مصر... قانون جديد للأحوال الشخصية يضمن العدالة والمساواة

تحت عنوان "قانون أسرة أكثر عدالة" نظمت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوار، ناقشت من خلالها أهمية إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يضمن العدالة والمساواة والإنصاف لجميع أفراد الأسرة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ قانون الأحوال الشخصية المصري واحد من أكبر الأزمات التي تواجه المرأة وتحول دون قدرتها على نيل حقوقها فقد تم إقراره في عام 1920 أي منذ قرابة الـ 102 عام، لكن طرأت تغيرات على المجتمع مما جعل أغلب مواده تنتقص من حقوق المرأة والأسرة كاملة وأصبحت المطالبة بقانون آخر أكثر عدالة ومواكب للواقع ضرورة.

مؤسسة قضايا المرأة المصرية تعمل منذ عام ٢٠٠٣ على الخروج بمقترح قانون أحوال شخصية أكثر عدالة لجميع أفراد الأسرة، حيث أن هذا القانون يلعب دوراً مهماً وشديد الخطورة في تحديد العلاقات الاجتماعية، لاعتباره الأشد صلة بالحياة اليومية للمواطنين، والأكثر اقتراباً وتأثيراً في الوحدة الأساسية للمجتمع متمثلة في الأسرة.

وخلال مائدة الحوار ناقش الحضور أهم نقاط وثغرات قانون الأحوال الشخصية التي أكدوا أنها لا تحصى وغير صالحة للواقع الحالي، حيث تغيرت ملامحها كاملة خلال المائة عام الأخيرة وكذلك الاحتياجات الأساسية.

 

من أجل قانون عادل للأسرة المصرية

وقالت رئيسة مجلس أمناء قضايا المرأة المصرية عزة سليمان، أن جلسة الحوار جاءت لاستكمال مسيرة عمل المؤسسة على إيجاد مناخ أكثر عدالة للأسرة بإصدار قانون للأحوال الشخصية وبوضع مواد تدعم الاتزان والعدالة والمساواة والحرية، وتناسب ما حدث من تطور وتغير في ملامح الحياة.

وأضافت أنه رغم تشكيل لجنة من قبل وزارة العدل تعكف على وضع قانون يلبي احتياجات المواطنين، إلا أنها حتى الآن لم يصدر منها أو عنها أية معلومات، مؤكدة أن خطة عمل تلك اللجنة غير معلنة ولا يستطيع أحد معرفة ما وصلت إليه حتى الآن.

وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية له أهمية كبيرة فهو يتحكم بشؤون الأسرة والعلاقة بين أطرافها، محدداً حقوق وواجبات كل من أفرادها وعلاقاتهم ببعض، كما يضبط أمور الزواج والطلاق ورعاية الأطفال والأمور المالية سواء أثناء العلاقة الزوجية أو الناتجة عن الطلاق، لافتةً إلى أنه يكشف عن وضع المرأة الاجتماعي.

 

أزمة متجددة وقضية لجميع أفراد المجتمع

وقالت النائبة البرلمانية نشوى الديب، إن الحديث عن قانون الأحوال الشخصية والمطالبة بتغييره أمر متجدد يتم العمل عليه منذ فترة طويلة من أجل كسب التأديب لأهم قضية تطرح في المجتمع المصري وهي إصدار قانون يمس احتياجات كل فرد داخله بما يحقق جانب من العدالة الإنسانية المرجوة له، مشيرةً إلى أنه لم يعد هناك رفاهية للحديث عن تعديل هذا القانون الذي مر على وضعه أكثر من مائة عام وبات غير صالح على كل المستويات.

وبينت أنها تمكنت من الحصول على توقيع نحو 60 نائب برلماني على مشروع القانون، لافتةً إلى أنها بعد تقديمه بنحو أكثر من شهر للبرلمان أنفجر الوضع والمشهد تماماً بنتيجة طرح مسلسل "فاتن أمل حربي" الذي فجر القضية وناقش أبعادها من خلال تجارب إحدى النساء.

 

لجنة وزارة العدل والقانون المرتقب

وكشفت أن النواب سألوا وزير العدل عن اللجنة وأسباب اختيار القضاء الجالس وأنه أكد لهم قدرتهم على أنجاز الأمر على النحو المرغوب فيه ولديهم صلاحيات طلب المشورة والدعم ممن يروا أنه مفيد للأمر من مختلف التخصصات، مشيراً إلى أن القضاة يحتاجون للعمل في صمت ليخرجوا بمشروع قانون متوازن يلبي جميع احتياجات المجتمع المصري بشكل عادل، وترى أن القضاء الجالس يحكم وينظر للقضايا من خلال الورق الذي يسعى لقيمة العدل وليس لمصلحة طرف على حساب الآخر.

وأوضحت أن الكتمان سيد المشهد في عمل اللجنة العاكفة على عمل مشروع لقانون الأحوال الشخصية، لافتةً إلى أن كم الأوراق الموضوعة أمام اللجنة كبيرة لأنها استقبلت مقترحات وطلبات يصعب حصرها وبالتالي قد تحتاج لوقت طويل.

 

قانون الأحوال الشخصية والبرلمان المصري

وبينت أن مشروع القانون المعد من قبل مؤسسة قضايا المرأة المصرية تم تقديمه للبرلمان في بداية شهر آذار الماضي أي منذ نحو سبعة أشهر والمفترض أنه بعد عرضه على الأمانة ووصوله لرئيس المجلس يتم اصدار قرار إحالته ولكن لم يتم إصدار أي شيء حتى الآن.

وأضافت أن هناك مجموعة من التعديلات تم تقديمها إلا أنها ترى بعدم وجود مجال لتعديل القانون الحالي وأن الحالة والظرف والحياة تتطلب إصدار قانون جديد كلياً، معتبرةً أن مشروع القانون المقدم من مؤسسة قضايا المرأة المصرية والمنتظر إحالته للجنة المعنية متوازن جداً وبه استنارة فكرية من مجموعة كبيرة وكوكبة من المشهود لهم بالكفاءة في مجالاتهم، مؤكدةً أنه جاء محترماً للمواثيق الحكومية التي تتناسب مع الدين والعادات والتقاليد، كما أن مواده تتواكب مع العصر الحالي وتتناسب مع المستقبل.

وأشارت إلى أن المعتاد عليه داخل البرلمان أنه في حال وجود قانون من الحكومة وآخر من النواب أو غيرهم يتم الجمع بينهم لمناقشتهم معاً ومطابقتهم وعمل المقارنة للخروج بقانون نهائي شامل سواء بترجيح أحدهما أو الدمج في شكل جديد يجمع المواد التي تم ترجيحها من كلاهما لافتةً إلى أن ذلك قد يكون سبب عدم إحالة مشروع القانون المقدم حتى الآن وأن الانتظار غرضه مناقشة كلاهما معاً.

 

نقاش وأفكار الحضور تجاه القانون

وبدورها قالت باحثة دكتوراه في العدالة الذكية والتحول الرقمي أميرة صبيح، إن هناك عدد من المسلسلات ساهمت في تعزيز الدعم المجتمعي وساهمت في الوقوف باتخاذ قرارات هامة وكذلك إجراء تعديلات لبعض النصوص القانونية ذات الصلة، مقترحة التعاون مع المؤسسات التي دعمت ذلك والاستناد للحلقات المتلفزة التي تساعد على كسب التأييد والدعم من أجل إصدار ذلك القانون.

وأكدت أنها أثناء التقديم لابنها في أحد المدارس لمست عن قرب معاناة صديقاتها اللواتي تم رفضهن لكونهن مطلقات، بل أن بعضهن احتفظن بالزواج الصوري على الورق لأن المدرسة ترفض قبول أبناء المطلقات أو بعض المهن ومنها المحاماة والصحافة على سبيل المثال.

بينما رأت عضو الائتلاف الوطني لحقوق الطفل، المحامية زينب خير، أن تجربة قانون الطفل المصري وأغلب القوانين الصادرة بعد الدستور المصري في 2014 حدثت حولها حوار مجتمعي وتم دعمها بلجان الاستماع بمجلس النواب لدرجة أن مادة الطفل رقم 80 في الدستور المصري تمت صياغتها بمشاركة أطفال دون الـ 18 عام بحضور أعضاء لجنة الصياغة.

وأوضحت أن القضاء الواقف "المحامين" هم من لديهم مشاكل التي ترتبط بالتنفيذ المعرقل للقانون والقرار وكذلك الأثر الواقع على المرأة أو الرجل، لافتةً إلى إن وجود أزمة كبيرة ارتبطت بتغيير كلمة منع التزويج والاكتفاء بمنع التوثيق لذلك بات هناك الآلاف من الأطفال بلا شهادات ميلاد حتى تتم الأم 18 عام، وهذا نتيجة رؤية أحادية لمشرع أسفرت عن وجود باب خلفي لهذه المشكلة، لذلك اعتبرت أن إشراك المجتمع المدني في لجان الاستماع ضرورة.

وقالت عضو الجبهة الوطنية لنساء مصر الدكتورة كريمة الحفناوي أنها تمثل حزب وهو جزء من المجتمع المدني وأن الجميع منتظر نتائج عمل لجنة غامضة وسرية لا يعرف عنها أحد شيء والمجتمع يحتاج لتغيير ذلك القانون لما له من تابعات كارثية على مختلف أفراده، مؤكدةً على أن هناك أولوية في التعامل مع مقترحات القوانين لذلك بات الأمر بحاجة لتكاتف مجتمعي من أجل إصداره.

وتسألت عن أولويات مجلس النواب معتبرةً أن الحل الأمثل في التعامل هو الضغط المجتمعي حتى لا يصبح الأمر "هوجة" تثير حفيظة الجميع ويتحدثون عنها وسرعان ما يهدأ الأمر وقالت "على المؤسسات المعنية الجلوس معاً لعمل حالة من الضغط والتكاتف من أجل مطالبة مجلس النواب بمناقشة القانون الذي يحتاجه مختلف أفراد المجتمع من خلال وفود تتناوب عليه، مقترحة عمل مذكرة للتوقيع من الجميع كي يتحول الأمر لطلب عام رسمي من المواطنين لمزيد من الضغط".

بينما قالت المحامية دعاء العجوز أن خلفية القضاة والاعلان عنهم ضرورة لأن ذلك مؤثر إلى حد كبير، معتبرةً أن ما قيل عن انحياز المحاميين للموكلين أمر غير صحي على الإطلاق فعدد ليس بالقليل منهم ينحاز للعدالة لذلك إشراكهم والمجتمع المدني في تشكيل اللجنة أمرهام واستثنائهم يثير التحفظ عليها، مثنية على تغير أسلوب التعاطي مع القضايا خاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية ومرونتهم معتبرة أن استبعاد جميع هؤلاء من تشكيل اللجنة السرية أمر يدعو للتساؤل.