بعد عمليات الترحيل الجماعية... سوء التغذية يهدد حياة مليون ونصف طفل أفغاني

حذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" من كارثة إنسانية في أفغانستان بعد ترحيل اللاجئين الأفغان قسراً حيث يواجه أكثر من 1.5 مليون طفل خطر الجوع الحاد وسط انهيار اقتصادي شامل ونقص حاد في الغذاء والمساعدات.

مركز الأخبار ـ خلال حزيران/يونيو الماضي رحلت السلطات الإيرانية الآلاف من اللاجئين الأفغان في البلاد، وذلك عقب الحرب التي شهدتها البلاد، وجاءت هذه الإجراءات بعد قرار يطالب الأفغان بمغادرة البلاد قبل السادس من تموز/يوليو الجاري.

في أعقاب موجة الإعادة القسرية للاجئين الأفغان من إيران، حذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" أمس الخميس 17 تموز/يوليو، من تصاعد الأزمة الإنسانية في أفغانستان، مؤكدةً أن مئات الآلاف من الأسر عادت إلى البلاد بينما تواجه أفغانستان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها.

ولفتت إلى أن العديد من الأسر عادت إلى أفغانستان دون وظائف، أو مأوى، أو حتى القدرة على شراء ما يكفي من الطعام لأطفالها، ووصفت مديرة الدعم في منظمة "أنقذوا الأطفال" سميرة سيد رحمان أوضاع العائدين   بأنها "مقلقة للغاية" قائلةً "آلاف العائلات تعبر الحدود تحت أشعة الشمس الحارقة ومعها أطفال جائعون، أُجبر العائدون على ترك جميع ممتلكاتهم في إيران، وهم الآن بلا مأوى، عادوا إلى بلد يعاني بدوره من انتشار الفقر والبطالة وأزمة غذائية حادة".

وأكدت أن أكثر من 80 ألف طفل أفغاني عبروا الحدود في حزيران/يونيو وحده، منوهةً إلى أن أفغانستان تشهد زيادة غير مسبوقة في سوء التغذية بين الأطفال، حيث يواجه أكثر من 1.5 مليون طفل خطر الجوع الحاد، وغالباً ما يفتقر هؤلاء الأطفال إلى الغذاء الكافي والرعاية الصحية والمأوى المناسب، وقد جعلت العودة المفاجئة لهذه الموجة من اللاجئين وضعهم أكثر حرجاً من أي وقت مضى.

وحذرت المنظمة من أن الأزمة جاءت في وقتٍ انخفضت فيه المساعدات العالمية لأفغانستان بشكل حاد، وأنه ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءاتٍ عاجلة لحماية الأطفال، فإن الفقر وسوء التغذية والمرض قد يُودي بحياة آلاف الأطفال الأفغان، داعيةَ جميع الوكالات الدولية إلى اتخاذ إجراءاتٍ عاجلة لضمان حصول الأطفال على الغذاء والمأوى والأمن على الأقل.

وتشهد أفغانستان حالياً واحدة من أخطر ظروفها الاقتصادية منذ عقود، وهو وضع لم يُدمر سبل عيش الناس فحسب، بل دفع الأطفال أيضاً إلى هاوية الفقر والجوع والمرض، وقد أدى مزيج من انعدام الأمن وانتشار البطالة والعقوبات الدولية وتكرار الجفاف وتوقف الكثير من المساعدات الإنسانية، إلى انهيار الاقتصاد الأفغاني.

 

الاقتصاد ينهار وسبل العيش مدمرة

ومنذ تولي طالبان السلطة وانسحاب القوات الأجنبية، انقطعت وقُيّدت العديد من الموارد المالية التي كانت تُغذّي الاقتصاد الأفغاني، وتواجه البنوك الأفغانية نقصاً في السيولة، والقطاع الخاص أصبح شبه مشلول ويعتمد جزء كبير من السكان على العمل غير الرسمي واليومي، الذي يواجه بدوره ركوداً اقتصادياً حاداً، وقد أدى ارتفاع التضخم وانهيار قيمة العملة الوطنية ونقص فرص العمل إلى عجز الأسر عن تلبية أبسط احتياجاتها اليومية.

 

الجوع تهديد مستمر لملايين الأطفال

ووفقاً لتقارير صادرة عن وكالات دولية، منها منظمة "أنقذوا الأطفال " وبرنامج الغذاء العالمي يعاني حوالي 1.5 مليون طفل في أفغانستان من سوء تغذية حاد، وكان هذا الرقم في ازدياد حتى قبل ترحيل الموجة الجديدة من اللاجئين الأفغان من إيران، والآن مع عودة مئات الآلاف من العائلات من إيران وباكستان، يتضاعف الضغط على الموارد المحلية المحدودة ويواجه هؤلاء الأطفال فقراً غذائياً، ونقصاً في الفيتامينات والمعادن الأساسية، وضعفاً جسدياً حاداً وأمراضاً مثل فقر الدم وتأخر النمو.

 

سوء التغذية... القاتل الصامت للجيل القادم

سوء التغذية لدى الأطفال لا يقتصر على الجوع فحسب، بل إن عواقبه وخيمة وطويلة الأمد، فالأطفال الذين يعانون من نقص التغذية في هذه المرحلة العمرية الحرجة سيواجهون مشاكل خطيرة في النمو العقلي والبدني، وصعوبات تعلم دائمة، وضعفاً في جهاز المناعة وفي الحالات القصوى خطر الموت، الأمر الذي يؤكد أنها كارثة إنسانية صامتة، وستكون آثارها على مستقبل أفغانستان أعمق بكثير من الأزمات السياسية أو العسكرية.

 

العودة القسرية للمهاجرين إشعال للأزمة

إن الترحيل الجماعي للاجئين الأفغان من إيران، في وقتٍ تُعاني فيه أفغانستان من فقرٍ مُدقع وأزمة إنسانية خانقة، لم يُفاقم البطالة والتشرد فحسب، بل عرّض الأمن الغذائي للخطر أيضاً، فالعديد من هؤلاء العائدين لا يملكون مأوىً ولا عمل ولا مدخرات، ويُجبرون على الاستقرار في مناطق محرومة تفتقر إلى الخدمات الأساسية، إن الوجود المفاجئ لمئات الآلاف بالإضافة إلى اقتصادٍ منهار أصلًا يُفاقم الفقر وجوع الأطفال.