نتائج إيجابية لدراسة إحصائية تتناول واقع المرأة في البرلمانات العربية

أكدت نائبتان في المجلس الشعبي الوطني أن عزوف المرأة عن المشاركة السياسية يعود إلى فكر المجتمع وقلة الوعي.

رابعة خريص

الجزائر ـ أصدر الاتحاد البرلماني العربي، دراسة إحصائية تتناول واقع المرأة في البرلمانات العربية، وتأتي هذه الدراسة تنفيذاً لتوصيات المؤتمر الـ 27 للاتحاد البرلماني العربي.

استلمت النائبات في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى في البرلمان الجزائري) استمارة المعلومات الخاصة بتمثيل النساء في المجالس البرلمانية العربية، وتضم الاستمارة التي حصلت وكالتنا على نسخة منها معلومات تخص اسم البرلمان وسنة تأسيسه وعدد الأعضاء المنتخبين فيه وعدد النساء البرلمانيات في البرلمان، إضافة إلى معلومات أخرى تخص متوسط أعمار البرلمانيات الأعضاء، وأيضاً الاختصاصات المهنية للبرلمانيات قبل العضوية في البرلمان.

إضافة إلى ذلك تضمنت استمارة المعلومات الخاصة بتمثيل النساء في المجالس البرلمانية العربية معطيات أخرى تخص المسؤوليات التي تقلدتها النساء: رئيس، نائب رئيس، أمين سر، رئيس لجنة، مقرر لجنة في البرلمان/المجلس، ومعلومات عن الانتماء الحزبي أو النقابي للنساء البرلمانيات.

وطُرحت مجموعة من الأسئلة في ختام الاستمارة، والسؤال الأول هو: هل تمثل البرلمانيات في عضوية الوفود التي يشكلها البرلمان لحضور المؤتمرات الإقليمية والدولية؟ وما نسبة هذا التمثيل إن وجدت؟ والسؤال الثاني هل تشارك البرلمانيات في وفود الزيارات الثنائية التي يقوم بها البرلمان ونسبة التمثيل؟ أما السؤال الثالث فيتمحور حول عدد النساء البرلمانيات الممثلات للبرلمان أو المجموعة العربية في الهيئات البرلمانية الإقليمية والدولية؟

وباتت هذه الدراسة الإحصائية للنائبات في البرلمان الجزائري، عاملاً مهماً يساهم في تسليط الضوء على التحديات التي تعترض وصول المرأة إلى أعلى مراتب السلطة السياسية، وقد تحول أيضاً دون أدائها دوراً أكثر أهمية في آلية صنع السياسات.

وتشكل الجزائر نموذجاً يجب تسليط الضوء عليه حسبما تكشفه النائب في المجلس الشعبي الوطني خديجة بلقاضي لوكالتنا، وتقول إن حضور المرأة في المجالس المنتخبة يسير بوتيرة بطيئة.

وقالت النائب خديجة بلقاضي أن انتخابات 2017 كانت نموذجاً جيداً في الجزائر حيث قفز نظام الكوتا بنسبة فوز المرأة من 7 إلى 31 بالمئة فأصبحت في المرتبة الأولى عربياً و22 عالمياً ولذلك يمكن القول إنها كانت قفزة نوعية غير أنه يمكن التأكيد على أنها كانت بالمقابل قفزة فارغة المحتوى بالنظر إلى نوعية النساء اللواتي شغلن المجلس حيث أن هذا القانون سمح بصعود نساء بعيدات كل البعد عن الممارسة السياسية، من مهن مختلفة ومستويات دراسية هزيلة على العموم، حيث يصعب عليهن الخوض في فهم المبادئ الأولى للقوانين.

وأضافت "بعد حل البرلمان الجزائري صيغ قانون جديد وبالرغم من أنه اشترط المناصفة في القوائم الانتخابية في المادة 202 غير أن تطبيقها جاء مستحيلاً بالنظر إلى العوائق الاجتماعية والعرفية التي تمنع المرأة من ولوج السياسية خاصة في المدن الداخلية فجاءت المادة 317 التي رفعت هذا الحرج بقبول القوائم حتى ولو كانت فارغة تماماً من العنصر النسوي فقط تشترط الإبلاغ فكانت النتيجة انتكاسة غير مسبوقة بـ 34 مقعداً".

وقالت إن السبب في ذلك معروف فالمجتمع الجزائري رجعي على العموم والسبب عزوف المرأة حتى على الانتخاب لقلة الوعي على العموم، وكذلك الآثار السلبية التي تركها نظام الكوتا.

ومن بين الحلول التي تقترحها خديجة بلقاضي هي توعية المرأة أولاً بأهمية المشاركة السياسية وكذلك النقابية والتعمق في ذلك وتقلد مناصب في ذلك، إضافة إلى السماح للمرأة بتقلد مناصب سياسية عليا في الأحزاب السياسية والتي يعتبر دورها شبه مغيب على العموم، وكذلك إبراز النساء الناجحات سياسياً في الجانب الإعلامي بقوة للمساهمة في توعية المجتمع.

ومن جهتها ترى النائب بالمجلس الشعبي الوطني زكية بوقطوشة أن انتخابات 2021 كانت حقيقة فرصة للتمثيل الحقيقي ولمن يختارهم الشعب حيث ضمت ولأول مرة نظام القائمة المفتوحة وهو ما جعل هذه الطريقة في التصويت تمنح الناخب مستويات أعلى من الحرية في ممارسة خياراته حيث مكنته من الخروج من خيارات الحزب في ترتيب المترشحين واختيار الشخص المناسب بالنسبة له وهذا ما سمح ببروز منتخبين ذوي شعبية حقيقية وممثلين فعلين للإرادة الشعبية الديمقراطية.

ورغم إيجابيات هذا النظام غير أنه لم يكن كذلك بالنسبة إلى التمثيل النسوي حيث تراجع بنسبة غير مسبوقة فمن 31.6 في برلمان 2012 إلى 25.97 في 2017 ثم 8.35 في 2021 وقد تتراجع هذه النسبة في الانتخابات المقبلة وربما تصل إلى الصفر دون مبالغة.

وأرجعت زكية بوقطوشة الأمر إلى عدة أسباب بينها أن العملية الانتخابية في الجزائر تعتمد على الولاء والعشائرية في مجتمع أبوي إضافة على معتقدات دينية ومعتقدات فكرية وتقاليد وأعراف اجتماعية والمال السياسي والنفوذ المحتكر من طرف الرجال.

وتذكر أيضاً الحملات الدعائية التي نظمت في الانتخابات السابقة فكلها كانت ضد المرأة وهو ما نزع عنها عنصر الكفاءة ورسخ فكرة غياب التمثيل القوي رغم ما شاهدناه من نماذج مشرفة وقوية للمرأة داخل البرلمان.

وتقول زكية بوقوشة إن كل هذه المعطيات التي ذكرناها سابقاً جعلت أوجه عدم التوازن واضحاً في المستقبل وهي نفس الأسباب التي ألزمت اتفاقية سيداو الدول الموقعة عليها على اتخاذ تدابير خاصة تدعم تواجد المرأة في البرلمان ومن بينها الجزائر، والرجوع إلى نظام الحصص لضمان تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار داخل المجتمعات الأبوية مثل المجتمع الجزائري نظراً لدور العوامل السوسيوثقافية وتأثيراتها الكبيرة على توجهات صنع القرار وعامة الناس فيما يخص قضية مشاركة المرأة السياسية.