النظام الكونفدرالي الديمقراطي خارطة الطريق لحرية المرأة

تبني السلطات الرأسمالية هيمنتها على استعباد جسد المرأة، لكن من خلال بناء نظام كونفدرالي ديمقراطي للمرأة سيتم تحطيم هذه السلطات وتغييرها وتحقيق تطلعات النساء التواقات للحرية.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ أكدت نساء مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا أن السبيل لوضع حل مشترك للأزمات التي أنهكت العالم أجمع بناء نظام كونفدرالي ديمقراطي للمرأة وتعزيز مقاومتها في كل المجالات، وهذا النضال سيكون نبراس الحرية وتحول تاريخي في واقع المرأة.

أدركت النساء بأن مرحلة الحرب العالمية الثالثة تتجسد في كل جانب من جوانب حياتهن، من خلال نظريات الأزمات وأساليبها، من الحرب النووية إلى ممارسات الحرب الخاصة، وقد توسعت هذه الحرب في كل مفاصل الحياة، من البيئة إلى المرأة، ومن الاقتصاد إلى القانون، وصولاً إلى الديمقراطية، حتى باتت أزمة عامة، وقد تضامنت نساء من مقاطعة منبج في إقليم شمال وشرق سوريا مع نداء حزب حرية المرأة الكردستانية (PAJK) ومنظومة المرأة الكردستانية (KJK) الذي يحث على إعلاء وتيرة النضال ضد واقع الحرب العالمية الثالثة، متيقنين بأنه كلما كان النضال أكثر تنظيماً وفعالية في هذا الوضع المتوتر والمتأزم، كلما كان النجاح مصير هذا النضال.

 

Jin Jiyan Azadî"" صرخة ألم لنساء العالم

اعتبرت عضو لجنة العلاقات في مجلس المرأة السورية بمقاطعة منبج نقشية خليل أنه "دائماً في الحروب والأزمات أبرز من يدفع ضريبتها المرأة والطفل، وكونها تمثل عصب المجتمع دائماً السلطات والتنظيمات الإرهابية تبدأ باستهدافها وبذلك تنال من المجتمع بأكمله، ولكن لا نقول بذلك أن المرأة ضحية، فهي تصبح ضحية عندما تستسلم لهذه الحروب وللعادات والتقاليد البالية التي شرعها المجتمع، فدائماً المرأة تدافع عن ذاتها في هاتين المعركتين".

وحول الحروب التي تقودها الرأسمالية وتستهدف المرأة بالدرجة الأولى تقول "هذا النظام ينال من حقيقة المرأة عبر  جعلها مواكبة لما يسمى الموضة والمظهر والشكل الخارجي ويكون محور اهتمامها، لتصبح سلعة فارغة من محتواها وجوهرها، وهذه الصورة التي تصنعها الرأسمالية للمرأة تسعى من خلالها لإخضاع المجتمعات والشعوب تحت تأثيرها لتقودهم بذلك إلى الهاوية، وفي ظل الظروف التي تعيشها النساء من حروب وأزمات سواء في سوريا وفلسطين والسودان واليمن لا يمكن الخروج منها براية النصر إلا بالتسلح بالوعي والثقة بالنفس عبر تعزيز إرادتهن، وهذا الجانب المعنوي الذي تتحلى به المرأة هو الذي يحدد جمالها الحقيقي وكينونتها، لأنها بذلك هي من تصنع العائلة والمجتمع والوطن بدورها كأم، بينما الرأسمالية تسعى لصنع امرأة مزيفة لا تعبر عن حقيقتها، كما تسعى لتشتيت المجتمعات ومحو ثقافتها، وأكثر ما يحمي المجتمع من هذه السياسات والحروب الخاصة هي الثقافة والأخلاق وعندما ينعدمان عبر تسليع المرأة يصبح المجتمع مفسخ أخلاقياً وبذلك يسهل النيل منه والسيطرة عليه، وبالتالي نستنتج أن الأنظمة الرأسمالية لا تريد للمجتمعات أن تكون على قدر كافي من الوعي حتى لا يصعب السيطرة عليها".

واعتبرت نقشية خليل أن شعار "Jin Jiyan Azadî" صرخة وجع، شعار لم يطلق عن عبث بل صرخة عبرت عن وجع جميع النساء انطلق من الظلم والقتل والتعذيب لسنوات طويلة، ولكن لم تأبه النساء لهذه الممارسات فصرخن بصوت واحد وصل لكل دول العالم، وكان ذلك رمزاً لتوحيد الإرادة والقوة، والنجاح لا يحالف النضال إلا بالوحدة ونحن لا نتوقف عن النضال حتى نصل إلى مبتغانا وليس فقط من أجل النساء بل من أجل جميع المجتمعات التي تتوق للحرية والتغيير ورفض الأنظمة التي تصنع الأزمات بدون حلول كالجوع والقتل والبطالة والانحلال الأخلاقي والتعصب الجنسوي والقضايا الاجتماعية"، مشيرةً إلى أن "أحد أهداف ومهام مجلس المرأة السورية إنقاذ واقع المرأة والمجتمع من الظروف الصعبة، فمن خلال وعي المرأة بإمكاننا الخروج من هذه الأزمات ولكن بصوت وقلب المرأة الموحد، الذي يرفض كافة أشكال العنف والتمييز والتقسيم والاستعمار".

وحول الحلول البديلة للحداثة الرأسمالية قالت نقشية خليل "بالعودة إلى التاريخ نرى التعايش المشترك والتآخي بين الشعوب والنسيج الاجتماعي يعتبر قوة كبيرة، ولكن من أجل القضاء على هذا النسيج الاجتماعي اختلقت فتن مذهبية قومية وعرقية، ولكن المرأة الأم بعيدة عن كل هذا التمييز وهي قادرة بإرادتها على إعادة توحيد هذا النسيج"، مذكرةً بثورة المرأة في شمال وشرق سوريا وتجربة النساء فيها "خلال الثورة أدركت المرأة الكثير من الأمور التي كانت مغيبة عنها مثل القيود التي تمنعها من التعبير عن رأيها وإرادتها، وهذه كانت انطلاقة للمرأة فهذه الثورة لن تبقى ضمن حدود إقليم شمال وشرق سوريا إنها تتطلع لتطوير هذا النضال على مستوى العالم، ويأتي ذلك بتماسك جميع النساء مع بعضهن البعض وإعادة النسيج الاجتماعي بين الشعوب، والتمسك بالعادات والتقاليد السامية المنبثقة من تقاليد المجتمع وجذوره والتخلص من البالية منها".

وأوضحت أنه "في كل بقاع الأرض عبر التاريخ هناك نساء كنجوم متلألئة في السماء، سواء عالمات أو ملكات لإمبراطوريات، ولكن نضالهن كان فردياً، بينما اليوم عبر توحيد صفوف جميع نساء العالم وتظافر جهودهن سيضمن حرية المرأة وصون مكتسباتها لأن قضيتها ليست قضية محلية في منطقة ما بل هي قضية مشتركة للنساء في كافة أنحاء العالم". 

 

 

المرأة تُفشل المخططات الرأسمالية بوعيها وإرادتها

بينما قالت زهيدة إسحاق رئاسة لجنة التدريب في الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة منبج "ما يعيشه العالم حالياً هي ظروف حرب العالمية الثالثة ولم يعلن عن ذلك في الساحات السياسية ولا الدولية ولكن ما يجري الآن من حروب عسكرية وخاصة يوحي بأن هناك حرب عالمية ثالثة تقام ضد المرأة والشبيبة والمجتمع"، معربةً عن تضامنها مع النداء الذي أطلقه حزب حرية المرأة الكردستانية PAJK ومنظومة المرأة الكردستانية KJK "نتضامن مع نداء الكرديات بوعينا والدفاع عن أنفسنا، ينبغي ألا يكون دفاعاً بشكل فردي بل تحت مظلات نسائية، ليس ضد الحروب العسكرية فحسب بل حتى ضد الحرب الخاصة التي تستهدف النساء بالدرجة الأولى، والأمر الآخر أن تكون ملكاً لذاتها وألا تقبل أن تكون أجندة لأحد"، مشددةً على ضرورة توحيد النساء "كلما اتسعت دائرة النساء المطالبات بحريتهن وتضامن ستحققن الحرية تحت شعار Jin Jiyan Azadî".

كما تطرقت إلى رؤية القائد عبد الله أوجلان فيما يخص قرن الواحد والعشرين "القائد أوجلان خلال نظرته الموضوعية لما يحدث في العالم ولما تتبعه الهيمنة الرأسمالية أدرك أن القرن الواحد والعشرون سيشهد حروب وستستهدف المرأة لذا نادى بثورة المرأة، والمرأة نتيجة ما أقيم عليها من سلطات وأحكام على مدار خمسة آلاف عام أدركت أهمية ذاتها وإرادتها، والآن نحن في نهاية الربع الأول من القرن الواحد والعشرون ونشهد على الانتفاضات النسائية بوجه السلطة والهيمنة الذكورية، والمرأة الكردية خلال نضالها لمدة خمسون عاماً رسمت ملامح هذه الثورة وكسبت قوتها وحتى في شمال وشرق سوريا خاضت حروب ومعارك ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة ودول محتلة ووضعت قوانين ومبادئ تضمن حقوقها وحريتها، وهذا ما توقعه القائد أوجلان أن يكون هذا القرن قرن حرية المرأة".

ولفتت زهيدة إسحاق إلى أنه "لن تنال المرأة حريتها إذ لم تتحرر جميع نساء العالم، ويقيناً بذلك ركزت منظومة المرأة الكردستانية وحزب حرية المرأة الكردستانية على ضرورة تشكيل كونفدرالية ديمقراطية تشمل كل نساء العالم وهناك حاجة ملحة لهذا التوحيد والكونفدرالية الديمقراطية" مؤكدةً على أنه "ينبغي علينا كنساء في شمال وشرق سوريا ونساء كردستان ألا نكتفي من النضال لأن التوقف معناه التراجع لذلك علينا تطوير نضالنا على المستوى العالمي لنمد يد العون لجميع النساء التواقات للحرية".

تطرقت زهيدة إسحاق وبشكل خاص إلى واقع المرأة في بلدان شرق الأوسط "المرأة هنا لا تزال تحت نيران السلطات ولم تنل حريتها، فهي لا تزال تعيش ويلات الحروب وتدفع ثمنها، سواء في السودان أو فلسطين وأذربيجان، وحتى أوكرانيا، فالمرأة أينما تتواجد تتعرض للعنف لأن السلطات والدول الرأسمالية تساعد على تعنيفها ولا تزال الكثير من النساء لا تدركن حقوقهن، لذا لا تزال تعنف وترتكب المجازر والإبادة بحقهن".

 

 

الكونفدرالية الديمقراطية للمرأة ستوحد موقف النساء

بينما قالت الرئيسة المشتركة لتنظيمات المجتمع الديمقراطي في مقاطعة منبج منى الخلف عما يخص واقع النساء العربيات في الشرق الأوسط "الأنظمة الاستبدادية التي كانت ولا تزال تتعبها السلطات في الدول العربية، جعلت المرأة تتقوقع في أطر معينة باسم الدين والعادات والتقاليد البالية، ولكن لتتخلص المرأة من ذلك وتكسب حقوقها عليها أن تدرك ما يجري في محيطها وذاتها وتاريخها، وأن تستفيد النساء من تجارب الثورات النسائية في العالم، كانتفاضة المرأة في إيران التي لاقت تضامناً كبيراً وواسعاً من النساء ليس فقط في إيران بل أيضاً في العالم".

وأعربت عن دور الرأسمالية في خلق الأزمات "تخلقها لتبرر وجودها في دول الشرق الأوسط مثل تركيا أو إيران أو روسيا أو أمريكيا بذريعة المساعدة على إيجاد حل لهذه الأزمات ولكن في الحقيقة هذه الدول ذاتها من تخلقها، ليصبح المجتمع والمرأة ضحية هذه الأزمات في جميع ميادين الحياة، فبالتالي يتدهور واقع المجتمع وينشغل فقط في تأمين لقمة عيشه وهذا ما يُخرج المجتمع عن كينونته، كما أن هذه الأزمات همشت دور المرأة فشهدنا ذلك في الحرب العالمية الأولى والثانية ولكن في الثالثة التي نعيش ظروفها حالياً يجب على كافة نساء العالم أن تتخذن موقف موحد ولا نقبل للمجازر والإبادة أن تتكرر مرة أخرى في القرن الواحد والعشرون".