حملة "الثلاثاء لا للإعدام"... قراءة رسائل النساء المعتقلات
إن إعادة قراءة رسائل المعتقلات داخل السجون الإيرانية أمثال وريشة مرادي وكُلرخ إيرائي في الأسبوع الـ 67من حملة "الثلاثاء لا للإعدام" ليس مجرد رد فعل على أحكام الإعدام، بل صدى لمقاومة النساء في السجون ضد آلية الإعدام.

مركز الأخبار ـ لطالما حملت رسائل المعتقلات داخل السجون الإيرانية صدى المقاومة والأمل في وجه القمع والاضطهاد، كما أنها تعكس شجاعة ومقاومة من يواجهون الأحكام التعسفية، ويطالبون بالحرية والعدالة.
مع استمرار حملة "الثلاثاء لا للإعدام" في أسبوعها السابع والستين، تشكل إعادة قراءة رسالة الناشطة في مجال حقوق المرأة وريشة مرادي، والمحكوم عليها بالإعدام في سجن، وغيرها من المعتقلات داخل السجون واللاتي لا تزلن تقاومن من أجل حريتهن فرصة للتأمل في الجرح الذي أصاب المجتمع والأمل المتجدد في قلوب المقاومين.
وكانت الناشطة وريشة مرادي قد وجهت رسالة في إحدى المرات من داخل سجن أيفين للنساء وسط الضغوط والتهديدات المستمرة وعلى حافة حكم الإعدام، انتقدت خلالها بجرأة النظام الأبوي القمعي للجمهورية الإسلامية، وسلطت الضوء على مقاومة المرأة باعتبارها الجبهة الأكثر أهمية في النضال.
وقالت إن رسالتها ليست صرخة شخصية، بل هي انعكاس لألم جماعي وتحليل عميق لحالة النظام الحاكم، كما وصفت حكم الإعدام بأنه ليس مجرد عقوبة لفرد بل محاولة لقمع مجتمع بأكمله، محذرة من أن هذا النظام القمعي يسعى إلى ضرب جوهر المجتمع بعقوبة الإعدام، لكن التضامن الاجتماعي، والدعم الشعبي والصراخ الجماعي من أجل الحياة، كلها تشكل جداراً أمام هذه الرغبة المميتة.
وفي أجزاء من رسالتها تحدثت عن الظروف الخاصة بالسجن، حيث يتم دفع الانتماءات الوطنية والسياسية والطبقية جانباً ويصبح النضال ضد الاضطهاد هو القضية المشتركة الأكثر أهمية، مؤكد أن النساء السجينات هن حاملات لواء هذه المقاومة لأنهن الهدف الأول للنظام الأبوي، وفي الوقت نفسه الأمل الأول لبناء عالم جديد.
في تحليل عميق، رفضت وريشة مرادي النظام الأبوي العالمي ووصفته بأنه ليس معادٍ للمرأة فقط، بل معادٍ للحياة وللطبيعة، وفي نهاية المطاف معادٍ للإنسان أيضاً، ومن وجهة نظرها فإن نضال المرأة ليس من أجل نفسها بل من أجل البشرية جمعاء، وقالت إن نموذج "الجينات والحياة والحرية" هو تجريد لفلسفة النضال التي تعطي معنى للحياة.
إن رسالة وريشه مرادي هي انعكاس للواقع التاريخي للشعوب التي عانت مراراً وتكراراً من الانقسام والقمع والأنفال والإبادة الجماعية في ظل اتفاقيات مثل سايكس بيكو ولوزان، ويؤكد أن النضال اليوم ليس من أجل البقاء فحسب بل من أجل منع الإبادة الثقافية وإعادة تعريف مفاهيم الحياة الإنسانية.
وتماشياً مع هذا الصوت، لا ينبغي لنا أن نتجاهل رسالة الناشطة كُلرخ إيرائي والتي دعت من خلالها المجتمع إلى التوحد ضد عقوبة الإعدام "في قلب السجن حيث يتحول حتى صوت التهوية إلى كابوس، وتختنق الأحلام تحت المشنقة، وتدفن الأصوات في صمت اجتماعي قبل أن تتحول إلى صراخ، ليس كافياً أن يكون لنا صوت موحد، إذا لم نربط أحذيتنا ونتحرك، فإن كابوس الإعدام سيتكرر كل ليلة، لقد كتب ليهز جدار الصمت وليوقظ بلغته المسجونة نبض الحرية في عروق المجتمع المتعبة.
وهل من الممكن عدم سماع صوت سبيده قليان، الناشطة المدنية والسجينة السياسية؟ عندما كتبت رسالة إلى ابنتها روناهي رداً على إعدام حميد حسين نجاد حيدرآنلو قائلة "نحن جميعاً سلسلة واحدة، لا ينبغي لنا أن نتنازل عن حق الحياة، إن البحث عن العدالة ليس مجرد صرخة من أجل الحياة، بل هو مقاومة ضد الظلم الذي ينخر جسد المجتمع".
إن الحق في الحياة هو حجر الزاوية للإنسانية والتضامن، وفقط من خلال القول جماعياً لا لعقوبة الإعدام يمكننا بناء مستقبل مشرق ومستنير، جملة يجب أن تكتب على جبين هذه المقاومة اليوم، لأن الموت في الجمهورية الإسلامية ليس استثناءً بل قاعدة.
وكيف لا نذكر المناضلة من شرق كردستان شيرين علم هولي؟ التي كافحت من أجل كيانها ولم تقبل الرضوخ أعدمها نفس النظام عام 2009، ليس بسبب ارتكابها جريمة بل بسبب موقفها من فرض الحجاب الإلزامي، ولأنها كردية، إضافة إلى الناشطة هورا نيكباخت التي قالت "لا" لحكم الإعدام لمدة 12يوم في السجن، مسلحة فقط بجسدها الجائع.
وهذه ليست مجرد أسماء متناثرة عبر التاريخ، وهذه خطوط متواصلة في شرايين المقاومة الجماعية، نساء أمثال فيدا رباني، وبخشان عزيزي، وشريفة محمدي، ومهناز طراح، وسيبده قليان، كُلرخ إيرائي، وزينب جلاليان، وسكينة بروانه، وعشرات الأسماء الأخرى التي وقعت في الثقوب السوداء للجمهورية الإسلامية، لكنها لاتزال صامدة.
في اليوم الذي يتردد فيه صدى صرخة "لا للإعدام" مرة أخرى في سجون ومدن إيران، فإن إعادة نشر هذه الرسائل ليست مجرد تذكير، بل هي جرس إنذار لكل أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بقوة المجتمع، وفي صوت المرأة وفي إمكانية الحياة الحرة. ليس لأيام الثلاثاء مكان في التقويم الرسمي ولكن في ذكرى المقاومة، فهي مكان للوقوف والصراخ والبقاء على قيد الحياة.