السودان بين فكي الوباء والجوع
وسط النزاع القائم في سودان انتشرت أعراض جديدة لمرضى الضنك وأرقام صادمة للوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية.

مركز الاخبار ـ لا يزال النزاع في السودان مستمراً والاتهامات المتبادلة سيدة الموقف، والضحايا الأوائل هم الأطفال والنساء، اللذان وقعا بين فكي الوباء والجوع فضلاً عن آلة النزاع التي تحصد أرواحهم.
الوضع الصحي في تفاقم
يزداد الواقع الصحي سواءً في سودان يوماً بعد يوم، حيث نشرت العديد من الوكالات المحلية بأن الوضع الصحي في جنوب دار فور بات يثير القلق في ظل ظهور أعراض مرضية يشتبه بأنها ناتجة عن الإصابة بحمى الضنك لدى عدد من سكان مدينة نيالا، وبحسب الإحصائية التي كشفت عنها إحدى العيادات المحلية في دارفور أنها استقبلت خلال الأسبوع الماضي أكثر من أربعين حالة تحمل أعراضاً متطابقة مع تلك المرتبطة بحمى الضنك، ما دفع الطاقم الطبي إلى التعامل معها على هذا الأساس رغم غياب التشخيص المؤكد.
وتعتبر هذه المؤشرات أولية لكنها مثيرة للانتباه، خاصة في ظل ارتفاع درجة حرارة أجسام المصابين إلى مستويات تصل إلى 45 درجة مئوية، إلى جانب معاناتهم من الحمى والقيء والغثيان، وهي أعراض تتطابق مع الصورة السريرية للمرض.
ويأتي هذا في ظل عدم توفر أجهزة الفحص المخصصة لتشخيص حمى الضنك، في مدينة نيالا، ما يعد عائقاً رئيسياً أمام تأكيد الحالات، ويكتفي الأطباء بوصف مضادات حيوية دون تحديد طبيعة المرض.
وسط تصاعد القلق لم تعلق وزارة الصحة بشأن انتشار محتمل للمرض في مناطق أخرى داخل ولاية جنوب دارفور، وهذا الصمت يثير التساؤلات حول مدى جاهزيتهم الصحية للتعامل مع الوضع خاصة في ظل غياب بيانات دقيقة أو خطط استجابة معلنة، ويُخشى أن يؤدي التأخر في الاعتراف بالحالات إلى تفاقم الوضع وانتشار المرض في نطاق أوسع.
وتُعد حمى الضنك من الأمراض الفيروسية التي تنتقل عبر لدغات البعوض، وقد شهدت عدة ولايات سودانية، بما في ذلك الخرطوم، حالات إصابة مؤكدة بالمرض خلال الأشهر الماضية، ما يُشير إلى نمط انتشار متسارع في ظل الظروف البيئية والصحية الراهنة، ويُشكل هذا النمط تحدياً إضافياً للمنظومة الصحية في البلاد، التي تُعاني أصلاً من نقص في الموارد وتراجع في القدرة العملية للمرافق الطبية، ما يستدعي تعزيز جهود الوقاية والتشخيص المبكر في المناطق المعرضة للخطر.
وفاة 229 شخصاً بسبب الجوع
وفي ظل تفشي الوباء، تعاني العديد من الولايات من الجوع بسبب عدم وصول المساعدة الإنسانية في ظل النزاع القائم في البلاد، وقد كشفت مفوضية العون الإنساني بولاية شمال دارفور عن أرقام صادمة تتعلق بالوضع الإنساني في مدينة الفاشر، حيث أعلنت عن وفاة 229 شخصاً بسبب الجوع منذ أواخر آب/أغسطس الماضي، من بينهم 171 طفلًا و58 من كبار السن، التقرير الصادر عن المفوضية أشار إلى أن إجمالي عدد القتلى في المدينة نتيجة الحصار والقتال بلغ 675 شخصاً، فيما وصل عدد المصابين إلى 1,464، بينهم مئات النساء والأطفال، وتعكس هذه الأرقام حجم الكارثة الإنسانية التي تعيشها المدينة، في ظل غياب الإمدادات الغذائية والطبية، واستمرار العمليات العسكرية التي تعيق وصول المساعدات.
وبحسب التقرير ذاته، يعيش أكثر من 74 ألف شخص داخل مدينة الفاشر المحاصرة، من بينهم 38 ألف طفل، في ظروف مأساوية، حيث يعتمد السكان على تناول الأمباز "بقايا بذور الزيوت" كمصدر غذائي رئيسي، في ظل انعدام البدائل، وأوضح التقرير أن ستة مطابخ خيرية فقط لا تزال تعمل بشكل منتظم لتقديم الطعام، بينما توقفت 15 مطبخاً آخر عن العمل جزئياً بسبب نقص التمويل والتهديدات الأمنية، المفوضية طالبت في تقريرها بضرورة التحرك الفوري لفك الحصار عن المدينة، وإرسال مساعدات غذائية عاجلة عبر الإسقاط الجوي، إلى جانب فتح ممرات آمنة لإيصال الإمدادات الطبية وإجلاء المصابين، مؤكدة أن المراكز الصحية المتبقية في الخدمة تواجه نقصاً حاداً في الموارد، ما يُنذر بانهيار كامل للمنظومة الصحية في المدينة إذا لم يتم التدخل العاجل.