حشد يناقش "تزايد حوادث قتل النساء وارتفاع ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي"

نظمت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" ورشة عمل بعنوان "تزايد حوادث قتل النساء وارتفاع ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي"، عبر الإنترنت لمناقشة الأسباب التي أدت لارتفاع حوادث قتل النساء في قطاع غزة

رفيف اسليم
غزة ـ ، خاصة بعد قتل ثلاثة نساء خلال شهر واحد فقط.
وقد حضر الجلسة كلاً من هدى نعيم النائب في المجلس التشريعي، وأميرة هارون وكيل وزارة المرأة في قطاع غزة، وأريج الأشقر مسؤولة اتحاد لجان العمل النسائي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، ورنا هديب الباحثة في الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وقد خلصت الجلسة بعدد من الحلول الهادفة إلى تقليل العنف الموجه ضد النساء.
وأوضحت الباحثة رنا هديب خلال تعريفها لسلوك العنف ضد المرأة أنه أي شكل من أشكال الإيذاء أو الحرمان الذي يهدف بشكل مباشر أو غير مباشر لإلحاق الضرر بالمرأة بغض النظر عن طرق ممارسته، لافتةً إلى أنه متعدد الأسباب فإما أن تكون اجتماعية والمقصود بها نظرة المجتمع التي تعزز العنف أو اقتصادية بسبب عدم قدرة رب الأسرة على توفير احتياجاتها، أو ثقافية بسبب تقاليد المجتمع التي تبيح للرجل حرمان المرأة من الحق بالحياة إثر الشك بشرفها.
وأكملت رنا هديب أن فقدان الرجل للأمان يدفعه لتعويض ذلك النقص من خلال عنفه الممارس على المرأة وأن سلوك المرأة نفسها المتمثل بالصمت على تلقيها الضرب أو الإهانة يعزز تلك الممارسات، لافتةً أن سلوك الشرطة في قطاع غزة عند تقديم المرأة للشكوى والمتمثل في سحبها وعدم رفعها للقضاء أو إرجاعها للعائلة دون وضع حد لما تلاقيه سبب آخر لذلك الصمت لأنه لا فائدة من التوجه لتلك الجهات مما يدفع الكثير منهن للانتحار في غالبية الحالات.
وأكدت رنا هديب أن أياً كانت الأسباب لا يحق لأحد ممارسة العنف ضد المرأة متسائلة أين تنفيذ بنود القانون الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة التي وقعت عليها فلسطين ولماذا لا تنفذ، مكملة أن الأمر يجب أن يبدأ من مدارس الفتيات لتعريفهن بحقوقهن والأماكن التي من الممكن اللجوء لها عند تعرضهن للعنف كما يجب أن تتكاتف المؤسسات الحكومية والحقوقية والمجتمعية والحركات النسوية لمحاربة العنف ضد النساء خاصة بالمناطق المهمشة كالأرياف والقرى.
فيما علقت أريج الأشقر مسؤولة اتحاد لجان العمل النسائي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين أن الفصائل الفلسطينية ما زالت تمارس دورها المبتور في مناهضة العنف ضد المرأة وقد صاغت بالفعل مسودة حماية المرأة من العنف وتوجهت بها للرئيس الفلسطيني محمود عباس لكنه لم ينظر للمسودة حتى اليوم بالتالي لم يتم المصادقة عليها من قبل المجلس التشريعي ولذلك وصفت محاولات الفصائل بالمبتورة.
وأدانت أريج الأشقر خلال حديثها حوادث قتل النساء التي تمت خلال فترة قصيرة وهم الشابة استبرق بركة (18) عام، ومقتل سيدة تبلغ من العمر 48 عاماً على يد أخيها مستخدماً آلة حادة إثر النزاع على الميراث، ومقتل طفلة على يد والدها، لافتةً إلى أن هذا المصير لا يليق بالنساء الفلسطينيات اللواتي ناضلن ضد "الاحتلال الإسرائيلي" طوال الأعوام الماضية وكنَّ يقفن إلى جانب الرجال وقد فقدن أرواحهن في سبيل تحرير فلسطين.
وأشارت أريج الأشقر إلى أن على الأسرة الفلسطينية تغيير الموروث الثقافي لدى بعض الرجال الذين يقومون على نكران دور المرأة وانجازاتها وممارسة العنف ضدها أمام أبناءها الذكور لتتغير تلك النظرة لدى المجتمع بأكمله، مردفة أن غياب دور المجلس التشريعي أضعف موائمة التشريعات مع القوانين والمواثيق الدولية التي ينص عليها قانون العقوبات الفلسطينية والهادفة لدمج النساء المعفنات بالمجتمع ورعاية تلك الشرائح.
 
وتتفق أميرة هارون وكيل وزارة المرأة في قطاع غزة أن لتغيير واقع النساء المعنفات في قطاع غزة يجب العمل على تغيير البيئة المحفزة للممارسة العنف فلا يعقل أن يكون الرجل قد تربى في بيئة غير سوية لا تحترم المرأة ولا تنظر لها على أنها المؤسس الحقيقي للأسرة ثم يتم اقناعه بالعكس بل يجب أن يتحلى الذكر بالأخلاق وبتلك المبادئ منذ صغره لينشأ عليها ويكبر مع فكرة أن المرأة شريكة له وليست خادمة.
وأكملت أميرة هارون أنه على مستوى وزارة المرأة كان هناك عدة توجهات للحد من سلوك العنف ضد المرأة منها متابعة الحالات التي تصل المراكز الطبية واقناع النساء اللواتي تعرضن للعنف بتقديم شكوى مع الحفاظ على سرية المعلومات وقد نجح هذا الإجراء مع عدد منهم فيما فضلت أخريات الصمت ورفضن كافة المساعدات التي قدمت لهن، ولفتت إلى أن تلك الإجراءات تبقى ناقصة إذا لم يتم التعاون مع المجلس التشريعي والمؤسسات المعنية بالقطاع.
وأشارت أميرة هارون أنه تم إنشاء ائتلاف قانوني لتوعية المرأة بحالات العنف الممارسة ضدها كما تم عقد العديد من الدورات مع مختصين في محاولة لإنشاء منظومة معلوماتية عن تلك النساء من خلال المقابلات وإعداد الأوراق البحثية والتقارير، مكملة أن ذلك الائتلاف تبعه مشروع آخر وهو "معاً نحو الأمية القانونية" للوصول إلى النساء في المناطق المهمشة، وأيضاً "مبادرة سينما على الرصيف" لعرض أفلام تناقش واقع النساء المعنفات.
وأضافت أميرة هارون أن من ضمن الإجراءات التي تم عقدها على المستوى حكومي كانت ضمن دليل استقبال الشكاوى الذي تم على إثره التدخل لإنقاذ حياة الكثير من النساء في قطاع غزة من موت محتم نتيجة تلقيهن الضرب من أزواجهن أو أحد أفراد أسرتهن الذكور، ولفتت إلى أن تلك الأدوار جميعها كانت استراتيجية قطاعية ووطنية لكن لن يتم تفعيلها بشكل مستمر إلا عندما يكون هناك تكافل مع كافة مؤسسات المجتمع.  
بينما ردت هدى نعيم أن دور المجلس التشريعي هو إصدار القوانين التي تكفل حماية النساء والمتزامنة مع أوقات الأزمات التي مر بها الشعب الفلسطيني فللوقوف أمام تلك المسؤولية يجب أن يكون هناك جهد مشترك من كافة الجهات، مضيفةً أن المجلس التشريعي الفلسطيني معطل منذ أحداث الانقسام أي من عام (2006) وما يتم إصداره من قوانين يتم بشكل أحادي الجانب وحتى عمل البرلمان في القطاع محدود.
وبالتعليق على حوادث قتل النساء أشارت هدى نعيم أن ما يحدث لا يمكن وصفه بالظاهرة بالرغم من أن هناك جرعة عنف قوية تمارس ضدهن بفعل العقوبات المفروضة على قطاع غزة والتي غيرت السلوك الفلسطيني لسلوك عدواني ضد الطرف الأضعف الذي يقع عليه العنف وهم النساء والأطفال، لافتةً إلى أن الروح الإنسانية غالية ويجب المحافظة عليها أياً كانت الأسباب أو الدوافع الواهية التي يتذرع بها أولئك المجرمين.
ولا تنكر هدى نعيم أن الإطار القانوني لديه بعض القصور الواجب معالجتها من خلال تغير الثقافة المجتمعية فالمجتمع الأوربي لديه من القوانين ما تكفي لحماية النساء إلا أن هناك حالات كثيرة للعنف لديهم، لذلك المعالجات يجب أن تكون ثقافية قيمية من البيت والأسرة يستوعبها الطفل أولاً لتمر بكافة مراحل حياته وتشارك بها المؤسسات الرسمية وغير الرسمية كي يتم القضاء على العنف الممارس ضد المرأة.
وأكملت هدى نعيم أن اشكاليات القانون الفلسطيني تتمثل في تخفيف عقوبة الرجل في قضايا الشرف والأصل أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المشددة ضد لأن تلك الفتاة تعيش في مجتمع يحكمه القانون، والمرجع له ولها هو ذلك القانون الذي يقر بالعقوبة المناسبة للفتاة وفق الخطأ الذي اقترفته، وأيضاً قانون إعفاء المغتصب إذا تزوج الضحية، وتساءلت "من قال إننا نود مكافئة المغتصب بتزوجيه الضحية"، وكذلك قانون السفاح الذي يسمح للأقارب الذكور بالتدخل وتقديم الشكوى.
وأكدت هدى نعيم أن حقوق المرأة يجب أن توضع ضمن بنود واضحة بالقانون وألا يتم حل القضايا من خلال الحق العشائري الذي يهدر دمهن، وأشارت أن تفعيل أدوار المساءلة لها أهمية كبيرة وأن إجراءات ما بعد تنفيذ القانون يجب ألا تهمل كي يتم متابعتهم بشكل دقيق مع إدارة البنود التوعوية بخصوص العنف الممارس ضد المرأة بالمنهاج المدرسي بالتعاون مع وزارة المرأة والثقافة ووزارة التربية والتعليم.