ناشطة مغربية تبرز تحديات تمكين المرأة في السياق المحلي والإقليمي

تساهم جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي بمقاطعة عين الشق في المغرب، في تحسين أوضاع النساء المغربيات خاصة الفئة الشابة عبر برامج توعوية تهدف إلى تعزيز معرفتهنّ بحقوقهنّ.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت الناشطة الجمعوية ابتسام تاتي أن النساء اللواتي نشأن في بيئات الحروب وفقدن أسرهن بحاجة ماسة إلى برامج تأهيل نفسي، من أجل استعادة ثقتهن بأنفسهن ومواجهة التحديات، مشددة على ضرورة دعم النساء والأطفال لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي ولضمان تمكينهن النفسي والاجتماعي.

تحدثت رئيسة جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي بمقاطعة عين الشق ابتسام تاتي عن أوضاع النساء المغربيات ومواجهتهن للتحديات، مؤكدة على أهمية التمكين الاقتصادي للنساء، الذي بات ضرورة لتحقيق استقلالهن المادي وتعزيز أدوارهن في الأسرة والمجتمع، كما تناولت وضع النساء في مناطق النزاع، واصفة واقعهن بـ"الهش"، داعية إلى ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لدعم الفتيات والنساء في هذه المناطق المتضررة.

وقالت إن جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي تعمل على تحسين أوضاع النساء في ظروف هشاشة أو صعبة، من خلال برامج توعوية تهدف إلى تعزيز معرفتهن بحقوقهن القانونية والاجتماعية، كما تسعى الجمعية إلى تحفيز النساء على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، سواء عبر التمثيل السياسي في البرلمان أو تولي مناصب قيادية في الإدارات والمؤسسات.

وعن الوضع الاجتماعي للنساء في عين الشق، أوضحت أن النساء حققن تقدماً ملحوظاً على مستوى البلاد في السنوات الأخيرة، لكن نساء هذه المنطقة تواجهن تحديات كبيرة تحول دون حصولهن على حقوقهن كاملة، ومن أبرز هذه التحديات "صعوبة الوصول إلى فرص عمل تضمن للنساء الكرامة والاستقرار، إلى جانب غياب التعليم الجيد والخدمات الصحية الملائمة التي تعتبر أساسية لتمكين المرأة".

وأشارت إلى التباينات الاجتماعية الكبيرة التي تشهدها النساء في عين الشق، حيث يتواجد خليط بين الطبقات المتوسطة والشعبية، مما يخلق واقعاً معقداً يؤثر بشكل مباشر على فرص النساء في تحسين ظروفهنّ المعيشية، موضحةً أن مستويات تعليم النساء في عين الشق متفاوتة، إلا أن العديد منهن بدأن تدركن أهمية تطوير الذات ومواكبة متطلبات العصر، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.

وأكدت أن التمكين الاقتصادي للنساء أصبح أمراً بالغ الأهمية، ليس فقط لتحقيق استقلالهنّ المادي، ولكن من أجل تعزيز أدوارهن داخل الأسرة والمجتمع بشكل عام، مشددة على أن المرأة التي تتمتع بالاستقلال الاقتصادي لا تقتصر قدرتها على تلبية احتياجاتها المعيشية فحسب، بل تصبح أيضاً شريكاً فاعلاً في اتخاذ القرارات الأسرية، مما يساهم بشكل كبير في تحسين مستقبل أطفالها وتطوير المجتمع ككل.

وتطرقت ابتسام تاتي إلى دور البرامج التي تهدف لمكافحة الأمية وتنظيم التعاونيات، مشيرة إلى أن العديد من النساء انخرطن في هذه البرامج والمشاريع المدرة للدخل.

وأضافت أن التعاونيات توفر منصة للنساء لتوسيع آفاقهن الاقتصادية، حيث تفتح لهن أبواباً للأسواق الخارجية لعرض منتجات ذات طابع مغربي أصيل، مثل الزرابي والأواني التقليدية، مؤكدة أنه برغم التقدم الذي أحرزته النساء في العديد من المجالات إلا أن بعض المناصب ما زالت تعتبر "ذكورية"، حيث لا يزال حضور المرأة فيها ضعيفاً للغاية.

وأوضحت أنه "رغم التطورات لا تزال النساء تعانين من العنف، وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه في السابق، فأن المجتمع الذكوري لا يزال غير مدرك تماماً لأضرار العنف ضد المرأة"، داعية إلى ضرورة تغيير هذه النظرة من خلال التوعية المستمرة "يجب على المجتمع أن يعي أن المرأة شريك أساسي للرجل وليست ضلعاً عوجاء" كما يقال.

ولفتت إلى أن التصورات المجتمعية السلبية التي تضع المرأة في إطار معين قد أثرت سلباً على مكانتها، مشيرة إلى أن إعادة تأهيل النساء نفسياً وثقافياً واجتماعياً يعد أمراً بالغ الأهمية لاستعادة ثقتهن في أنفسهن وإيمانهن بقدراتهن "عندما تمنح المرأة الفرصة المناسبة، فإنها تثبت جدارتها وتحقق نجاحات ملحوظة".

ورغم التقدم الذي تم إحرازه على مستوى المغرب، أضافت أن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة، مؤكدة أن التغيير يبدأ من خلق وعي جماعي بأهمية تمكين المرأة وتعزيز حقوقها في جميع المجالات.

وعن النساء اللواتي تحملن عقليات ذكورية، قالت "بعض النساء تساهمن في تعزيز أفكار قديمة ومتحفظة تروج لفكرة أن النساء ناقصات في دينهن وعقولهن، وهذا النوع من التفكير يؤثر بشكل سلبي على تربية الأجيال المقبلة، حيث يربين أطفالهن على أن الذكور هم الأهم في الأسرة، بينما تعتبر الإناث مجرد خادمات داخل البيت، وفقاً لهذا الفكر، يعتبر الرجل في موقع المسؤولية خارج المنزل، بينما تتحمل المرأة عبء تربية الأطفال وأعمال المنزل، ويلقى اللوم عليها في حال كان الأطفال غير ناجحين، بينما ينسب النجاح دائماً للرجل".

وبينت أنه على الأمهات تحمل مسؤولية تغيير هذه الثقافة السلبية، وأن يربين أطفالهن على المساواة دون تفرقة بين الذكور والإناث، مؤكدة أنه من الضروري أن يكون تقسيم المسؤوليات داخل المنزل مشتركاً بين الرجل والمرأة.

وحول تقييمها لعمل الحركة النسائية المغربية، أوضحت ابتسام تاتي أن هذه الحركة تمثل صوتاً قوياً في المجتمع المغربي، وتقودها نساء مشهود لهن بالنضال والمثابرة، مشيرةً إلى أن الحركة النسائية تتفاعل بشكل دائم مع القضايا الوطنية، وتحضر بانتظام للقاءات وتهدف إلى مناقشة أوضاع النساء في المغرب.

ونوهت إلى أنه من خلال هذا التفاعل المستمر، تتمكن الحركة من تقديم الترافع من أجل تحسين وضع المرأة المغربية، مما ساهم في تحقيق العديد من المكتسبات التي تمتع بها النساء في الوقت الحالي، وأن هذه المكاسب لم تكن لتتحقق لولا جهود ونضال النساء اللواتي عملن بشكل جاد لتغيير الواقع ورفع الظلم عنهن.

وأضافت "يتميز وضع النساء بشكل عام بوجود حقوق وتشريعات متقدمة مقارنة بعدد من الدول في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط"، موضحةً أن التجربة المغربية تعد من التجارب الرائدة على مستوى المنطقة، حيث استطاع المغرب تحقيق تقدم ملحوظ في مجال حقوق المرأة مقارنة بالعديد من الدول في المنطقة.

أما بالنسبة للأوضاع الإقليمية في بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أكدت ابتسام تاتي أن العديد من هذه البلدان تعاني من أزمات سياسية وصراعات وحروب تضع النساء في أوضاع أشد هشاشة "في هذه المناطق، تجد النساء أنفسهن محرومات من أبسط حقوقهن"، مبينة أن الأزمات التي تتعلق بالحروب في بعض هذه الدول تؤدي إلى فقدان النساء للعديد من أفراد عائلاتهن، ما يتركهن في حالة نفسية صعبة ويجعلهن يواجهن تحديات كبيرة في الحياة اليومية.

وأوضحت أن الفتيات اللواتي نشأن في بيئات حروب وفقدن أسرهن، بحاجة ماسة إلى تأهيل نفسي شامل يساعدهن على استعادة ثقتهن في أنفسهن والتصدي للتحديات التي تواجهن في الحياة "الحروب تؤثر بشكل عميق على النفسية، لذا من الضروري توفير برامج الدعم النفسي والاجتماعي للمساعدة في إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال والنساء".

وفي ختام حديثها أكدت رئيسة جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي ابتسام تاتي على أهمية دعم النساء والفتيات في مناطق الحروب من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، مشددة على أهمية تكثيف الجهود والعمل المشترك بين الدول والمنظمات الدولية لضمان حقوق المرأة في هذه المناطق المتضررة من النزاعات.