أمهات المفقودين في العشرية السوداء: ملف المفقودين لم يغلق بعد
تجمعت أمهات وأسر المفقودين أمس الأربعاء 29أيلول/سبتمبر، بالجزائر العاصمة في الذكرى السادسة عشر لاعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مطالبات بالكشف عن مصير بناتهن وأبنائهن المفقودين
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/09/20220306-30-9-202123-jpg59c569-image.jpg)
نجوى راهم
الجزائر ـ .
عقب تجمع أمهات وأسر المفقودين أمام ساحة بوقرة "الأبيار" بالجزائر العاصمة في الذكرى السادسة عشر لاعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ورفعهن صور بناتهن وأبنائهن المفقودين منذ التسعينات إلى يومنا هذا، نظمت ندوة صحفية تحت عنوان "ملف المفقودين لم يغلق بعد" بمقر الجمعية الوطنية للمفقودين.
واعتمدت الجزائر ميثاق السلم والمصالحة الوطنية عام 2005، من خلال استفتاء شعبي، ودخلت نصوصه حيز التنفيذ في شباط/فبراير عام 2006، والتي يعتبرها حقوقيون محاولة من السلطات لإغلاق ملف المفقودين من خلال طمس الحقائق وإغلاق ملف أسود من الانتهاكات والتجاوزات، الذي تضمن مقترحات بتسوية ملف المفقودين في "العشرية السوداء" التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
وأكد المشاركون في الندوة أن المادة 45 من الميثاق تتنافى مع كل المواثيق والعهود الدولية وكذا الدستور الجزائري الذي يعطي المواطنين من كلا الجنسين الحق في تقديم شكوى، وأنهم وجدوا أنفسهم أمام طمس حقيقة ومحاولة تزوير التاريخ، على الرغم من وجود العديد من الشهادات الحية التي تؤكد على أن هناك من تورطوا في هذه الانتهاكات سواءً من الأسلاك الأمنية أو غيرها من الذين اتخذوا من الإرهاب عمل وذريعة لتصفية حساباتهم.
وأشاروا إلى أن "مسألة البحث عن الحقيقة مازالت قائمة لأننا لا يمكننا أن نتجاوز نتائج هذا الميثاق بعد خروج عشرات العائلات والأمهات والزوجات، لأنه وبكل بساطة هو قانون العار الذي يسلب حقوق الإنسان أمام ما تنص عليه الأمم المتحدة لفض النزاعات وحل المشاكل بطريقة إنسانية قبل أن تعالج بطريقة أمنية".
وتعد قضية المختطفين قسراً والتي سميت بـ "مغالطة بالمصالحة الوطنية"، أكثر الملفات مأساوية وحساسية في الجزائر، حيث يعتقد أن المفقودين اختطفوا على أيدي قوات الأمن بين عامي (1992 ـ 1998)، للاشتباه في دعمهم للجماعات الإسلامية، وهي مسؤولية أقرت بها لجنة حكومية وصفت عمليات الاختطاف بأنها كانت أعمالا فردية ولم تكن ممنهجة من قبل السلطات.
وعلى هامش الندوة أوضحت شافية بو عبد الله وهي أم لأحد المفقودين لوكالتنا، أنه وعلى الرغم من أن السلطات الجزائرية تقدم الميثاق كنموذج للعدالة الانتقالية أمام الدول والمواطنين إلا أنها بعيدة كل البعد عن متطلبات العدالة الحقيقية "لم يعد بإمكان عائلات المختفين اتخاذ إجراءات قانونية في بلادهم بحسب ما نصت عليها المادة 45 من الميثاق".
وتنص المادة 45 من الميثاق على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية".
وتنص المادة 46 من الميثاق على أنه "أي شخص يشوه سمعة البلاد وطنياً وفي الخارج، معرض لعقوبة السجن لمدة تتراوح ما بين 3 ـ 5 سنوات، ولغرامة مالية في حدود 500 ألف دينار".
ويرى حقوقيون أن الميثاق ما هو إلا تكريس لسياسة "الإفلات من العقاب ومنح العفو، والارتقاء بمرتكبي الجرائم ضد الإنسانية إلى مكانة الأبطال وتجريم الضحايا وأسرهم، ومن يجرؤ على التشكيك في الرواية الرسمية وتهديدهم بأشد العقوبات".
والدة إحدى المفقودين "منذ عام 1993وأنا أبحث من مكان لآخر عن ابني المفقود، كل مكان يرسلونني له أذهب دون كلل أو ملل، كان لدي 5 أبناء دفنت لحد اليوم ثلاثة وبقي واحد معي في المنزل وأنتظر دخول ابني المفقود في أي وقت... لا أريد تعويضات ولا أموال، أريد فقط معرفة مصير ابني المفقود حتى وإن كان ميتاً".
واقترح ميثاق السلم والمصالحة الوطنية على أسر المفقودين مبالغ مالية على سبيل التعويض، مقابل الكف عن المطالبة بـ "الحقيقة والقصاص".
ويعتبر ملف المفقودين قسراً من أعمق القضايا السياسية الشائكة التي تعيشها الجزائر، فقد قدرت السلطات الجزائرية عدد المفقودين خلال الحرب الأهلية أو ما يعرف بالعشرية السوداء (1991 ـ 2002)، بأكثر من 6500 شخص لم يعرف مصيرهم حتى كتابة هذا الخبر.