نساء كوباني يتعهدن بحماية مكتسبات المقاومة مهما كانت التضحيات
أكدت نساء مدينة كوباني، اللواتي فقدن أبناءهن في مقاومة جسر قره قوزاق، أنهن سيقفن في وجه تهديدات الاحتلال التركي في إقليم شمال وشرق سوريا "إرادتنا لن تنكسر وسنواصل الدفاع عن أرضنا".
نورشان عبدي
كوباني ـ شهد إقليم شمال وشرق سوريا تطورات متسارعة عقب سقوط نظام البعث في كانون الأول/ديسمبر 2024، وسيطرة جهاديي هيئة تحرير الشام على السلطة في سوريا، لتندلع بعدها هجمات واسعة من الاحتلال التركي ومرتزقته على ثلاث جبهات رئيسية، وهي دير حافر، سد تشرين، وجسر قره قوزاق.
تصدى مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية لهجمات الاحتلال التركي على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بمقاومة كبيرة، فيما خرج الأهالي في قوافل إلى سد تشرين لإظهار دعمهم لمقاتليهم، ورغم سقوط عشرات الضحايا من النساء والشباب والمقاتلين، فإن الهجمات لم تحقق أهدافها بفضل المقاومة المشتركة بين القوات والشعب.
وفي العاشر من آذار/مارس الماضي، تم توقيع اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية المؤقتة، نصّ على تنفيذ التكامل الأمني في إقليم شمال وشرق سوريا قبل نهاية العام، في خطوة وُصفت بأنها بداية مرحلة جديدة من التنسيق والاستقرار في المنطقة.
ومع اقتراب نهاية العام الجاري، تصاعدت بشكل ملحوظ تهديدات الدولة التركية وجهاديي هيئة تحرير الشام ضد مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وفي مواجهة هذه التهديدات والهجمات المستمرة على ثورة النساء، عبّرت نساء مدينة كوباني عن موقفهن، مؤكدات تمسكهن بالمقاومة والدفاع عن مكتسباتهن.
"دموع الأمهات ودماء الأطفال حموا الوطن"
واستذكرت نجمة كينجو مسيرة المقاومة في إقليم شمال وشرق سوريا، بعد أن فقدت نجلها خلال عملية تحرير جسر قره قوزاق عام 2016 إثر هجوم شنه داعش، وأكدت أن الوطن بُني بدموع الأمهات ودماء الشهداء "إن الشعب دفع ثماناً باهظاً لحماية الأرض في مختلف الجبهات، مثل سد تشرين، جسر قره قوزاق، ودير حافر".
وأوضحت أن أبناء المنطقة كانوا يسيرون في قوافل المقاومة، فيما كانت الأمهات إلى جانبهم على جبهات المقاومة، يقدمن الدعم ويثبتن أنهن جزء لا يتجزأ من مسيرة النضال.
وأكدت أن التهديدات الموجهة ضد إقليم شمال وشرق سوريا تتكرر في ذكرى المقاومة، مشددةً على أن موقفهم لم يتغير رغم مرور عام، إذ يواجهون مجدداً محاولات الاعتداء نفسها "أن العداء تجاه الشعب الكردي ما زال قائما"، معتبرةً أن أعداءهم يسعون لإبادتهم في كل فرصة سانحة.
وقالت إن الوطن الذي بُني بالدماء لا يمكن التفريط به بسهولة، مؤكدةً أن أبناء المنطقة سيواصلون الدفاع عنه، وأن الأمهات سيبقين إلى جانبهم كما كنّ في المعارك السابقة "أن الشعب، وخاصة الأمهات، قاوموا مع المقاتلين على سد تشرين، وسيواصلون اليوم الرد بنفس الثبات والعزيمة والإصرار".
"مصدر قوتنا ومقاومتنا هو القائد أوجلان"
وأكدت "سنقف في الصفوف الأمامية لجبهات القتال، لقد سقط مئات الشهداء، من سينسى هذه البطولة؟"، مشيرةً إلى أن القائد عبد الله أوجلان ناضل على مدى سنوات طويلة، كان الجميع يقول إن مكان النساء المنزل والرعاية لكن القائد أوجلان أكد أن "النساء دائماً في الصفوف الأمامية، ليس فقط لحماية النساء، بل لحماية شعبهن وأرضهن".
"سنفي بوعودنا لأبنائنا"
من جانبها قالت ليلى محمد بوزان، والدة الشهيد ديار الذي استشهد أثناء الهجمات على جسر قره قوزاق العام الماضي "قاتل إلى جانب رفاقه حتى الرمق الأخير"، موضحةً أنه أخبرها مع اندلاع الهجمات والاشتباكات في جبهات دير حافر وجسر قره قوزاق بأنه سيعود لينضم إلى صفوف المقاومة.
"ودّعته الوداع الأخير قبل رحيله" قائلة أن ابنها وعدها بالعودة سالماً، لكنه ارتقى شهيداً بعد عشرة أيام وهو يدافع عن أهله ووطنه، ليُسجَّل اسمه في سجل المقاومة ويخلّد بين تضحيات أبناء المنطقة.
وأضافت "لقد كانت فترة عصيبة للغاية، كانت الحروب والاشتباكات في كل مكان، لم نكن نرغب بالنزوح مجدداً، ولهذا السبب لم نتخلَّ عن أرضنا رغم كل ما مررنا به".
وأكدت ليلى بوزان، أنها ستواصل حماية تراث أبنائها والوفاء بوعودها لهم، مشيرةً إلى أن أحداث العام الماضي زادتهم قوة وصلابة "ديار والعشرات من رفاقه استشهدوا دفاعاً عن الأرض، سنحافظ على إنجازاتهم مهما كانت التضحيات".