حق اللبنانيات في منح أطفالهن جنسيتهن محور حلقة نقاشية

في إطار حق المرأة اللبنانية في المواطنة الكاملة ومنح جنسيتها لأولادها، أطلقت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية دراسة تحت عنوان "جنسية مش تجنيس".

بيروت ـ أعادت الدراسة الجديدة التي أصدرتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تحت عنوان "جنسية مش تجنيس" خلال حلقة نقاش مفتوحة أمس الثلاثاء السادس من أيلول/سبتمبر، التذكير بالتمييز الواضح في قانون الجنسية اللبنانية.

تناولت الدراسة الجديدة حول حق المرأة في منح جنسيتها لأطفالها، طرق اكتساب الجنسية الأصلية في القانون اللبناني، والتي تمنح الجنسية بموجبها بالنظر إلى الأصل الذي ينحدر منه الطفل، فيعطى جنسية أبيه.

وأوضحت الدراسة أن القانون يرتكز على رابطة دم الأب، أي أن الأم اللبنانية غير قادرة على منح جنسيتها لأطفالها من أجانب، وللمفارقة يمكنها تسجيلهم كلبنانيين على أنهم غير شرعيين، أو لقطاء، حيث يمكن أن يحصلوا حينها على الجنسية اللبنانية.

وتساءلت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون خلال الحلقة النقاشية "لماذا إلى اليوم لا يزال الاعتراف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها إلى أولادها، عرضةً للتسويف والمماطلة والحسابات؟، ولماذا منذ ما قبل الاستقلال لا يزال التخاذل قائماً في هذا الملف، الذي تارةً يربطونه بحسابات دولية وإقليمية وطوراً بتحولات ديموغرافية".

ودعت إلى "ترك موضوع الاعتراف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها إلى أولادها خارج المناكفات والتجاذبات والمزايدات والمحاصصات والنكايات السياسية التي يذهب ضحيتها أصحاب الحقوق"، مطالبةً أصحاب القرار في هذا الملف "بمواجهة المخاوف والهواجس لإيجاد مخرج يزيل الظلم عن اللبنانيات وأولادهن من جهة، واتخاذ التدابير اللازمة التي تزيل هذه المخاوف من جهة أخرى".

ويعد الحصول على الجنسية أحد الحقوق الأساسية في القانون الدولي وهو يربط بين الجنسية والحق بالانتماء القانوني كما أوضحت كلودين عون التي لفتت إلى أن المرأة اللبنانية كانت ولا تزال حتى اليوم محرومة من حقها في نقل جنسيتها إلى أولادها "هل تصدقون أن القرار الذي يُطبق في موضوع الجنسية يعود للعام 1925 وقد نص على أنه (يُعد لبنانياً كل شخص مولود من أب لبنان) أي أن القرار الذي تُمنح بموجبه الجنسية اللبنانية اليوم هو قرار موقع من المفوض السامي الفرنسي الجنرال موريس بول ساراي".

وحول السياق التاريخي والمشهد العام لحرمان المرأة من حق نقل جنسيتها إلى أولادها تقول "الدستور اللبناني في العام ١٩٢٦ أقر في المادة السابعة منه بمساواة كل اللبنانيين لدى القانون وهم يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية. فالمشروع كرس الحقوق المتساوية للمرأة مع الرجل فكان لبنان سباقاً في نشر ثقافة حقوق الإنسان".

وخلصت إلى أنه "إذا الإرادة وجدت، ووجد النص الدستوري منذ العام 1926 أي ما قبل الأزمات السياسية المتتالية، فلماذا لم تتم الورشة التشريعية الإصلاحية على مر كل تلك السنين، لتشمل كل القوانين المجحفة بحق المرأة على غرار ما حصل حين تم تكريس حقها في التصويت وفي الترشح في العام 1953، وحقها في ممارسة التجارة في العام 1994 وسواها من المحطات بالرغم من البطء الشديد في إقرار هذه القوانين".

وأضافت "لم تقتصر أسباب الاجحاف بحق المرأة اللبنانية على الاعتبارات الثقافية الرجعية، بل أتت الأزمات السياسية التي لحقت بالبلد بعدها منها اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري، لتلقي بأوزارها على المرأة، فحملوها مسؤولية التوطين والتجنيس إذا ما نالت حقها في نقل جنسيتها إلى أولادها، كما أتى مرسوم التجنيس الشهير عام 1994 الذي منح الجنسية بجزء منه لغير مستحقيها وبطريقة عشوائية، وشكل خللاً في التوازن الطائفي أدى إلى خلل في نتائج الانتخابات النيابية في بعض المناطق، ليزيد المخاوف لدى البعض، وليلقي بتبعاته على كاهل المرأة".

وتوجهت إلى رافضي الاعتراف بحق المرأة اللبنانية منح جنسيتها لأبنائها قائلةً "نعيد ونذكر أنه حق، والحق لا يقبل المساومة. إما أن نكون جميعنا مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات تماماً كما نص عليه دستورنا أو لا يكون هناك وطن".

ولفتت إلى أنه "من هنا تقدمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بمشروع قانون تعديل قانون الجنسية للاعتراف بحق المرأة اللبنانية".

وقالت "لا تخجلن بالمطالبة بهذا الحق ولا تتوقفن عن النضال من أجله، إن الظلم اللاحق بكن في هذا الملف أوصل بعضكن إلى الخجل بالبوح بالزواج من أجنبي، وإلى إخفاء الأمر خوفاً من الأحكام المسبقة والأحكام المتعمدة"، ودعتهم إلى "الإصرار والسعي لإقرار القانون الأهم الذي يعترف المواطنة الكاملة، وقانون الجنسية".

وتخلل الحلقة النقاشية عرض فيديو حول حق الأم اللبنانية المتزوجة من غير لبناني بمنح جنسيتها لأولادها، بالإضافة لعرض النص المقترح الذي قدمته الهيئة الوطنية إلى رئاسة مجلس الوزراء لتعديل قانون الجنسية.

وقدمت المحامية بريجيت شيليبيان الخطوط العريضة لدراسة بعنوان "جنسية مش تجنيس" تناولت فيها الخلفية التاريخية والمعطيات القانونية والإحصائية لواقع حقوق أولاد اللبنانيات المتأهلات من غير لبنانيين، ومن ثم عرضت كاتبة العدل رندة عبود أمينة سر الهيئة الوطنية النص التعديلي لقانون الجنسية الذي سبق للهيئة الوطنية أن قدمته إلى رئاسة مجلس الوزراء في العام 2019 والذي يقترح الاعتراف بحق اللبنانية المتأهلة من أجنبي بنقل جنسيتها إلى أولادها القاصرين مع حق البالغين منهم بطلب بطاقة خضراء تخولهم التمتع بالحقوق المدنية، ومن ثم التقدم بطلب الجنسية بعد فترة خمس سنوات.

وخلال اللقاء قام عدد من الأمهات اللبنانيات المتزوجات من غير لبنانيين بالإدلاء بشهادات حية حول الصعوبات التي يعانين منها بسبب الاجحاف القانوني اللاحق بهن وبسائر أفراد عائلاتهن، مطالبات بحقهن في منح جنسيتهن لأطفالهن