المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يرصد الانتهاكات البيئية

في اليوم العالمي للبيئة أكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أنه من غير الممكن ضمان العيش الكريم والصحة من دون التأقلم مع تغير المناخ والتصدي لانهيار التنوع البيولوجي ودون اتخاذ إجراءات بيئية عاجلة بشأن القضايا الملحة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ لا تزال الانتهاكات البيئية تمثل عقبة أمام حق آلاف المواطنين في بيئة سليمة وصحية ولا تزال معضلة المصبات العشوائية واضطراب وانقطاع الماء الصالح للشرب واحدة من بين أهم الإشكاليات البيئية التي تعاني منها تونس وفقاً للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

في تصريح لوكالتنا قالت منسقة الفريق الإعلامي التابع للمنتدى التونسي رحاب مبروكي، أن المنتدى يؤكد على أن المشكلة التهميش البيئي وعدم المساواة في الحقوق البيئية بين الجهات ستتفاقم هذه العام، لافتةً إلى أن بعض المناطق الداخلية تشهد اضطراباً في توزيع المياه وانقطاعات متكررة في العديد من المناطق واستنزاف للثروة المائية بمناطق الحوض المنجمي حيث توجد شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيمياوي كما توجد إشكاليات بيئية أخرى تعاني منها مناطق الشمال الغربي للبلاد وبعض مناطق الوسط والمتمثلة في الحرائق المتكررة للغابات بالإضافة إلى إشكالية الصيد العشوائي خاصة بالمناطق الصحراوية.

وأوضحت أن هذا التمييز ناتج عن خيارات تنموية خاطئة اتبعتها تونس، حيث كانت البيئة ولا تزال آخر اهتمامات الحكومات المتعاقبة.

وفيما يتعلق بالحلول المقترحة قالت أنه لابد من تجنب الإشكاليات المطروحة سابقاً واحترام ما جاء في الدستور وتطبيق القوانين التي تحمي المواطنين من الاضرار البيئية والالتزام بما جاء في الاتفاقيات الدولية من تعهدات والالتزام بتطبيقها وهو ما أكد عليه المنتدى في نص بيانه الصادر اليوم الأحد 5 حزيران/يونيو.

وأصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف الخامس من حزيران/يونيو من كل عام، بياناً رصد فيه مجموعة من الانتهاكات البيئية.

وجاء في البيان "أن دول العالم دأبت على إحياء هذا اليوم إيماناً بضرورة تبني برامج وخيارات وسياسات تراعي البيئة وتعتمد الاقتصاد الأخضر من أجل ديمومة النظام البيئي، فإن الوقت قد حان في تونس للحد من اللامساواة وانعدام العدالة في الولوج إلى الحقوق البيئية بين مختلف جهات البلاد والفئات الاجتماعية".

وأوضح البيان أنه "بات جلياً اليوم أن الآثار السلبية للمنوال التنموي بالبلاد في علاقة بسعيه الدؤوب نحو تكثيف الإنتاج وتكديس الثروة على حساب البيئة، تمس بالأساس الفئات الاجتماعية الأضعف والجهات المهمشة جغرافياً وسياسياً، خاصةً من خلال تركز التلوث وغياب الماء الصالح للشراب".

وشدد على أنه "من غير الممكن ضمان العيش الكريم والصحة من دون التأقلم مع تغير المناخ والتصدي لانهيار التنوع البيولوجي ودون اتخاذ إجراءات بيئية عاجلة بشأن القضايا الملحة بدءاً من التلوث البحري والاحتباس الحراري وصولاً إلى نقص المياه والتلوث وجرائم الحياة البرية وفي هذا الإطار لا يزال رصدنا للواقع البيئي عن قرب يثبت التكلفة الباهظة لتنامي التمييز والتهميش الذي يؤدي إلى تفاقم الحراك الاجتماعي البيئي ويقوض السلم الاجتماعي في مناطق عديدة".

وأضاف البيان "يتغذى هذا الحراك من مشاعر الغبن والظلم المتأتية من الحرمان من أبسط مقومات العيش الكريم، والتي تقضي تدريجياً على الشعور بالمواطنة والانتماء وتُفاقم ظاهرة التنقل البيئي لمواطنين يضطرون إلى هجر مساكنهم وممتلكاتهم وأراضيهم هرباً من التلوث أو بحثاً عن واقع بيئي أفضل يحفظ كرامتهم".

ولفت البيان إلى أن أكثر من 300 ألف تونسي اليوم في تونس "محرومون تماماً من الماء الصالح للشرب، بينما تستنزف وحدات صناعية على غرار شركة فسفاط قفصة الطبقة المائية باستهلاكها سنوياً 8.9 مليون متر مكعب من الماء أي ما يعادل استهلاك 112000 تونسي"، مشيراً إلى أن آلاف المواطنين يعيشون بالقرب من مصبات "مراقبة" وعشوائية تبث سمومها في الهواء والتربة والطبقة المائية وتنتهك صحتهم وصحة أطفالهم.

واختتم البيان بالتشديد على أنه "في ظل تنامي الحراك البيئي، تنتهج الحكومات المتعاقبة سياسة التجريم في محاولة لقمع هذا الحراك ووقف توسع رقعته الجغرافية. وعليه، فإن تبني توجهات وخيارات بيئية جديدة مكفولة بإطار تشريعي ضامن لتطبيقها ومتناسق مع المعاهدات الدولية الممضاة من الدولة التونسية ومع مكتسبات دستور 2014 لم يعد خياراً بل ضرورة ملحة"، لافتاً إلى أن التنبيه للمخاطر المحيطة بالبيئة والعمل على تلافيها يجب أن يتم بالتوازي مع تحقيق مبدأ المساواة والعدالة في ضمان الحقوق البيئية والمطالة بها بين الجميع دون استثناء.