عاملات في مجال الزراعة: نعاني من عنف الوسطاء وصمت الحكومة
تعمل النساء في المجال الزراعي بتونس في ظل ظروف قاسية جداً وتعانين من العنف بشتى أشكاله خاصة من قبل الوسطاء فيما تلتزم الحكومة الصمت تجاه العنف الممنهج ضدهن.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ يتزايد العنف الممارس ضد العاملات في المجال الزراعي عاماً تلو آخر بشتى الأشكال، حيث تعرضت في الآونة الأخيرة 25 عاملة إلى حوادث خطيرة بمدينتي القصرين والكاف، وتم خلال عام 2024 تسجيل 14 حادثة مرور لشاحنات النقل الزراعي أودت بحياة 8 عاملات من بينهن قاصر، وإصابة 147 بجروح.
تواجه العاملة الزراعية كافة أشكال العنف ليبلغ 87% في الطريق إلى العمل، فيما تبلغ نسبة العاملات اللواتي تواجهن العنف اللفظي 64%، والعنف الجنسي بنسبة 10%، والعنف المادي 5%.
وتعانين من هشاشة العمل في القطاع الزراعي وضعف تدخل الحكومة من حيث التنظيم والهيكلة والمراقبة إلى جانب الذهنية الذكورية والفكر الجمعي المبني على التمييز ضد النساء والتطبيع مع الاستغلال والعنف.
قالت منسقة عاملات الزراعة في جبنيانة منيرة بن صالح، إن العاملة في المجال الزراعي تعاني من جميع أشكال العنف "نلاحظ أن العنف في تزايد رغم القوانين الموجودة ومساعي الحد منه"، مضيفةً أن الوسيط يمارس ضدهن العنف الاقتصادي والمعنوي واللفظي والجسدي وهي مطالبة بالصمت وعدم الكشف عن أي شيء.
واعتبرت أنها مسؤولية الحكومة في إيجاد الحلول للعاملات وسن قوانين تجبر صاحب العمل على وضع حد للعنف الذي يمارسه "يومياً" عليها، مبينة أن المرأة في الريف تعاني من عنف مضاعف ومن ظلم صاحب العمل، فضلاً عن عنف الزوج في المنزل والضغط النفسي، مؤكدة أن المرأة الريفية أصبحت أكثر وعياً من السابق فهي قادرة على الانضمام للهياكل النقابية والدفاع عن حقها.
بدورها قالت يمينة السنوسي عاملة وعضوة بالنقابة الزراعية "أعمل بالزراعة منذ سنوات وكعاملات نشقى ونتعب يومياً مقابل أجر زهيد ولا نتسلمه كاملاً بل دائماً الوسيط يترك جزءاً منه للمرة القادمة، كما أن المزارع دائماً غير راض عن عملنا".
وأوضحت أن العاملات تتعرضن لشتى أشكال العنف من لفظي وجسدي وجنسي واقتصادي، إضافة إلى الحوادث التي تسفر عن إعاقات ووفيات، موضحة أن العمل النقابي يعرضها لعنف مضاعف لأن الفلاح يخشى من المطالبة بالحقوق كما أصبح الوسيط يخشى المطالبة بالنقل الآمن وبالترفيع في الأجر.
وأشارت إلى أن الوسيط أصبح يتجنبهن كنقابيات ويفضل ألا يدعوهن للعمل في الكثير من الأحيان حتى لا تؤثرن على بقية العاملات لأنه عندما "نرى شاحنة تحمل 40 عاملة نطالب بالحد من هذا التجاوز وعندما يتم التعامل مع أي عاملة بعنف لفظي أو معنوي ندافع عنها وهو ما يثير استياءه وقلقه الشديد من وجودنا".
وبخصوص التحركات النقابية التي تقوم بها العاملات، قالت يمينة السنوسي "واكبنا العديد من الجلسات وهناك إجراء جديد يتعلق بإنشاء صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات في المجال الزراعي وننتظر حلولاً لمشكلة النقل والأجر الذي يتحكم فيه الوسيط وليس الفلاح"، مطالبة الحكومة بالتدخل لوضع حد للعنف وتدعو العاملات في كل الجهات إلى التنظيم.
من جانبها قالت نزيهة دبابي عاملة زراعية ونقابية، إن "الوسيط يمارس العنف الجنسي فنجده يهتم لأمر العاملات صغيرات السن"، مطالبة بالحد من تلك التعديات وتحسين الأجر الأدنى وتطبيق القانون ومعاقبة المخالفين في حال ثبوت التمييز في الأجر بين العاملة والعامل.
ولن يكون هذا ناجعاً دون تهيئة الأرضية الملائمة من خلال العمل على رفع الوعي بالحقوق عند العاملات، كما عند الفلاحين وأصحاب العمل على حد سواء رغم محاولات المجتمع المدني في إيجاد حلول تخفف من معاناتهن.