باللوحات تجسد خروجها من أنقاض القصف على قطاع غزة

حمل معرض الفنانة الفلسطينية زينب القولق اسم "عمري 22 عاماً وفقدت 22 شخصاً"، ويجسد من خلال تسع لوحات برفقة تسعة نصوص مأساة فقدان العائلة، والمكوث 12 ساعة تحت أنقاض مبنى أصبح غالبية سكانه موتى.

رفيف اسليم

غزة ـ جسدت زينب القولق لحظات خروجها من تحت أنقاض منزلها الذي استهدفه القصف الإسرائيلي في شارع الوحدة عبر عدة لوحات، خلال معرض نظمه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، أمس الثلاثاء 24 أيار/مايو، في مقر المكتب في قطاع غزة.   

على هامش المعرض قالت زينب القولق لوكالتنا أن اللون الغالب على لوحاتها هو الرمادي ليعكس المأساة التي عاشتها خلاله وما بعد العدوان والمتمثلة بفقدان جميع أفراد عائلتها، ولتوصل من خلال الفن عدة رسائل للعالم أبرزها أن "الاحتلال يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، ويستهدف المدنيين الأمنين في بيوتهم"، لافتةً إلى أنها خلال اللحظات التي عاشتها تحت الركام كانت تتسأل هل نجا أفراد عائلتها، وبقيت هي العالقة الوحيدة تحت الأنقاض؟

وأضافت أنها خلال تواجدها تحت الأنقاض كانت تتمنى أن تفقد الوعي وهي تمسك بهاتفها محاولة وصف موقعها على أمل أن يأتي أحدهم وينقذها لتتفاجأ بعد أن خرجت أن أبيها الذي كان يناظرها هو الناجي الوحيد من العائلة، مشيرةً إلى أن جميع تلك المواقف والمأساة التي عاشتها تمثلت في اللوحات المعروضة التي أنتجت باستخدام مادة الأكريليك.

 

 

المديرة الاستراتيجية للمركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مها الحسيني أوضحت أن المعرض يسلط الضوء على قصة زينب القولق، وهي فنانة فلسطينية فقدت عائلتها خلال عدوان مايو 2021، وبقيت تحت الركام لـ 12 ساعة متواصلة، مشيرةً إلى أن زينب القولق واحدة من آلاف القصص التي لم يكشف عنها بعد.

وأضافت أن "اللوحات تعكس آلام مئات الآلاف من النساء والأطفال والفتيات اللواتي يعانين خلال الهجمات العسكرية الممنهجة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي"، موضحةً أن أهمية اللوحات تنبع من كون الضحية هي صاحبة تلك الرسومات فتعبر عن مشاعر صادقة عاشتها كي يراها العالم، ومن خلال نظرة واحدة للوحات يمكن للمشاهد أن يلاحظ مدى الآلام النفسية التي عانتها خلال وما بعد العدوان.

وأشارت إلى أن المركز يستهدف بشكل أساسي ضحايا النزاعات المسلحة في قطاع غزة بهدف تدريبهم، وتطوير قدراتهم للحديث أمام مجلس حقوق الإنسان وتقديم قصصهم، لافتةً إلى أن المركز ينفذ العديد من الأنشطة التي تستهدف الناجيات، وتدريبهن على الدفاع عن أنفسهن دون تدخل المؤسسات الدولية أو الأشخاص.

 

 

الناقدة الفنية خلود العكلوك أبدت إعجابها باللوحات المعروضة، وكذلك بعزيمة زينب القولق التي تخطت المعاناة لتنتج من رحم الألم أمل لمواصلة طريقها من جديد عبر معرضها الذي حظي بحضور وتأييد واسع، مشيرةً إلى أن "مجزرة شارع الوحدة التي عاشتها زينب لساعات متواصلة تمثل معاناة للكثير من الفلسطينيين الذين يحاول الدفاع المدني الفلسطيني في كل عدوان تحدي الوقت لإخراجهم من تحت الركام أحياء قبل أن يسبقهم الموت".

وأوضحت أن مشاهدتها للوحات المدعمة بالنصوص كانت فكرة فريدة جعلتها تدخل بالحالة الشعورية التي عاشتها زينب القولق، وكأنها هي من كانت تحت الركام، مبينةً أن "مشاهدة اللوحات أرجعتها لذكريات ومأساة العدوان، وأصوات الصواريخ وفقدانها للكثير من الأشخاص والمناجاة لوقت طويل أن تخرج حية من القصف المتواصل طوال 11 يوم".

 

 

وعبرت لينا الجعفراوي وهي صديقة زينب القولق عن التحول الفارق في أسلوبها بالرسم فقديماً كانت تشاهد بلوحاتها الألوان، والطيور، والعناصر المبهجة، أما اليوم فلم ترى سوى الجثث، والألوان القاتمة التي جسدت معاناة مازالت تعيشها حتى الآن، لافتةً إلى أنها رسمت يوم تخرجها من الجامعة ملابس دون أجساد لتوصل مدى تأثير الفقد عليها.