المطلقات في إدلب... اضطهاد وحرمان من الحقوق

بعد تجربة زواج فاشلة انتهت بالطلاق يمعن المجتمع والأهل في ظلم المطلقات وفرض الضوابط المجتمعية عليهن، ولا يترك لهن مجالاً لمداواة جروحهن النفسية والنهوض من جديد.

لينا الخطيب

إدلب ـ تعاني المطلقات في إدلب من رفض المجتمع لهن وتحمّلِ مسؤولية رعاية أطفالهن وحدهن وسط قسوة أسرهن عليهن، حيث تبدأ المعاناة من نظرة المجتمع التي لا ترحمهن، لتنتهي بمواجهة مشاق الحياة المعيشية الصعبة وحدهن، خاصة إذا لم يكن لديهن معيل أو مصدر رزق يؤمن احتياجاتهن اليومية وتربية أبنائهن.

"كنت أتخيل أن حياتي ستكون أكثر راحة بعد طلاقي من زوجي والتحرر من ظلمه" بهذه الكلمات عبرت علياء الحمود البالغة من العمر 29 عاماً عن معاناتها بعد طلاقها من زوجها وعودتها إلى منزل أهلها في مدينة معرة مصرين شمالي إدلب لافتةً إلى أنها "تركت زوجي بسبب تعرضي المستمر للضرب والمعاملة السيئة، وقررت العودة إلى منزل أهلي مع طفليّ".

وأشارت إلى أن والدها أجبرها على التخلي عن طفلها بعد مدة شهرين من طلاقها وقام بإرسالهم إلى والدهم، بحجة أنه غير قادر على تحمل مسؤوليتهم والإنفاق عليهم، كما أن أشقاءها يتحكمون بحياتها ويمنعونها من الخروج من المنزل، باعتبارها مطلقة ومن السهل أن تكون لقمة سائغة بالنسبة للرجال ضعاف النفوس.

أما سلمى الكريدي البالغة من العمر 31 عاماً من مدينة سرمدا شمالي إدلب فقد تم طردها من بيت زوجها ليكون مأواها الشارع برفقة أطفالها، مشيرةً إلى أن أهلها رفضوا استقبالها أيضاً، قالت "عدت من رحلة زواج فاشلة، ولجأت إلى منزل أهلي بعد معاناة وحياة مليئة بالمشاكل والمتاعب، اعتقدت أن الحل النهائي فيها الطلاق، لكن أبي وأمي لم يتقبلوا الواقع، وحاولوا إعادتي إلى منزل زوجي مرغمة، وحين رفضت العودة نظروا لي كمذنبة ومسؤولة عن فشل زواجي، فوجدت أن الحل الوحيد هو الاستقلال بذاتي والبحث عن عمل وتحمل مسؤولية الإنفاق على أبنائي"، موضحةً أنها تعتمد على نفسها في إعالة أسرتها من خلال العمل في الأراضي الزراعية وغيرها من الأعمال كجمع البلاستيك والألمنيوم.

وأشارت بحزن "تكون المرأة في هذه الظروف بأمس الحاجة للأهل في التقليل والتخفيف من معاناتها، ومساندتها معنوياً ومادياً وإحتوائها نفسياً حتى تتمكن من إعادة ترتيب حياتها، والنهوض من جديد".

من جانبها قالت نازحة من مدينة خان شيخون إلى مخيم كللي شمالي إدلب عهود الحاكورة البالغة من العمر 22 عاماً إنها انفصلت عن زوجها بعد سفره إلى ألمانيا، فأجبرها والدها على الزواج من ابن عمها، رغم أنه متزوج ولديه أربعة أطفال "بعد الكثير من الوعود الكاذبة سافر زوجي إلى ألمانيا، على أمل أن ألحق به بعد الانتهاء من معاملة لم الشمل، لكنني تفاجأت بأنه هجرني وطلقني دون أسباب واضحة"، مشيرةً إلى أن والدها أجبرها بعد ذلك على الزواج من ابن عمها باعتبار أنها صغيرة، وبحاجة لرجل يتحمل مسؤوليتها ويهتم بها ورغبة بإسكات من حولهم.

وعن معاناة المطلقات في إدلب قالت المرشدة الاجتماعية مرام الحسون البالغة من العمر 33 عاماً "المجتمع لا يرحم المطلقات، إذ يجلُب لهن الشائعات التي تنال من سمعتهن وكرامتهن، فلا تزال نظرة المجتمع إلى المطلّقة سلبية وفيها ظلم كبير، فهي محكومة بنظرة اجتماعية بعيدة عن عين الإنصاف، فبدلاً من اعتبارها ضحية لعلاقة زوجية غير متكافئة، توجه إليها أصابع الاتهام وتكون محل اتهام غير مبرر، بأنّها ساهمت في انهيار بيتها وتشتيت أسرتها، وبالتالي فهي غير جديرةٌ بالثقة، ولا تستحق فرصةً أخرى، متناسين الوضع الذي عايشته والحياة التي قاستها والظروف التي مرت بها".

وأكدت على ضرورة تعزيز ثقة هذه الفئة من النساء بأنفسهن وبناء قدراتهن والسعي لتمكينهن علمياً ونفسياً وتأمين دخل اقتصادي من خلال إنشاء مشاريع مدرة للدخل وإعانتهن على تعلم الحرف والمهن المناسبة، مشددةً على ضرورة توعية الرأي العام لرفع التمييز والنظرة الدونية للنساء المطلقات في المجتمع، مع المطالبة بقوانين تكفل المساواة والعدالة في حقوق النساء.