حتى لا تنتحرن أو تقتلن... مطالب بزيادة مراكز إيواء المعنفات في المغرب

طالبت منظمات حقوقية مغربية، برفع أعداد مراكز الإيواء والاستماع للمعنفات، مع التشديد على ضرورة انخراط الفاعل السياسي في قضية الدفاع عن حقوق النساء.

حنان حارت

المغرب ـ عندما لا يكون هناك مأوى تلجأ إليه النساء، فإنهن تخضعن للعنف بشكل مضاعف، وقد يؤدي ذلك بهنّ إما الدخول في دائرة من الاكتئاب التي قد تقودهن إلى الانتحار، أو قد يفارقن الحياة نتيجة ضربة قاتلة من المعتدي.

تعد مدينة الدار البيضاء أكبر مدينة في المغرب من حيث المساحة وعدد السكان الذي يتجاوز حوالي 4 ملايين نسمة، وهذا ما يجعلها الأكثر اكتظاظاً بالسكان في المغرب، فيما تقارب نسبة النساء 50% من إجمالي سكان المدينة.

وحسب تقارير الجمعيات، فإن مدينة الدار البيضاء من بين المدن التي تسجل نسبة مرتفعة في حالات العنف ضد النساء، في وقت لا تشهد مراكز الإيواء والاستماع أية زيادة، وهو ما يطرح إشكالية إيواء النساء المعرضات للعنف في مدينة الدار البيضاء أحد أكبر المدن المغربية.

وتوجد في المدينة عدة مراكز تابعة للجمعيات تقدم الدعم للنساء ضحايا العنف، لكن هناك عدة تحديات تواجه هذه المراكز، والتي تؤثر على قدرتها في تقديم الدعم اللازم للمعنفات، إضافة إلى ضعف التنسيق بين المراكز والجهات الحكومية والمجتمع المدني، مما يؤدي إلى تعقيد عملية تقديم الدعم الشامل والفعال للضحايا.

هذا وقالت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو إن "مراكز الاستماع والإيواء واحدة من أهم الوسائل التي تساعد المعنفات على تجاوز محنتهن في مدينة الدار البيضاء، فهي فضاءات آمنة وبيئة داعمة تمكن النساء من الحصول على الرعاية النفسية والاجتماعية والقانونية".

وبينت أن نسبة النساء المعنفات في العاصمة الاقتصادية في تزايد، مشددة على أهمية إحداث مراكز للاستقبال والاستماع والتوجيه من أجل استيعاب أعداد النساء ضحايا العنف على مستوى جماعة الدار البيضاء ومجالس مقاطعاتها.

وأضافت أن بعض النساء ضحايا العنف، وفي ظل عدم توفر تلك المراكز في مدينة الدار البيضاء، فإنهن تخضعن وتطبعن مع العنف "مع استمرار العنف قد يفكرن في الانتحار، أو قد يقتلن من طرف المعتدي".

وأشارت إلى أن النساء في مدينة الدار البيضاء تعانين من نقص في وسائل الحماية والدعم، مؤكدة على أن تكلفة إيواء نساء ضحايا العنف عالية جداً، ولا يمكن للجمعيات وحدها تغطية مصاريف ذلك "هناك بعض الجمعيات لديها مراكز إيواء لكنها غير كافية في ظل ارتفاع نسب العنف".

وأوضحت "نحن اليوم بحاجة إلى مراكز آمنة من أجل كسر جدار الصمت، والحد من العنف الممارس على النساء"، لافتة إلى أنه "كلما كانت مراكز الاستماع قريبة من سكن النساء كلما تشجعنّ على التبليغ".

وأكدت على ضرورة إنشاء مراكز جديدة في مختلف مقاطعات الدار البيضاء لتلبية الاحتياجات المتزايدة، وتطوير آليات تنسيق فعالة بين المراكز والجهات الحكومية والمجتمع المدني لضمان تقديم دعم شامل للضحايا، مطالبة بتدخل سريع وفعال من قبل جماعة الدار البيضاء لتوفير الحماية والدعم اللازمين، بهدف وقف معاناة النساء المعنفات.

ولفتت إلى أن الفاعل السياسي يجب أن يتحمل مسؤوليته مع المجتمع المدني، وأن يدافع عن القضية النسائية ضمن أجندته السياسية والمساهمة في خلق مراكز استماع وإيواء وتأهيل ضحايا العنف، لإخراج النساء من دوامة العنف "مراكز الإستماع أول باب يمكن للنساء المعنفات طرقه للإستماع لهنّ ودعمهن وتوجيههن ومؤازرتهن ومواكبة ملفاتهن".

وأوضحت "كلما وجدت النساء آذانا صاغية في منطقتهن كلما تمكن من رفع أصواتهن وتحدي العنف الذي يمارس عليهنّ بشكل يومي بكل أشكاله"، مشددة على ضرورة خلق مراكز إيواء واستماع في مدينة الدار البيضاء.

وأوضحت أن إيواء النساء المعنفات يتطلب ميزانية عالية، حتى وإن توفرت للجمعيات هذه المراكز، فإن الطاقة الاستيعابية تكون قليلة جداً، لافتة إلى أن بعض الجمعيات تستفيد من مراكز إيواء أو فضاءات متعددة الوظائف وهي تابعة للتعاون الوطني ووزارة الأسرة والمدة التي يسمح فيها بإيواء ضحايا العنف هي 72 ساعة "المدة غير كافية وكلما استطعنا تخفيف العبء على المجتمع المدني والجمعيات النسائية سنتمكن من حماية النساء".

وأكدت على أن المقاطعات هي التي يجب أن تتحمل مسؤولية المصاريف والتدريب والاستقبال "إذا تمكنا من ذلك سنتمكن من تقليص الأعداد المهولة للعنف ضد النساء التي يتم تسجيلها سنوياً".

وكانت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، قدمت عريضة إلى مجلس جماعة الدار البيضاء، تشرح فيها عدم توفر الحماية الكافية للنساء والفتيات من العنف في الفضاءات والمرافق العمومية التابعة لجماعة الدار البيضاء، في الوقت الذي تظل فيه النساء العاملات في الفضاءات العامة عرضة للعديد من أشكال العنف والتمييز، مع ضرورة إنشاء مراكز إيواء واستماع لضحايا العنف، بهدف توفير الحماية لهن.

ويوجد في المغرب 86 مركزاً لإيواء النساء ضحايا العنف، وهو رقم لا يتناسب مع عدد شكاوى العنف التي تتلقاها السلطات.

وبالرغم من التحديات تبقى مراكز الإيواء والاستماع للنساء ضحايا العنف في مدينة الدار البيضاء شريان حياة للعديد من النساء اللواتي تعشن ظروف قاسية، كما وأن تحقيق المزيد من الفعالية يتطلب تضافر جهود الجميع، سواء من الحكومة أو المجتمع المدني، من أجل ضمان حماية وكرامة النساء.