نداء صحفي: على الإعلام توثيق المقاومة التاريخية التي يشهدها سد تشرين

أكدت الصحفية نوجين سرخبون على أن ما يشهده سد تشرين بإقليم شمال وشرق سوريا من اللحظات التاريخية، داعيةً كافة الصحفيين من مختلف دول العالم للتوجه إلى السد ونقل المقاومة والحقيقة التي لا بد من إظهارها.

سوركل شيخو

الحسكة ـ دخلت المقاومة التاريخية لقوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية المرأة في سد تشرين لإقليم شمال وشرق سوريا شهرها الثالث، فأهالي المنطقة الذين يتوجهون إلى سد تشرين مستمرين بفعالية المناوبة منذ الثامن من كانون الثاني/يناير الماضي، لمساندة أبنائهم في جبهات القتال وحماية مكتسباتهم ومواردهم الخدمية والمعيشية.

تتخلد مقاومة الشعب وتكاتفهم مع قوات الحماية في ذاكرة التاريخ من خلال عدسات الكاميرات وأقلام الصحفيين والصحفيات اللواتي أصبحوا أعين وآذان وألسنة للشعب الذي اختار طريق المقاومة، كما واجهت مقاومة سد تشرين العديد من الهجمات والمجازر التي ارتكبها الاحتلال التركي ضد المدنيين، والذي أسفر عن مقتل 24 مدنياً وإصابة أكثر من 200 آخرين، من بينهم صحفيين وصحفيات.

الصحفية نوجين سرخبون واحدة من الصحفيات اللواتي تابعت توجه الأهالي نحو سد تشرين لحظة بلحظة منذ الأيام الأولى، ووثقت الانتهاكات والمجازر التي يرتكبها الاحتلال التركي بحق المدنيين بشكل مباشر.

 

"الانتصارات كانت نتيجة تكاتف الشعب مع المقاتلين"

عن تفاصيل المقاومة المستمرة منذ أكثر من شهرين تقول إن سد تشرين أصبح رمزاً للمقاومة "ما يشهده السد تكتب صفحات جديدة للمقاومة في التاريخ، وروح الوطنية الموحدة بين مكونات المنطقة إحدى إنجازاتها، فمن جانب هناك مقاومة المقاتلين ومن جانب آخر نضال الشعب الذي يتصدى لكافة الهجمات التي تشهدها المنطقة".

وأضافت "ملاحم البطولة وتضحيات المقاتلين والمقاتلات على خطوط الجبهات لسد تشرين وكذلك مقاومة الشعب على سد تشرين، مثالاً لحرب الشعوب الثورية التي اختارها جميع مكونات إقليم شمال وشرق سوريا كاستراتيجية لحماية أنفسهم ضد كافة الانتهاكات والهجمات التي تشهدها مناطقهم".

 

لحظة من السد…

وعن الأحداث التي كانت تجري في آن واحد تقول "كنا نعيش الكثير من الحوادث في آن واحد، إلى جانب المقاومة العظيمة فقد العديد من المدنيين حياتهم فيما أصيب آخرون بجروح، وارتكب الاحتلال التركي العشرات من المجازر في المنطقة، ومن الجانب الآخر تردد الأمهات شعارات الحرية والنصر، ويقوم الفنانون بتصوير مقاطع فيديو موسيقية حول السد، قائلين إنهم مزقوا كفن الموت".

وتابعت "لقد تابعنا العديد من الأحداث بأعيننا، لكن من الصعب وصفها، فهذه المقاومة لا يمكن أن تتجلى إلا من خلال الأساليب الفنية أو صناعة الأفلام الوثائقية، فلا بد من ترسيخ الملحمة البطولية التي نعيشها اليوم في المستقبل وإظهارها للعالم".

 

سلسلة جرائم تستهدف الموارد الحيوية والاستراتيجية

وكشفت نوجين سرخبون عن وجه آخر لوحشية الاحتلال التركي وجرائمه بحق المدنيين في سد تشرين "لقد شهدنا الهجمات الوحشية للاحتلال التركي ومجازرها بحق المدنيين، ونقلنا ذلك للرأي العام من خلال الوثائق، لقد ارتُكبت جرائم ضد الإنسانية بحق سكان المنطقة الذين حرموا من الكهرباء والمياه، ونظراً لاستراتيجية السد والموارد الحيوية التي تحويها لازدهار الحياة، يهاجم الاحتلال التركي بطريقة وحشية دون الاعتراف بهوية الشعب وقيمه المقدسة".

 

"الاحتلال التركي لا يأخذ قوة من ذاقوا طعم الحرية بعين الاعتبار"

وذكرت بتاريخ الاحتلال التركي المليء بالانتهاكات ضد حقوق الشعب "نحن نعلم جيداً تاريخ الاحتلال التركي الذي يحاول دائماً من خلال سياسة التجويع كسر إرادة الشعوب واستعبادهم وانتهاك هويتهم، ولكن هناك شيء  لا يأخذه الاحتلال التركي بعين الاعتبار وهو إن الشعب الكردي بشكل خاص وشعوب المنطقة بشكل عام الذين ذاقوا طعم الحرية، وهذا اللذي يجعلهم يتصدون لكافة الانتهاكات الممارسة ضد هويتهم وإرادتهم، والأشخاص الذين يتوجهون إلى فعالية المناوبة في سد تشرين ذكروا بأنهم لن يتخلوا عن السد مهما كان الثمن، حتى لو كان ضحيتها روحهم".

 

"الصمت الدولي فتح الأبواب أمام ازدياد الجرائم بحق الصحفيين"

كما لفتت الانتباه إلى الجرائم التي مارسها الاحتلال التركي ضد الصحفيين، مشيرة إلى أن تلك الانتهاكات تخالف كافة القوانين الدولية والإنسانية لأعمال الصحافة الحرة، وحول الحقائق التي يسعى الصحفيون والصحفيات لتوثيقها في سد تشرين تقول "الاحتلال التركي يمارس انتهاكات ضد الإنسانية باستهدافه للمدنيين، فمن المؤكد أن هناك صحفيين يسعون إلى نقل هذه الحقائق للعالم، وهذا لم يخالف أي قوانين دولية، بل جرائم الاحتلال التركي الذي يمارس الإبادة الجماعية هي التي تخالف القوانين الدولية والإنسانية".

وأكدت "لن ننسى الصمت الدولي، ونعتبر ذلك شراكة مع الاحتلال التركي"، مضيفةً "جيهان وناظم تركوا لنا إرثاً غنياً لنتبعه في طريق الحقيقة، تعلمنا منهم أنه مهما كان الثمن يجب أن ندفعه من أجل كشف الحقيقة".

 

"واجبات ومسؤوليات الصحفيين لم تعد محدودة"

ولفتت إلى أن الصحفيين والصحفيات إلى جانب دورهم المهني يلعبون دوراً إنسانياً وأخلاقياً "عندما انطلقت في الطريق إلى سد تشرين، كنت أعلم أن هناك الكثير من المسؤوليات والمهام التي تنتظرني، لقد ذهبت إلى السد في مهمة صحفية، ولكن بعدما وطأت قدماي هناك ورأيت الأحداث بعيني، جددت وعدي في كل لحظة"، مضيفةً "رددت الكثير من الأمهات "إننا أكبر من الموت"، وقال الشهيد بافي تيار "إننا كسرنا كفن الموت"، وبصفتي كصحفية أتجاوز الأعمال المحدودة عندما أرى إصرار وقوة الناس، فلو قلت أن الكاميرا تأتي في المقام الأول، فإن وجهة نظري بشأن السياق التاريخي للمقاومة ستظل ضيقة للغاية، ولهذا قلت لنفسي كفتاة كردية، سأفعل كل ما يُطلب مني دون تردد، من الكاميرا إلى القلم، ومن خدمة الناس إلى رعاية الجرحى والشهداء، وبالطبع عندما أتحدث عن هذه الواجبات لا أنسى واجب توثيق هذه اللحظات، وأنا أقوم بالواجبين معاً".

وذكرت لحظة من الحوادث التي واجهتها ضمن المقاومة التاريخية في سد تشرين "لقد عشنا الكثير من اللحظات التي تؤكد التكاتف بين الأهالي وخاصة في لحظات القصف وإصابة المدنيين والصحفيين، ومن هذه اللحظات التي لم أنساها للأبد، هي أثناء إصابة صديقتي إثر هجمات جوية شنها الاحتلال التركي، فبيد كنت أحاول مساعدتها وإسعافها وأحمل بيدي الأخرى كاميرتي لتوثيق الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين والمقاومة التاريخية التي كان يبذلها الشعب المناضل".

 

نداء لكافة الصحفيين في العالم

واختتمت الصحفية نوجين سرخبون حديثها بنداء للصحفيين "إن قضية المقاومة في سد تشرين تستحق بذل جهود كبيرة لنقل الحقيقة إلى العالم أجمع، لقد ضحى العديد من أصدقائنا بدمائهم لذلك يجب على الصحفيين في جميع أنحاء العالم الذين يسعون لنقل الحقائق ويتسمون بالصوت الحقيقي، ويعارضون الظلم أن يعملوا بجد ويتجهوا إلى سد تشرين، حتى لو لم يتمكنوا من الوصول إلى هناك، فيستطيعون بأي طريقة كانت أن يظهروا للعالم الحقيقة، وينبغي على الصحفيين الذين يدعون لحماية حقوق الإنسان أن يوجهوا كاميراتهم وميكروفوناتهم وأقلامهم صوب سد تشرين، ويصبحوا جزءً من هذه المقاومة".