مطالبات دولية بالكشف عن مصير ضحايا الاختفاء القسري

لم يعد الاختفاء القسري حكراً على منطقة معينة من العالم، بل أصبح مشكلة عالمية، فهو يحدث عند القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم على أيدي موظفين بالحكومة أو مجموعة منظمة أو أفراد عاديين ومن ثم رفض الكشف عن مصيرهم.

مركز الأخبار ـ في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، سلطت الأمم المتحدة الضوء على محنة الآلاف الذين اختفوا أثناء النزاعات فيما لا يقل عن 85 بلداً حول العالم.

أحيت الأمم المتحدة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يصادف 30 آب/أغسطس من كل عام، مؤكدةً على أن الإفلات من العقاب يضاعف المعاناة والألم للمختفين وعائلاتهم وأن لهم الحق في معرفة حقيقة ما حدث.

ويأثر الاختفاء القسري بشكل مباشر بالمجتمعات جراء اختفاء المعيل الوحيد للأسرة، بالتالي يتأثر الوضع المالي لها ويتم تهميشها اجتماعياً، ويستخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية لبث الرعب داخل المجتمع، فالشعور بانعدام الأمن لا يقتصر على أقارب المختفي بل يصيب المجتمع ككل.

وأكدت الأمم المتحدة على أن "ما يثير القلق بشأن الاختفاء القسري هو استمرار المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، وأقارب الضحايا، والشهود، والمحامون الذين يعنون بتلك القضايا، واستغلال الدول أنشطة مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك التزاماتها، واستمرار مرتكبي أعمال الاختفاء القسري في الإفلات من العقاب على نطاق واسع".

وأوضحت الأمم المتحدة أن النساء تتحملن في أغلب الأحيان، وطأة الصعوبات الاقتصادية التي عادةً ما تصاحب حالات الاختفاء القسري، لافتةً إلى أن المرأة تحاول وتكافح لإيجاد حل لقضية اختفاء أفراد من أسرتها، وقد يعرضها ذلك للمضايقات والاضطهاد والانتقام.

وأشارت إلى أنه "عندما تقع المرأة ضحية الاختفاء فإنها تصبح معرضة بشكل خاص للعنف الجنسي ولغيره من أشكال العنف"، مضيفةً "يمكن أن يقع الأطفال أيضاً ضحايا، فيشكل ذلك خرقاً واضحاً لعدد من أحكام اتفاقية حقوق الطفل".

 

أكثر من ألفي حالة اختفاء قسري في اليمن

وأصدرت منظمة حقوقية، أمس الثلاثاء 30 آب/أغسطس، تقريراً يوثق أكثر من 2000 حالة إخفاء قسري ارتكبها الحوثيين خلال الفترة من أيلول/سبتمبر 2015، حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر 2021.

وأكدت المنظمة من خلال التقرير على أنها وثقت أكثر من 17600 حالة تعذيب جسدي ونفسي في سجون الحوثيين، منها 178 حالات تعذيب مفض إلى الموت بينهم عشرة أطفال وثلاثة نساء، بالإضافة إلى ستة عشر حالة موت نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.

وأوضح التقرير أن محافظة الحديدة جاءت في المرتبة الأولى بحلات التعذيب المفض إلى الموت بواقع 40 حالة، تليها أمانة العاصمة صنعاء بواقع 37 حالة، ثم محافظة تعز بـ 20 حالة ثم بقية المحافظات، لافتاً إلى أن 27 سجيناً توفوا بعد الإفراج عنهم.

وأشار التقرير إلى أنه "يوجد 2002 حالات اختفاء قسري في سجون الحوثيين، بينهم 125 طفلاً، و1861 رجلاً، و16 امرأة، و17638 حالة تعذيب جسدي ونفسي بينهم 587 طفلاً و150 امرأة خلال الفترة الممتدة ما بين أيلول/سبتمبر 2015، حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر 2021".

ودعا التقرير الأمم المتحدة إلى "إيفاد لجنة دولية لتقصي الحقائق من قبل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب؛ لإجراء زيارة تقصي حقائق إلى اليمن"، مطالباً بـ "التحرك العاجل والسريع للضغط على الحوثيين لإيقاف عمليات التعذيب التي تمارس في سجونهم، وما يترتب قبل ذلك من اعتقالات وإخفاء قسري، وإلزامهم بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين المدنيين لاسيما المعتقلين السياسيين".

 

أكثر من 400 امرأة كردية مغيبة في سجون مرتزقة الاحتلال التركي

من جانبه أصدر المرصد السوري لحقوق الإنسان إحصائيات تشير إلى أن هناك 121 حالة اختفاء قسري في سوريا خلال النصف الأول من العام الحالي، و792 حالة اعتقال تعسفي من قبل مختلف الأطراف المتنازعة.

وأشار المرصد إلى أنه "قتل أكثر من 105 آلاف معتقل تحت التعذيب داخل السجون منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011".

وبحسب المركز السوري للمساءلة والعدالة، فإن أكثر من 400 امرأة كردية من عفرين في شمال وشرق سوريا مغيبات في سجون مرتزقة الاحتلال التركي.

وأكد المركز أنه "في إحدى المرات اندلع احتجاج من قبل الأهالي في سجن في عفرين، تم اكتشاف أن هناك 13 امرأة معتقلة داخل هذا السجن منهن اثنتان من الكرد لم يكن أحد يعلم بوجودهن".

وأعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن هناك ما لا يقل عن 149 ألف 862 شخصاً ما بين معتقلين ومختفين قسرياً في سوريا خلال الفترة ما بين عامي (2011 ـ 2021)، بينهم 4931 طفلاً و9271 امرأة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في البلاد.

 

449 امرأة وفتاة تم إخفاؤهن قسراً في مصر

وبدورها نشرت منظمات حقوقية قوائم بأسماء المئات من المختفين قسراً في مصر خلال الأعوام التسعة الأخيرة، مطالبةً بالتصدي لجريمة الاختفاء القسري.

وأصدر مركز "الشهاب" لحقوق الإنسان بياناً تحت عنوان "المختفون قسرياً في مصر... أحياء في الذاكرة" بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وجاء في البيان "أصبحت جريمة الاختفاء القسري في مصر أمراً ممنهجاً وسياسة متبعة من قبل الأجهزة الأمنية. يقع على كافة شرائح المجتمع من المعارضين السياسيين بصورة تحميها ممارسات "تشريعية وقضائية" لا تلتزم ولا تحترم الدستور المصري والقوانين الوطنية المعنية".

وأشار البيان إلى أن "هذا الواقع طال كافة فئات وشرائح المجتمع المصري"، لافتاً إلى أنه وفقاً للرصد والتوثيق لهذه الجريمة هناك أكثر من 15089حالة اختفاء قسري منذ تموز/يوليو 2013 وحتى عام 2022.

وأوضح البيان أنه "لعل ما تم توثيقه من مقتل 62 مصرياً خارج نطاق القانون من المختفين قسراً، وادعاء الحكومة بأنهم قتلوا أثناء اشتباكات مع القوات؛ يزيد من القلق من التعامل مع هذه الجريمة، وذلك في ضوء التوسع في سياسة الإفلات من العقاب المنيعة".

وطالب البيان بالإفراج الفوري عن كافة المختفين قسراً، والوقف الفوري لجريمة الاختفاء القسري، وضرورة انضمام الحكومة المصرية وتصديقها على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، وقيام النيابة العامة بفتح التحقيقات في الشكاوى والبلاغات المقدمة إليها بشكل جدي ومحايد.

فيما نشرت الشبكة المصرية أسماء 113 شخص من ضحايا الاختفاء القسري في مصر، وقالت في بيان لها "بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، تضع الشبكة المصرية بين أيديكم أسماء 113 شخصاً مصرياً بينهم أطفال ونساء لا زالوا رهن الاختفاء القسري جميعهم مر على اختفائهم سنوات".

وأضاف البيان "نضع  الجميع بلا استثناء، سواء أجهزة الدولة المصرية والأهالي أمام مسؤولياتهم الإنسانية قبل الدستورية والقانونية في تحمل الأمانة والعمل للكشف عن مصيرهم وإخلاء سبيلهم أو تقديمهم للمحاكمة".

كما أصدر مركز "بلادي" للحقوق والحريات، تقريراً يوثق إخفاء 449 امرأة وفتاة قسراً خلال تسعة أعوام منذ عام 2013 وحتى 2021.

ويذكر أنه نص كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 كانون الأول/ديسمبر 2006، على أن الاختفاء القسري يوصف بجريمة ضد الإنسانية عندما يرتكب ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي على أي مجموعة من السكان المدنيين، ولا يخضع بالتالي لقانون التقادم، وبالتالي فإن لأسر الضحايا الحق في طلب التعويض، والمطالبة بمعرفة الحقيقة فيما يتصل باختفاء عوائلهم.

ويعرف قانون التقادم بالزمن المانع لسماع الدعوى، أي أنه في حال قررت الحكومة مدة محددة للمطالبة بالحق فيجب على صاحبه المطالبة به خلال تلك المدة، وفي حال انتهائها يسقط كل حق للمطالبة به قضائياً.