كيف مقاومتنا وتضحيات شهدائنا تتوج بالنصر والرقصة التي كانت على إيقاع المقاومة حالياً هي على إيقاع النصر".
ولفتت إلى أنه بدون التضحيات لا يمكن تحقيق النصر "لسنا دعاة حرب ولكن إذا فرض علينا سنقاوم ونحمي أنفسنا بشتى الوسائل، دفعنا 25 شهيداً في المقاومة الشعبية على سد تشرين، ولم تذهب هذه التضحيات سدى، فلولا هؤلاء الشهداء لاحتلت تركيا شرق الفرات وارتكبت إبادة جماعية بحقنا، وانتهكت أرضنا وعرضنا"، مشيرةً إلى أنه "بعد مقاومة دامت أكثر من ثلاثة أشهر عادت المياه لتروي المنطقة والكهرباء لتنير الشوارع".
وأكدت "كما انتصرنا في سد تشرين سننتصر ونعود إلى عفرين ورأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي، فلم نعد نقبل الاحتلال والإبادة على شعبنا وأرضنا".
الانتصار في سد تشرين ثمار تضحيات الشهداء
فيما تقول الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في مقاطعة الرقة زليخة عبدي والتي شاركت بالمقاومة "المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا بانضمامها لهذه المقاومة بينت مدى ارتباطها بأرضها، وكانت الريادية في حمايته، رغم وحشية الهجمات التي كانت تتعرض لها المرأة لم تتراجع واستشهدت الكثير من النساء وهن يقاومن على متن سد تشرين لمنع المرتزقة والاحتلال التركي من التقدم".
واعتبرت أن النصر الذي تم تحقيقه في سد تشرين ثمار التضحيات التي قدمها الشعب والجهود التي بذلتها القوات في حماية السد، ومع تشغيل عنفات السد تم توليد الكهرباء لمدينة كوباني وقراها.
وعبرت زليخة عبدي عن امتنانها لكل من شارك بمقاومة سد تشرين، وعاهدت الشهداء الذين ضحوا بحياتهم في هذه المقاومة، لمواصلة دربهم في حماية مكتسبات الثورة، وأن تكون بداية لقيادة سوريا نحو الديمقراطية والسلام وبر الأمان.