ناشطات نسويات: أن نتّحد من أجل فهم واقعنا أولى خطوات تحرير النساء من التهميش

بات استهداف النساء شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً أداة المجتمعات الرجعية التي ترى في المرأة الكائن الأضعف الذي من السهل عرقلته وممارسة عقدة التفوق والتحكم والاستغلال عليه.

زهور المشرقي

تونس - نُظم المؤتمر الدولي الثالث للنساء القاعديات في ظروف دولية وقُطريّة صعبة أثّرت على النساء وحاصرتهن،  وتضررت منها بالدرجة الأولى الكادحات بأطواق شديدة من القهر والتّهميش والاستغلال، ما ألقى بهن في الدّونيّة والضّياع والانكسار ماديّاً ومعنويّاً.

تحت شعار "تونس عاصمة لنساء العالم" انطلقت مسيرة من شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس نحو مدينة الثقافة بمشاركة مئات النساء من أكثر من ثلاثين دولة للتنديد بالوضع السيّء للنساء القاعديات في كل أنحاء العالم، وقد أجمعن على أهمية تضافر الجهود بينهن من أجل تحرير المرأة من كافة أشكال الاستغلال والاضطهاد، وتجسيد دورها المؤثر في المجتمع.

وذكّرت المشاركات بالمؤتمر السابق الذي عُقد في نيبال، واستنتجن أن وضع النساء واحد في جميع أنحاء العالم حيث تتحمل النساء نفس المعاناة بغض النظر عن جنسياتهن وهوياتهن ومعتقداتهن.

ودعت المشاركات إلى تكثيف العمل من أجل حثّ السلطات على النهوض بواقع النساء عبر سن مجموعة من التشريعات التي من شأنها أن تخدم قضايا النساء وترسي دعائم مجتمعات متوازنة خالية من مظاهر العنف والتسلط والاقصاء.

وعلى هامش المؤتمر التقت وكالتنا الناشطة النسوية الايرانية زمان مسعودي، التي أوضحت أن "واقع النساء متشابه في كل بقاع العالم"، لافتة إلى أن "مثل هذه المؤتمرات قد تساهم في عرض مختلف الانتهاكات والاضطهادات التي تعانيها النساء من أجل فضحها بدافع التحرير والتغيير".

وقالت زمان مسعودي، وهي لاجئة سياسية تعيش منذ اثنين وأربعين عاماً في ألمانيا بسبب معارضتها نظام الحكم في طهران وسياسته القمعية ضد النساء، بأنّ الايرانيات لم تحصلن بعدُ على حقوقهن كاملة ولازلن تعانين من بطش السلطة، لافتة إلى أن السجن قد يكون مصير أي إيرانية تطالب بحقوقها.

وأكدت انّها كرّست حياتها للدفاع عن حقوق النساء والنضال رفقة مجموعة من النساء من جنسيات مختلفة في برلين ضد العنف الذي يطال النساء.

وأشارت إلى متابعتها لواقع النساء في المنطقة والعالم حيث لا تزال أشكال التمييز والاضطهاد مسلطة عليهن وهي تحديات مشتركة يجب مواجهتها بكل جرأة.

 

 

ومن جانبها قالت الناطقة باسم حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، سما بكداش "انضممنا إلى المسيرة التي انطلقت ضمن فعاليات اليوم الأول للمؤتمر العالمي الثالث للنساء القاعديات الذي أقيم في تونس، لنؤكد على أن قضية المرأة أينما كانت واحدة، فالنساء حول العالم تتعرضن للعنف والتهميش والإقصاء"، مشيرةً إلى أن "مشاركة العديد من التنظيمات النسائية حول العالم وناشطات وحقوقيات في هذا المؤتمر الذي عقد ليوحد صوت النساء، مهم جداً".

ولفتت إلى أن "في روج آفا بشمال وشرق سوريا أطلقنا ثورة نسائية فريدة، وما زال هناك طريق طويل من النضال لنخوضه، إن تجربة نساء روج آفا بعد عشر سنوات من النضال وتحقيق العديد من المكتسبات فريدة، ووصفت بالتجربة الناجحة وتعمل العديد من النساء للسير على خطاهن والاقتداء بهن".

وأوضحت "مشاركتنا كوفد في هذا المؤتمر جاءت لتوحيد جهود كافة النساء اللواتي تناضلن في كافة الساحات"، وثمنت جهود التنظيمات النسوية حول العالم المشاركة في المؤتمر واللواتي تدافعن عن حقوق النساء مؤكدةً على أن "التحالف بين التنظيمات النسائية حول العالم سيكون نقطة تحول في حياة جميع النساء".

 

 

وقالت رئيسة رابطة جين النسائية بشرى علي هناك وفد نسائي من كافة مكونات شمال وشرق سوريا، قد شارك في المؤتمر الثالث للنساء القاعديات، بالإضافة إلى مشاركة وفد نسائي من إقليم كردستان "نشارك في هذا المؤتمر العالمي لأهميته في تسليط الضوء على الثورة النسائية في أجزاء كردستان الأربعة".

وأوضحت "إن ثورة المرأة في روج آفا فريدة من نوعها من حيث الإنجازات والمكتسبات التي حققتها في كافة المجالات"، مؤكدةً على ضرورة التركيز على العديد من النقاط وتسليط الضوء عليها لكي يتم الاستفادة من هذه الثورة سواء في التنظيمات الخاصة بالمرأة أو مضمون الثورة النسائية وكيفية خوض مسارها أو حتى على صعيد نظام الرئاسة المشتركة التي تعدت الكوتا النسائية التي اعتمدتها العديد من الدول ووصلت إلى مبدأ المناصفة بين الجنسين في كافة المستويات.

 

 

الناشطة الفلسطينية ميسر عطياني من فلسطين قالت إن النساء في فلسطين تتعرضن لعنف مضاعف بسبب القوانين المنحازة للرجال والثاني بسبب "الاحتلال"، واستنكرت الحروب المستمرة من قبل الدول المهيمنة مما يصعب الحياة على شعوب المنطقة وخاصة على النساء.

 

 

وبدورها قالت رئيسة جمعية جسور للمساواة آمال العرباوي "إن حركة النساء القاعديات تدافع عن قضايا العاملات في جميع المجالات، فالحركة النسوية في تونس ليست معزولة عن نضال العاملات في الفلاحة وغيرهن، وقانون 58 و37 و51 دليل على نضال الحركة النسوية التونسية، لصالح العاملات في المنازل وتأمين النقل للفلاحات، لقد انضممنا إلى حركة النساء القاعديات لتبنينا هذه القضية"، لافتةً إلى أن جمعية جسور تعتبر أن العدالة الاجتماعية من الأسس المبنية على المساواة التامة بين الجنسين.

وحول أهمية تنظيم مثل هكذا مؤتمرات للنهوض بواقع النساء القاعديات تقول "هكذا مؤتمرات تعطينا فكرة التشخيص المشترك لنبحث من خلاله على حلول وتصورات مشتركة للنهوض بالنساء في كافة المجالات، خاصة اللواتي تعملن في المعامل والمزارع وغيرها من المهن في ظروف قاسية، كما أن المؤتمر يساعدنا على تبادل الأفكار للخروج برسالة إلى العالم مفادها أن الحركة النسوية حاملة لقضايا مبنية على العدل والمساواة والحقوق، أي لا تتحرك وفقاً للمصالح الشخصية، بل تنادي بتحرير النساء في كافة أنحاء العالم والتخلص من السلطة المافيوزية والتسلط الإمبريالي على جهد وأكتاف العاملات والفلاحات".

 

 

قالت الناشطة النسوية الألمانية ماريان هارمز ميتزجر "ليس هناك مبرر لعنف الرجال تجاه النساء، هذه الأفعال لا تحدث بقوة الطبيعة. إنها إرادة بشرية، ويجب زيادة الوعي في مجتمعاتنا. وتوفير حماية للمرأة بموجب القانون والشرطة.  وتشديد الرقابة على المجرمين".

وأوضحت أن المجتمع الذي لا يدين بشكل قاطع مثل هذه الأعمال العنيفة هو مجتمع غير إنساني ويسمح في نهاية المطاف بمزيد من العنف ضد المرأة. مؤكدة أنه من مهام الحكومة منع تعرض النساء والأطفال للخطر.

 

 

وقالت الناشطة النسوية البيئية راضية الوحيشي أن قضية المساواة بين الرجل والمرأة هي قضية مساواة في مفهومها القانوني والشامل "نحن نطالب بعدالة مناخية لأن المرأة هي الأكثر تضرراً في مواجهة التغيرات المناخية وفي مسألة الإرث والتنمية، لذلك أطلقنا صرختنا في هذا المؤتمر لتحصل النساء على كافة حقوقهن".

 

 

ويستمر المؤتمر الذي أنطلق أمس الأحد 4أيلول/سبتمبر إلى يوم السبت المقبل حيث ستناقش النسويات في الورشات مواضيع مهمة لتشخيص الوضع وفهم الإشكاليات بغية تقديم الحلول الواقعية التي من شأنها أن تنهض بواقعهن وتحميهن من حيث الاستغلال والتهميش والاقصاء الممنهج.