"راتبي مو إلي" معاناة زوجات تذهب رواتبهن لجيوب الزوج

تعاني المرأة في إدلب من عدم تحصيل حقوقها نتيجة العقلية الذكورية السائدة التي ترفض اعتبار المرأة كائناً متساوي الحقوق والواجبات، كما أن بعض العائلات تؤمن بأن دور النساء ينحصر في المنزل وتربية الأطفال.

هديل العمر

إدلب ـ تذهب رواتب شهرية لنساء في إدلب بالشمال السوري، إلى جيوب أزواجهن تفادياً للمشاكل الزوجية المستمرة بعد عجز أولئك الزوجات عن الدفاع عن حقهن في تحصيل أجورهن التي يصرفها الزوج وفق أهوائه بعد هدر تعب الزوجة طيلة أيام العمل.

تقول النازحة رندة السنورة البالغة من العمر (29 عاماً) المقيمة في مخيمات قاح شمال إدلب أن راتب عملها كمعلمة في إحدى مدارس المخيم تذهب إلى زوجها كل شهر، حيث سبق أن خيرها بين منحه الراتب أو التوقف عن العمل والطلاق وحرمانها أطفالها وهو ما جعلها تختار الحفاظ على عملها وأسرتها وتعطيه كامل الراتب مرغمة.

وأضافت أنها لا ترغب بالتوقف عن العمل رغم عدم حصولها على شيء من مستحقاته ولا تشعر بتقدير جهدها، إلا أن العمل يبقى يشكل لها متنفساً وبعض الراحة ويخرجها من سقم الروتين اليومي في خضم الأعمال المنزلية بين أربع جدران المنزل، كما أن راتبها يساعد في الإنفاق على المنزل سيما وأن زوجها عاطل عن العمل منذ سنوات ويعتبر راتبها مصدر الدخل الوحيد للأسرة.

من جهتها حاولت مرام علي الشيخ البالغة (33 عاماً) التمرد على ظلم زوجها والحصول على راتبها مراراً وتكراراً دون جدوى وخاصة وأنها كانت ترضخ تحت وطأة سياسة التجويع التي يعتمدها الزوج لإعادة سلطة الإنفاق إليه.

وتقول "في كل مرة كنت أحصل فيها على الراتب وأرفض منحه إليه، كان زوجي يمتنع عن جلب الطعام للمنزل، ويبرر ذلك بعدم امتلاكه المال رغم أن عمله في إحدى مكاتب السيارات للبيع والشراء يعود عليه براتب يضاعف راتبي، وحين وجدت نفسي مضطرة لصرف الراتب الذي لا يتجاوز 150 دولار لقاء عملي كممرضة والذي لم يكن ليكفي إلا بضعة أيام، ارتأيت منحه لزوجي ليتولى الإنفاق على العائلة طيلة أيام الشهر".

لا تمانع مرام علي الشيخ مبدأ التعاون بين الزوج والزوجة في الإنفاق وتأمين متطلبات الأبناء والبنات وفق قواعد ومبادئ وأصول متفق عليها بين الطرفين، غير أن سلب راتب المرأة بهذه الطريقة تعتبره ظلم بحقها يحرمها الحد الأدنى من التمتع بحقوقها وجهدها وتعبها والشعور بكيانها.

وللحديث عن التحديات التي تواجه النساء في سبيل الاستقلال المالي، قالت المرشدة الاجتماعية زينة المطر، إن الاستقلال الاقتصادي للمرأة يمنحها حرية في اختياراتها وقدرة على الاستقلال في حياتها ويعزز دورها كزوجة، غير أن المرأة في إدلب تعيش في مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري، حيث مازالت فريسة للسلطة الأبوية التي ترسم الحدود والقيود على تنقلها ولباسها ونشاطها وقدرتها على المساواة والاستقلال الاقتصادي واتخاذ القرارات.

وأشارت إلى أن التمييز على أساس النوع الاجتماعي ما يزال واضحاً في ظل غياب العدالة الجندرية، وما تزال الأعراف الاجتماعية تنتقص من مكانة المرأة ومن قيمة جهودها المبذولة، ما يؤثر سلباً على مطالبة النساء بحقوقهن المسلوبة.

وأوضحت أن كل ما تسعى إليه منظمات تمكين المرأة في إدلب من توعية بحقوق المرأة وأهمية استقلالها الاقتصادي فإنها تبدو غير مجدية طالما أن المشكلة تبدأ من العقلية الذكورية التي ترفض اعتبار المرأة كائناً متساوي الحقوق والواجبات، وطالما أن العلاقات العائلية تؤمن فقط بدور المرأة الذي ينحصر في المنزل وتربية الأبناء وتحمل مسؤولية خدمة الأسرة حتى لو كانت خريجة جامعية.