تقرير سنوي يدعو إلى الامتناع عن نشر خصوصيات الأطفال في وسائل الإعلام
أوصى التقرير الوطني حول وضع الطفولة إلى نشر ثقافة المحافظة على البيئة وحمايتها في الوسط المدرسي، ضماناً لحق الأجيال القادمة في مناخ نقيّ وموارد طبيعية محميّة وتنمية مستدامة، وإلى أهمية الاهتمام بالبحوث العلمية لدراسة الظواهر التي تمس الطفولة.
تونس ـ دعت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى، إلى الامتناع عن نشر صور وخصوصيّات الأطفال في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وإلى ممارسة التمييز الإيجابي مع قضايا الطفولة في مجالي الإعلام والبحث العلمي.
قالت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى، خلال لقاء تناول مخرجات التقرير الوطني حول وضع الطفولة لعامي 2020 و2021، أمس الثلاثاء 24 أيار/مايو، "نعوّل على المسؤوليّة الاجتماعيّة للمؤسسات الماليّة والاقتصاديّة لتقليص التفاوت بين الجهات والمناطق في الحقّ في التربية ما قبل المدرسيّة"، داعية القطاع الخاص إلى مزيد الاستثمار في قطاع الطفولة وخاصّة إحداث رياض أطفال في المناطق ذات التغطية الضعيفة، معلنة عن الشروع في إعداد دراستين حول "الأطفال ضحايا التسول" و "تعزيز إدارة حالات الأطفال ضحايا العنف".
وبخصوص التقرير الوطني حول وضع الطّفولة في تونس لعامي 2020 و2021 أوضحت آمال بلحاج أنه يأتي في سياق استثنائي مرّت به الإنسانية بسبب انتشار فيروس كوفيد ـ 19 الذي طالت تداعياته كل الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال.
وبيّنت أنّ لهذا التّقرير خصوصيتان، إذ يغطي في بادرة هي الأولى من نوعها عامي 2020 و2021 ويوفّر معطيات واضحة ودقيقة عن الواقع الرّاهن للطّفولة في تونس من جهة، وينقل المعطيات المتعلّقة بوضع الطفولة في تونس بكل أمانة وموضوعية باعتماد معالجة نقديّة تلامس مشاكل الطفولة مع الحرص على قراءتها قراءة علميّة تضمن نجاعة رسم وتصويب السياسات الوطنية في مجال النّهوض بواقع الطفولة التونسية من جهة أخرى.
واعتمد التقرير منهجيّة تقوم على مقاربة حقوقيّة وتراعي مسألة النّوع الاجتماعي والتّوازن الجهوي إلى جانب الاستناد إلى أهداف التنمية المستدامة، كما ارتكز التقرير على ستّة محاور كبرى تتمثّل في الحقّ في التعليم والتربية والتكوين وكسب رهانات تكافؤ الفرص وتحقيق الجودة والحقّ في الأنشطة الثقافيّة والريّاضية والترفيهيّة والحقّ في الرعاية الصّحيّة والمرافقة النّفسيّة والإحاطة الاجتماعيّة والحقّ في الحماية من المخاطر والحقّ في بيئة سليمة والحق في المشاركة والتعبير.
وأبرز مؤشرات التقرير تشير إلى انخفاض عدد الأطفال المسجّلين في رياض الأطفال بسبب جائحة كوفيد-19 من 965.307 طفلاً وطفلة عام 2019 إلى 260.832 طفلاً وطفلة عام 2021، وإلى تزايد عدد الفضاءات الفوضويّة لتصل إلى 801 فضاء على خلاف الصيغ القانونية، وهو ما استوجب من الوزارة مضاعفة الجهود لتكثيف حملات مراقبة الانتشار الفوضوي وإصدار 316 قرار غلق ومراجعة كراس الشروط لفتح رياض الأطفال وإطلاق برنامج الروضة العموميّة.
وحسب التقرير ذاته فإنّ 11 % من الأطفال مازالوا محرومين من التمتّع بالمرحلة التحضيرية، في حين تبلغ نسبة تمدرس الأطفال البالغين 6 سنوات 99.6 %، لتنخفض النسبة إلى 84.3 % لدى الفئة العمريّة 12-18.
وفي مجال الرعاية الصحيّة والاجتماعية، تراوحت نسبة التلقيح الدوري للأطفال خلال عامي 2020 و2021 بين 95% و100% باختلاف صنف التلقيح، وتضاعف عدد الأطفال المهدّدين المتعهّد بهم من قبل المعهد الوطني لرعاية الطفولة من 466 عام 2020 إلى 855 عام 2021.
كما بيّن التقرير تنامي عدد الإشعارات التي يتلقّاها مندوبو حماية الطفولة من 15202 إلى 17069 إشعار ويتعرّض الطفل إلى التهديد في كلّ الفضاءات التي يرتادها، ويمثل المنزل أكثر الفضاءات مصدراً للتهديد بعدد الإشعارات البالغ 10120 إشعاراً عام 2021 أي بنسبة 59.30% من مجموع الإشعارات.
وانبثق عن التقرير جملة من التوصيات من بينها تطوير المناهج البيداغوجية المعتمدة برياض الأطفال وتعميم السنة التحضيريّة على المستوى الوطني لاسيّما في الجهات الداخليّة ذات نسب متدنية وتعميم آليات الحد من انقطاع وتّسرّب المدرسيين، وإيلاء المطالعة والأنشطة الثقافية والرّياضيّة والاجتماعيّة داخل الفضاءات التربوية الأهمية الضرورية من خلال توفير قاعات المطالعة وفضاءات للحوار والإعلام والتثقيف الصحيّ وقاعات للمراجعة ولممارسة الرّياضة في جميع الجهات وخاصة في الجهات الداخلية والمناطق النائية، إلى جانب ضمان حقّ كلّ الأطفال في الثقافة الرقميّة دون تمييز وحماية الأطفال من المخاطر الرقميّة.
كما أوصى التقرير بالإسراع بمأسسة التربية الوالديّة في ظلّ تدنّي مستوى معارف الأولياء وثقافتهم في مجال صحة الطفل ومسار نموّه والاستكشاف المبكّر لمؤشرات التهديد المتعلّقة بالجوانب الصحيّة والنفسيّة للأبناء، وتعزيز آليات الحماية من خلال مراجعة قانون حماية الطفولة، وآليات الرصد المبكّر للوضعيّات المهددة بالقطيعة الاجتماعية.
ودعا التقرير كذلك إلى نشر ثقافة المحافظة على البيئة وحمايتها في الوسط المدرسي وفي مؤسسات الطفولة المبكرة ومختلف مؤسسات الشباب ودور الثقافة وفضاءات التنشيط، ضماناً لحق الأجيال القادمة في مناخ نقيّ وموارد طبيعية محميّة وتنمية مستدامة، وتعميق الوعي المجتمعي بحق الأطفال في المشاركة والتعبير باعتبارهما حقاً أساسياً، إلى جانب وضع دليل لمعالجة القضايا المتصلة بالطفولة في وسائل الإعلام لتجنّب الانزلاقات ومنع الإساءة غير المتعمّدة لبعض الأطفال.
وأعلنت الوزيرة آمال بلحاج موسى، على هامش اللقاء، عن إطلاق مشروع "الروضة العمومية الدامجة" من خلال انطلاق برنامج الدمج التربوي لذوي طيف التوحد في العودة التربوية المقبلة، مؤكّدة أنّ الوزارة تسعى من خلال تنفيذ برنامج الروضة العموميّة إلى تكريس الدور الاجتماعي للدولة وذلك من خلال إحداث ما بين 25 و30 روضة عموميّة ستفتح أبوابها للأطفال دون سنّ التمدرس في بداية العام الدراسي 2022-2023 في المناطق ذات أولويّة التدخلّ وذات نسبة التغطية المنخفضة.
كما أشارت إلى أنّ 13 ألف طفل استفادوا من برنامج النهوض بالطفولة المبكّرة خلال العام الدراسي 2020-2021 ومن المنتظر أن يستهدف 15 ألف طفل خلال العام الدراسي 2022-2023، معلنة من جانب آخر أنّ الوزارة شرعت في إعداد دراستين هامتين حول "الأطفال ضحايا التسول" و"تعزيز إدارة حالات الأطفال ضحايا العنف" من أجل المساهمة في معالجة هذه الظواهر التي تمسّ من الطفولة.