الهيئة الدولية لدعم حقوق الفلسطينيين توصي بفرض سياسة موحدة لمناهضة العنف ضد النساء
أكدت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، على أن معدلات العنف ضد النساء قد ازدادت في الآونة الأخيرة جرائم قتل النساء، مشددةً على ضرورة وضع سياسة لمناهضة العنف ضدهن.
غزة ـ أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، ورقة بعنوان "نحو سياسة وطنية لمناهضة العنف ضد المرأة" أوصت خلالها بضرورة فرض سياسة موحدة لمناهضة العنف ضد النساء، ضمن أقلام المتدربين المشاركين في برنامج الباحث الحقوقي في دفعته الثامنة، الذي نظمته الهيئة بالتعاون والشراكة مع مركز المبادرة الاستراتيجية فلسطين ـ ماليزيا.
طالبت "حشد" من خلال الورقة بضرورة وضع حلول وسياسات للحد والتقليل من العنف الممارس ضد النساء من خلال دراسة الأسباب التي تبين الفجوة بين ضعف منظومة الحماية وما بين وجود سياسة وعدم تطبيقها، مع ضرورة تعديل قوانين العقوبات والأحوال الشخصية وتوحيدها في فلسطين، بالإضافة إلى إصدار قانون يجرم العنف ضد النساء وقانون حماية الأسرة من العنف.
ونوهت إلى أهمية قيام كل وزارة فلسطينية سواء بالضفة أو القطاع خاصةً وزارتي التنمية الاجتماعية وشؤون المرأة؛ بدمج خطة لمناهضة العنف ضمن عملها مع تحديد مسؤولية وعمل كل وزارة وآلية التواصل والتشبيك بينهما وبناء قاعدة بيانات حول عمل المؤسسات، وإيجاد وثيقة تفاهم مع ضمان تبادل المعلومات في المؤسسات المناهضة للعنف، إلى جانب حملات الضغط والمناصرة لزيادة الوعي المجتمعي بأهمية مناهضة العنف ضد المرأة.
وأشارت إلى أهمية استخدام الإعلام بطريقة ممنهجة وفعالة ومستمرة في نشر الثقافة المناهضة للعنف ضد النساء من خلال تعفيل دور منتدى الإعلاميين والتشبيك ما بين المؤسسات النسوية والإعلامية وبناء قدرات الإعلاميين وزيادة المحتوى المسموع والمرئي والمقروء حول العنف مع الرقابة عليه ليتوائم مع كافة فئات المجتمع خاصةً الأطفال في المدارس الذين يعتبرون بناة الغد.
واستكمالاً للإجراءات السابقة شددت "حشد" على أن تبدأ الجهات المعنية بتعديل وتطوير القوانين الخاصة بالمرأة مع إلغاء بعض المواد من قانون العقوبات والمصادقة على مشروع قانون حماية الأسرة وتفعيله واعتماد التعديلات التي تمت على قانون العقوبات، خاصةً أن النساء ما زلن تُعانين من منظومة قانونية متناقضة ومتعددة بفعل الواقع السياسي السائد، والمنعكس سلباً على حماية حقوقهن.
وأكدت على ضرورة التعامل مع الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم التابعة لقطاع غزة بصفة الإلزام والتنفيذ، وخصوصاً في مسائل الأحوال الشخصية، مع ضرورة اتخاذ التدابير القانونية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، والتي كانت جميعها مشاريع قوانين لم يتم إقرارها بسبب تعطيل المجلس التشريعي الذي ساهم في تأخير اعتماد قانون العقوبات المعدل الذي زاد من العنف الممارس ضدهن دون وجود رادع.
ولم تكن القوانين هي العائق الوحيد فقد كشفت الورقة أن للأعراف المجتمعية دور واضح في تعزيز العنف ضد المرأة، وهذا ما أكدته الكثير من الدراسات، خاصةً أن ذلك التأثير بتلك الأعراف لا تتوقف على عقول الرجال فقط، بل يتعداه ليصل إلى عقول النساء، وبالتحديد الزوجات اللواتي أصبحن تعتقدن أنَّ تعرضهنَّ للضرب، وللعقاب الجسدي، والتعنيف اللفظي، أمرٌ طبيعي وضمن سياق سير الأمور.
لكن ما ورد في السطور السابقة لا يمكن تعميمه على كافة النساء بالتساوي بحسب ما ورد في الورقة؛ إذ أنَّ لكل مجتمع قيمه المختلفة وعاداته وتقاليده، ودرجة معينة من التطور الاجتماعي والفكري، والتي تلعب جميعها دوراً في السلوكيات العامة المتفق عليها، وفي تقبل الممارسات السابقة من عدمها.
وبينت الورقة أن العنف ضد المرأة له آثار صحية جسيمة تتمثل في إصابة المرأة بالصداع نتيجة تعرضها للتعنيف، فضلاً عن اضطرابات الجهاز الهضمي، وآلام البطن والظهر، علاوة عن الإصابات التي قد تتعرض لها كالحروق والجروح والكسور، إلى جانب الآثار النفسية المتمثلة في الاكتئاب، ومشكلات النوم، وصعوبات تقبُّل الطعام وفي الحالات الشديدة، قد تُقدم المرأة على الانتحار لإنهاء عذابها.
إضافة لما سبق هناك الآثار الاجتماعية التي توثر بشكل كبير على النساء ودورهن فتصل المرأة بسبب العنف الذي تتعرض له، إلى العزلة التي تُبعدها عن الأنشطة وعن المشاركة فيها، وتجعلها غير قادرة على العمل، فتفقد فرصتها في تحصيل الاستقلال المادي وعلى بناء العلاقات الاجتماعية بشكل عام.
وأضافت الورقة أن العنف ضد المرأة يشكّل انتهاكاً جسيماً لكافة الضمانات التي كفلتها وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني، وكذلك لمختلف معايير واتفاقيات القانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان لاسيما اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وإعلان مناهضة العنف ضدها، بالرغم من التطور في التشريعيات وتوقيع فلسطين على جملة من الاتفاقيات الدولية.
وبحسب ما ورد في الورقة، شهدت معدلات العنف ضد النساء مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً لجرائم القتل التي تنتهك أهم الحقوق وهو الحق في الحياة، حيث أن المرأة لا تزال تُعاني من عنف مجتمعي وتهميش داخلي يستند إلى موروث ثقافي أبوي يقوم على التمييز ضد النساء في مجمل جوانب الحياة، ويجد هذا التمييز تجلياته في الثقافة الاجتماعية والقوانين والأنظمة السائدة.