في كونفرانسه الثالث مجلس عدالة المرأة يناقش القضايا التي تعترض طريق تنفيذ القانون الحامي للنساء

المرأة بحاجة للعدالة التي تضمن لها قوانين تحميها بعيداً عن الاستثناءات، ولا سيما مع النظرة القاسية لعدالة الرّجل والتي تقول إنه "في العدالة لا يوجد عاطفة"، لذا ترى المشاركات في الكونفرانس الثّالث لمجلس المرأة للعدالة الاجتماعية بضرورة ربط العدالة بالأخلاق

رهف يوسف  
قامشلو ـ
عقد اليوم الجمعة 19 تشرين الثّاني/نوفمبر 2021، الكونفرانس الثّالث لمجلس المرأة للعدالة الاجتماعية في إقليم الجّزيرة بشمال وشرق سوريا، تحت شعار "بنضال المرأة الحرة تتحقق العدالة الاجتماعية"، لمناقشة أعمال المجلس منذ ثلاث سنوات، بحضور 200 ممثلة من جميع المؤسسات النّسويّة. 
 
"لا عدالة بلا أخلاق"
القاضية والرّئاسة المشتركة لمجلس العدالة الاجتماعية أينور زيد باشا، قالت في كلمتها على هامش الكونفرانس أنّ هذا الكونفرانس جاء بعد ثلاث سنوات على عقد الكونفرانس الثّاني، وبينت أن الاحتلال جر معه التّخريب كـ "القتل والاغتصاب والخطف، لذا حاولنا القيام بواجبنا على أكمل وجه وعملنا في فترة الحظر وانتشار وباء كورونا، وسعينا لتحقيق الأهداف التي وضعناها في الكونفرانس الثّاني". 
وتشير إلى أن العدالة جوهر الأمة الديمقراطية وتمثل المرأة الرَّكيزة الأساسية والضّمانة لتحقيقها، متمنيةً أن يكون نتاج هذا الكونفرانس مجموعة من القرارات والنّقاشات التي تسهل تحقيق العدالة الاجتماعية. 
أما عضو هيئة الرّئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف، قالت خلال كلمتها أنّ لهذا الكونفرانس أهمية كبرى، لأن وضع المرأة من دون العدالة يسير نحو الخراب، "المرأة حرمت من العدالة، ولكن النّظام القائم على العدالة الاجتماعية فكر بحقوقها ووضع القوانين لحمايتها". مؤكدةً أن دول العالم تصمت عن قتل النّساء والجرائم بحقهنّ "هناك قوانين لحماية المرأة لا تطبق على أرض الواقع". 
وعن حماية المرأة من العنف والأذى، تبين أن أنظمة العالم تحاول كتم صوت المرأة "المرأة بحاجة للعدالة، والتّاريخ يشهد على الجرائم التي ارتكبت بحقها". مشيرةً إلى العنف المعنوي والمادي "يؤخذ عمل المرأة باستهتار، فرغم أنها ترهق نفسها داخل المنزل وخارجه، وفي مكان عملها، إلا أن الرواتب الأعلى والقيمة الأكبر تكون من نصيب الرجال". لافتةً إلى أن هناك العديد من الدّول التي يستأجر فيها رحم النّساء، وأخريات يجبرنَّ على إجهاض أطفالهنّ.
وتؤكد أنه إذا أردنا بناء مجتمع ديمقراطي يجب أن نبدأ ببناء العدالة، "بعد تأسيس الإدارة الذاتية أسست المراكز التي تدعم عدالة المرأة، لتطوير الوضع القانوني للمرأة، لذا بدأنا من تطوير عقلها وفكرها". 
"في العدالة لا يوجد عاطفة" جملة تعبر عن النّظرة القاسية للعدالة لأن الرجل هو من يتحكم بها، لذا تقول فوزة اليوسف "يجب علينا أن نغير العدالة ببصمة المرأة، لأن لديها نسبة أكبر بالشّعور بالعدالة، في حين أنه في العديد من الأماكن يتم التّعامل بالرشاوى، لإعطاء قرارات غير عادلة، للتغطية على الجّنايات الكبيرة". 
وتعتبر فوزة يوسف أن أساس العدالة هي الأخلاق، "لا يوجد عدالة بلا أخلاق، وبهذا نريد الوصول إلى مجتمع لا يحتاج للمحاكم لحل مشكلاته".
 
"نريد امرأة محمية بقوانين بلا استثناءات" 
عضو منسقية مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا ستير قاسم، بينت لوكالتنا الهدف من الكونفرانس، بالقول "نحن هنا لتسليط الضّوء على القضايا التي تعاني منها المرأة، والتي تعترض طريق تنفيذ القانون الحامي لها". معتبرةً أن "قضية المرأة مجتمعية هامة، يعنى بها المجتمع بأكمله، كون النّساء لعبنّ الدّور الأكبر والرّيادي في تعزيز الإدارة الذّاتية الدّيمقراطية، والنهج الدّيمقراطي لجميع المكونات تحت شعار (أخوة الشّعوب)، وتحقيق العدالة والحرية". 
وعن نضال المرأة بينت أنه "مستمر منذ آلاف السّنوات، وفي شمال وشرق سوريا كان له أرضيّة، رغم اختلاف الثّقافات". وأضافت "تبقى العادات والتّقاليد والذّهنية الذّكورية التي تعطي الحق للرجل لفعل ما يشاء والأولوية في كل شيء، لذا لا بد من نضال طويل، فلا يمكن إنكار ما حققته المرأة على كافة الأصعدة، إلا أنها بحاجة للكثير، وذلك بحاجة لتكاتف الجميع، للعمل على تنفيذ القوانين التي صدرت لحماية حقوق المرأة بالشكل الأمثل".
وتبين أنه بالرغم من وجود القوانين التي تحمي المرأة وتجرم المنتهكين لحقها، إلا أنها لا تطبق حتى الآن بالشّكل الأمثل "يجب أن تطبق القوانين التي تحمي المرأة بشكل يحقق النهضة المجتمعية التي نسعى إليها بمناطقنا خاصة، وفي سوريا عموماً". 
وحول كيفية مساهمة المرأة بتحقيق العدالة الاجتماعية لنفسها ولمجتمعها، تقول "كوننا نجتمع هنا اليوم هذا بحد ذاته إنجاز يدل على أن نضال المرأة لم يذهب هباءً، ولكن عبر تحقيق العدالة في تطبيق القوانين تحصل المرأة على حقوقها بشكل أفضل". 
وأما عن المواضيع التي يجب مناقشتها في مثل هذه الكونفرانسات فتعتبر أن أهمها "ما يحدث بحق المرأة في المجتمعات ذات الغالبية العشائرية، في المكان الذي تقف فيه العدالة عاجزة عن تحقيق ما يجب تحقيقه".
وأكدت على أن التّقدم والتّطور لا يأتي بسهولة، لأنه بحاجة للجهد والممارسة الدّائمة "إذا عدنا للمجتمعات المتطورة المعاصرة، سنجد أن جميعها مرت بهذه المرحلة، حتى وصلنا لأن تكون المرأة محمية بقوانين بدون استثناءات تقتل أي أمل في تقدم المرأة والمجتمع". 
وترجو ستير قاسم أن تطبق مخرجات الكونفرانس التي تدعم حقوق النساء وتبحث في كيفية ايجاد السّبل للحصول على أكبر قدر ممكن من حقوق المرأة، وتصب في صالح جميع النساء.
واستمرت أعمال الكونفرانس بقراءة رسالة القائد عبد الله أوجلان التي أرسلها في الكونفرانس الوطني الثّاني للمرأة، ثم قراءة برقيات التّهنئة بالكونفرانس من قبل بعض المؤسسات النّسوية وتكريم عدد من الفاعلات في مجلس العدالة الاجتماعية والمؤسسات التابعة لها. 
ومن ثم عرض سنفزيون يصور أعمال المجلس على مدار ثلاث أعوام من اجتماعات، وتدريبات، ونشاطات، وجرت بعض النّقاشات حول سير العمل والمعوقات التي واجهت تحقيق نظام العدالة الاجتماعية بوجهه الأمثل.
 
نقاشات وآراء النّساء في مجال العدالة الاجتماعيّة
وخلال النقاشات، تحدثت الرئاسة المشتركة لمحكمة قامشلو والقاضية خناف محمد، عن مشكلة الفساد، وخاصة فيما يتعلق برشوة الأطباء الشّرعيين، وعدم تطبيق العدالة بوجهها الأمثل بحق الفاسدين، لذا لا بد من وضع حد لهذا عبر اتخاذ أشد العقوبات بحق الفاسدين والمرتشين. كما قالت.
بينما رأت إدارية دار المرأة في الحسكة شكرية علي حسين أن الغرامة على زواج القاصرات وتعدد الزّوجات، قليلة جداً وهي تبلغ 500 ألف ليرة سورية، تدفع بسهولة مقابل حرية مرتكب الجّناية، وهذه ليست عقوبة رادعة من شأنها وقف هذه الظّواهر. لافتةً إلى زواج القاصرات المتزايد في مدينة الحسكة، ولا سيما بين النّازحين، "لا يمكن تجريمهم بدون اثباتات، وهم يتذرعون بأن الوثائق فقدت عندما نزحوا".
وهذا ما أكدت عليه إدارية دار المرأة بديريك غالية رمضان علي، التي قالت أنّ هناك استغلال لثغرات القوانين، "تعدد الزّوجات يعتبر جرم في قوانين الإدارة الذاتية، لكنه غير ممنوع عند النّظام، وهناك أشخاص يجهزون أوراقهم من النّظام ثم يقدمونها لنا، وهي قانونية ولا يمكن الطّعن بها، لذا يجب أن يكون هناك حق عام نستطيع من خلاله تطبيق قوانين رادعة"، بالإضافة لعدم انتشار دور المرأة على نطاق أوسع، مما يصعب الأمر على المُتقدمين بشكاوى. 
وتشير إدارية دارة المرأة في مخيم واشوكاني نور الغزير، إلى أنَّ تعدد الزّوجات، والخيانة الزوجية، والدّعارة، مشاكل تعاني منها النّساء داخل المخيمات والتي تنتشر بكثرة، "تأتي دعاوى كثيرة لتعدد الزّوجات، فمنهم من يتزوج خارج المخيم أو المدينة أو في مناطق النّظام وليس لدينا سلطة هناك".   
القاضية في ديوان العدالة الاجتماعية بقامشلو خناف محمد، تبين لنا أنّ الكونفرانس وقف على كافة الأعمال والنشاطات التي قام بها المجلس وإحصائيات القضايا، "قيمنا عمل المرأة على مدار ثلاث سنوات، ودورها في مجالس العدالة الاجتماعية، ودور المرأة ولجان الصّلح".  
وأما عن علاقة هذه المؤسسات الثّلاث مع بعضها بينت "لدينا تنسيق كامل، لأن هناك قضايا يجب أن تمر من لجان الصّلح إلى دور المرأة، لتصل إلى المحكمة، لهذا عملنا يُكمل بعضه". وفي حال تعذر الحل "تحول الدّعاوى لديوان العدالة الاجتماعية للبت فيها، وتعطى حقوق المرأة حسب القوانين التي تم سنها".
وتؤكد على مناقشة وضع المرأة بشكل عام، ولا سيما ضمن المخيمات "النّزوح يجلب معه العديد من المخاطر، والعنف، والاعتداءات على المرأة، فالأطفال والنّساء هم وقود الحروب، لذا تطرقنا لمعاناة النّازحات"، وأضافت "ناقشنا القوانين المرتبطة بحقوق المرأة، والنّتائج كانت فعالة بشكل كبير".  
وأهم الأمور المرتبطة بدواوين العدالة، سنّ قانون الأحوال الشّخصية، لأنه ومن ضمن تشريع قوانين الأحوال الشّخصية تندرج قوانين الأسرة، مما يسهل عمل المحاكم من حيث حيثيات دعاوى المرأة كالنفقة وغيرها، كما قالت. مبينةً أن دورات حول قوانين المرأة ضرورة للرجال، وهذا السّبيل الذي ترى فيه تقدير وتمكين قدرات المرأة وعملها، وتمنت خناف محمد أن تنفذ كافة المقترحات، ليتم ترسيخ العدالة، وتحقيقها على أرض الواقع.
 
المُقررات الختامية في البيان الختامي
تضمن البيان سرد تفاصيل الكونفرانس من البداية حتى نهايته وأهم القرارات التي صوت عليها بالإجماع، وهي:
1- القيام بحملة توعية داخل مخيم واشوكاني بخصوص تعدد الزوجات وزواج القاصرات والتعريف بالمواد المخدرة وتأثيراتها وضررها على الشّباب والمجتمع بشكل عام.
2- انشاء موقع الكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي خاص بمجلس المرأة للعدالة الاجتماعية لتسليط الضوء على عمل مؤسسات العدالة وكذلك الجرائم الواقعة على المرأة.
3- انشاء منصة نسائية تشمل جميع النساء في المؤسسات والمنظمات النسائية المعنية بالمرأة في مواجهة العنف ضد المرأة وايجاد السبل للنضال ضد تصاعد هذه الظّاهرة في المجتمع.
4- السعي لتأمين الضمان الصحي للأعضاء في دواوين العدالة ولجان الصلح في مؤسسات العدالة من دواوين عدالة ودور المرأة ولجان الصلح.
5- العمل على زيادة مراكز مؤقتة لتأمين الحماية وإيواء النساء المعنفات في إقليم الجزيرة بالتنسيق مع هيئة المرأة ومنسقية المرأة في إقليم الجزيرة.
6- العمل على إنشاء مشاريع اقتصادية لتمكين المرأة في دور المرأة ولجان الصلح بما يحقق الاستقلال المالي للنساء العاملات فيها.
7- الاستمرار في الدورات التدريبية الخاصة للرجال في مؤسسات العدالة حول تغيير الذهنية الذكورية.
8- الاستمرار في تنظيم ورشات العمل للقوانين التي تخص المرأة والعنف بأشكاله والاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة.
9- العمل على تشكيل لجنة لإعداد مشروع القانون المدني بلمسة نسائية.
10- فتح دورات تدريبية مفتوحة للأمهات العاملات في مؤسسات العدالة.
11- العمل على فتح مراكز لرؤية المحضون بالتنسيق مع منسقية المرأة في إقليم الجزيرة