لبنانيات تطالبن بضرورة منح أولادهن الجنسية

سلب القانون اللبناني حق المرأة في منح الجنسية لأولادها، وانتقص من حقوقها وكأنها أقل مرتبة من الرجل.

كارولين بزي

بيروت ـ بدعوة من حملة "جنسيتي كرامتي" نظم اعتصام أمام السراي الحكومي في العاصمة اللبنانية بيروت، لمطالبة النواب الجدد الذين عبروا عن دعمهم للمرأة وحقوقها، بوضع قانون للجنسية عادل يمنح المرأة اللبنانية أسوة بالرجل حقها بمنح الجنسية لأولادها.

 

"محاولة لتذكير النواب بالقوانين الموجودة على رفوف المجلس"

وعن سبب الاعتصام الذي نظمته الحملة تقول مسؤولة الإعلام والتواصل في حملة "جنسيتي كرامتي" مريم الذهبي، لوكالتنا "أردنا تذكير الجميع بقضية المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي ومكتومي القيد وحالات قيد الدراسة، هذه القضية التي كان يجب أن يتم البت بها منذ فترة طويلة ولكن لغاية اليوم لم يتم إقرار القانون. تلقينا العديد من الوعود ولكن لغاية الآن لم ينفذ أحد وعده".

وأوضحت أنهم أرادوا من خلال الاعتصام تذكير النواب الجدد الذين أعلنوا عن دعمهم للمرأة وقضاياها، بحق الجنسية "نزلنا اليوم لنذكرهم بالوعود التي قطعوها قبل الانتخابات. وهدفنا من الاعتصام أن نذكر مجلس النواب بأن هناك أربعة قوانين موجودة على رفوف المجلس النيابي لم تتم مناقشتها. نحن بانتظار مناقشتها والبت بموضوع قانون الجنسية".

وأشارت إلى أن "أولاد الأم اللبنانية يتم التعامل معهم بطريقة سيئة، هم محرومون من أبسط حقوقهم في التعليم والطبابة، بالإضافة إلى موضوع العمل، حتى المساعدات التي تقدمها الحكومة حُرموا منها على اعتبار أنهم أجانب، علماً أنهم ولدوا هنا وعاشوا هنا، تعلموا في لبنان وتزوجوا هنا أيضاً ولا يعرفون بلداً آخر غير لبنان".

وأكدت أن الجنسية اللبنانية لأولاد المرأة اللبنانية ولمكتومي القيد حق أساسي ومهم، لافتةً إلى أن الحملة لم تعلق عملها يوماً بسبب الأزمات إن كان الاقتصادية أو الصحية (كورونا) لأن هذا المطلب أولوية ولأن المشاكل التي يواجهها أولاد الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي يومية.

 

 

"ابني لم يتابع دراسته لأن الوظيفة غير متاحة"

أمال ياسين متزوجة من أجنبي ولديها منه ثلاثة أولاد، وتقول عن مشاركتها في الاعتصام "أنا هنا لأطالب بحقوق أولادي لأنه يحق لي أن أمنح أولادي جنسيتي".

وأضافت "أنهى ابني المرحلة الثانوية ولكنه لم يلتحق بالجامعة لأن الوظيفة غير متاحة له، لذلك فضّل أن يبقى في البيت وألا يتابع دراسته الجامعية. كما أننا نواجه مشاكل في المستشفيات وبكل شيء".

 

 

"قصتنا ليست هوية بل حق وقضية"

تزوجت أحلام أبو سعدى رضوان من رجل أجنبي ولديها منه ثلاثة أولاد، ولكنها أيضاً ابنة لرجل أجنبي وأم لبنانية، وهي تعاني على الصعيدين فهي تريد الحصول على جنسية والدتها، وأن تمنح هذه الجنسية لأولادها "أنا هنا لأطالب بحقي للحصول على جنسيتي من والدتي، قصتنا ليست هوية بل قصة حق وقضية، وهي أن نحصل على جنسيتنا".

وأكدت أنه على الرغم من كل الأزمات التي تعصف بالبلاد فإن الجنسية اللبنانية حق لها وهي متمسكة بهذا المطلب، من منطلق محبتها لبلدها لبنان.

ولفتت إلى العديد من المشاكل التي تواجهها، أولاً على الصعيد التربوي إذ تم منع أولادها من الالتحاق بالمدرسة في فترة ما قبل الظهر أي مع الطلاب اللبنانيين، بل تم إلحاقهم بالنازحين السوريين الذين يداومون في فترة ما بعد الظهر، هذا إلى جانب الصعوبات في الطبابة والاستشفاء.

 

 

"الجنسية من حق أولادي"

غانية شميط لبنانية متزوجة من رجل سوري الجنسية، أوضحت أن أولادها ولدوا في لبنان وفي مستشفيات لبنانية خاصة ودرسوا في مدارس خاصة "أولادي الذي يتابعون دراستهم الجامعية يعتبرون أجانب وندفع الأقساط مضاعفة. زوجي في لبنان منذ أكثر من خمسين عاماً، كما أن حياة أولادي بأكملها في لبنان، لذلك أطالب بأن أمنح أولادي الجنسية".

وأضافت "من حق أولادي أن يحوزوا على جنسيتي. ابني سيتزوج الآن لبنانية ولاحقاً سينجب أولاداً وسنقع في المشكلة نفسها، وابنتي أيضاً ستتزوج لبناني". وتسأل "لماذا يحق للرجل أن يمنح زوجته الأجنبية الجنسية ويتم حرمان المرأة اللبنانية من هذا الحق؟".

 

 

"حُرم حفيدي من الدفن في مقابر اللبنانيين لأنه أجنبي"

صرخة دلال المصري عبّرت عن وجع العديد من الأمهات اللواتي لم تستطعن أن تمنحن أولادهن أبسط الحقوق وهي الجنسية، إسوة بالرجال "من حق أولادي أن يعيشوا كباقي البشر. لا يستحقون أن يتم نبذهم من اللبنانيين أهلي".

وأضافت "عندما توفي حفيدي لم يوافقوا على دفنه في المدافن اللبنانية لأنه سوري، فطلبت منهم بغضب أن يحرقوه في الشارع"، ورفعت صرختها مؤكدةً على "حقها وحق أولادها بالحصول على الجنسية اللبنانية، حق التعب والشقاء الذي يبذلونه في هذا البلد".

وتابعت "من حقهم أن يعيشوا ويسافروا ويتعلموا. أنا أشارك في هذه الاعتصامات منذ عشر سنوات، حفيدي الذي توفي كان ينزل معي إلى هنا للوقوف والمطالبة بحقه بالحصول على الجنسية". وتسأل "هل هذا عدل؟ هل يقبلون ما يجري لنا على أنفسهم وأولادهم؟".

 

 

"الجنسية لمن يملك المال"

تمنت إسعاف حمزة أن تعمل الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي على إقرار قانون يعطي المرأة اللبنانية حق منح الجنسية لأولادها.

تقول إسعاف حمزة التي تزوجت من أجنبي ولديها منه خمسة أولاد "أولادي ولدوا في لبنان وعاشوا هنا حتى بلدهم لا يعرفوها. حاولت مراراً وتكراراً أن أمنحهم الجنسية لأنني أريدهم هنا في لبنان ولكننا لم نستطع أن نحصل على شيء".

وناشدت رئيسي الجمهورية والحكومة بأن يشعروا بمعاناة الأم اللبنانية المحرومة من منح الجنسية لأولادها "أتمنى أن يستمعوا لنا ويقوموا بتجنيس أولادنا حتى يستطيعوا أن يعيشوا بكرامة. ابني هاجر من أجل لقمة العيش ولا يستطيع أن يأتي لرؤية أولاده في فترة انتشار وباء كورونا. لدى ابني أربع بنات لم يستطع رؤيتهم بسبب أوضاعه الصحية والمادية"، متمنية أن تستمع السلطة لمطالب الأمهات المتألمات، لافتةً إلى أن السلطة تمنح فقط أصحاب الأموال الجنسية اللبنانية.

 

 

الجنسية والإقامة الدائمة

تزوجت نهى بلحس من رجل سوري الجنسية ولديها منه خمسة أولاد، تطالب كغيرها من النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب بالجنسية لأولادها، وتسأل عن الإقامة التي يتم منحها للأجانب وعن سبب تجديدها كل ثلاث سنوات. وإلى جانب الجنسية تؤكد على ضرورة أن يتم منح أولادها الإقامة الدائمة ريثما يتم منحهم الجنسية.

كما تطرقت إلى الصعوبات التي تواجهها من أجل الحصول على إقامة كل فترة تريد أن تجددها. لافتةً إلى أن أولادها لا يعرفون سوريا وأيضاً أن عائلة زوجها لبنانية ولكن في الفترة التي تم تجنيس العائلة فيها، لم يتم منح زوجها الجنسية اللبنانية، وبالتالي هو الشخص الوحيد في العائلة الذي يحمل الجنسية السورية لا اللبنانية.

وأضافت "أنهى ابني دراسة التمريض ولكنه لم يستطع الحصول على عمل لأنه أجنبي، كذلك ابني الثاني أنهى دراسته الجامعية في اختصاص العلوم السياسية وهو يعمل ببيع الكعك، همومنا كبيرة".

 

 

"أريد أن أوصل صوتي للعالم"

ومن جانبها قالت إسراء العنان "أنا أم لبنانية متزوجة من رجل سوري الجنسية ولكن والدته لبنانية. أنجبت ثلاثة أولاد، أكبر أولادي يبلغ من العمر 9 سنوات قمنا بتسجيله في مدرسة حارة صيدا الرسمية. طفلي الثاني يبلغ من العمر ست سنوات، منذ ثلاث سنوات ذهبت لأسجله في المدرسة نفسها لكن مديرة المدرسة رفضت بحجة أنه سوري الجنسية علماً أن هذا الأمر حق لي".

وأضافت "حاولت بشتى الطرق ولكنها لم تقبل بأن تسجله في المدرسة، قمت بتسجيله في مدرسة أخرى بعيدة عن منزلي، علماً أن المدرسة التي ذكرتها سابقاً قريبة جداً من منزلي. مع ارتفاع أسعار المحروقات وزيادة تعرفة المواصلات بشكل كبير من الصعب أن أقوم بتسجيل ابني الصغير في المدرسة التي كان قد التحق بها سابقاً، وهذا الأمر يمكن أن يدفعني لأن أبقيه في المنزل".

وناشدت إسراء العنان "جمعيات منظمات حقوق الطفل ووزير التربية ورئيس الجمهورية، أريد أن أوصل صوتي لكل العالم. أريد أن يلتحق ابني مع أخيه بالمدرسة لأنه سيخسر عامه الدراسي ويبقى من دون علم"، ولفتت إلى أن مديرة المدرسة ادّعت أن وزير التربية أصدر قراراً منع فيه تسجيل الأولاد لأمهات لبنانيات في المدرسة في فترة ما قبل الظهر وهي مستعدة لتسجيله مع النازحين في فترة ما بعد الظهر".

وأكدت على أنه من حق أولادها أن يتم التعامل معهم كأي طفل لبناني آخر، وتسأل "لماذا عليّ أن أضع أطفالي في فترة ما بعد الظهر لينهوا دراستهم من دون إفادات مدرسية؟"، مشيرةً إلى أن أولادها لا يستفيدون من أي مساعدات وهذا الأمر لا يهمها ولكن جلّ اهتمامها هو التحاق أولادها بالمدرسة الذي هو أبسط حقوقهم.

 

 

"أزمة اعتراف"

تعاني فاطمة المصري من أزمة عدم الاعتراف. وتلفت إلى أنها في سوريا حين ذهبت لإصدار هوية لابنها لم يتم السماح لها بالحصول عليها لأنها أجنبية "في بلدي فإن زوجي أجنبي وأولادي أجانب، وأنا في سوريا أجنبي، من يعترف بي وبأولادي؟".

وناشدت جميع المسؤولين اللبنانيين لإقرار قانون الجنسية لكي يستطيع أولادها أن يعيشوا حياتهم بشكل عادي "لقد قمت بإيقاف أولادي عن التعليم لأنه لا يتم التعامل معهم كأي لبناني".