من أجل إنصاف حقوق النساء... جمعية مغربية تقدم مذكرة لتعديل مدونة الأسرة
في سياق التحضيرات الحكومية لتعديل قانون مدونة الأسرة الذي يعتبر جزءاً محورياً من التشريع الوطني، نظمت جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" ندوة صحفية بمدينة الدار البيضاء، لتقديم مذكرة تفصيلية حول التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة المغربية.
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2025/02/20250207-almadt-jpgef3a34-image.jpg)
حنان حارت
المغرب ـ سلطت فاعلات حقوقيات الضوء على التحديات التي قد تواجه عملية تعديل مدونة الأسرة المغربية، خاصة في ظل التباينات في التأويلات القانونية والنقاشات المجتمعية بشأن قضايا حساسة مثل زواج القاصرات وتعدد الزوجات.
في خطوة نحو تحسين التشريع المغربي في مجال حقوق الأسرة، نظمت جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" أمس الخميس السادس من شباط/فبراير، ندوة صحفية بمدينة الدار البيضاء، لتقديم مذكرة تفصيلية حول التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة المغربية.
وتأتي هذه المبادرة في سياق التحضيرات الحكومية لتعديل هذا القانون الذي يعتبر جزءاً محورياً من التشريع الوطني، وأكدت الجمعية من خلال هذه المذكرة على ضرورة تعزيز العدالة الأسرية، وضمان حقوق المرأة وحماية الأطفال، مع مراعاة حقوق الرجل في إطار مبدأ المساواة والمواطنة.
وشددت المديرة التنفيذية لجمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو، على أهمية هذه المرحلة الحاسمة في النقاش التشريعي "نسعى من خلال مذكرتنا إلى تقديم مقترحات واضحة وعملية تضمن حقوق المرأة، وتحفظ كرامة الرجل، وتراعي المصلحة الفضلى للطفل، نحن حريصون على تجنب التأويلات المتباينة التي قد تؤثر على التطبيق السليم للقانون" مشيرة إلى أن المذكرة تستند إلى خلاصات الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، إلى جانب العمل الميداني الذي قامت به الجمعية في المحاكم المغربية، مما يعزز قاعدة المقترحات بمرجعية عملية وقانونية.
ودعت إلى تعديل النصوص القانونية المتعلقة بالولاية القانونية، مع منح الأم الحاضنة مزيداً من الصلاحيات في اتخاذ القرارات المتعلقة بتربية الأطفال، بما يتماشى مع المصلحة الفضلى للطفل، مؤكدةً على ضرورة اعتبار العمل المنزلي جزءاً من تراكم الممتلكات خلال العلاقة الزوجية، ما يعزز حماية حقوق المرأة في حالات الطلاق أو الانفصال "هذه النقطة تعتبر أساسية في ظل النموذج التقليدي الذي قد يتجاهل القيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذا العمل".
ودعمت بشرى عبدو فكرة الطلاق بالتراضي، ولكنها شددت على ضرورة ضمان حماية حقوق الزوجة والأطفال في مثل هذه الحالات "لابد من وجود ضمانات قانونية وقضائية تحمي حقوق جميع الأطراف، خاصة النساء والأطفال".
واقترحت إنشاء هيئة متخصصة غير قضائية للوساطة الأسرية، تلعب دوراً مهما في جميع مراحل العلاقة الزوجية، سوءاً كان قبل الزواج أو خلاله وبعد انحلاله "الهدف من هذه الهيئة هو تقديم الدعم للأزواج والمقبلين على الزواج، عبر تقديم النصائح والإرشادات، بالإضافة إلى ضرورة تأهيل المقبلين على الزواج من خلال فحوصات طبية ونفسية، لتجنب المشاكل التي قد تؤثر سلباً على الحياة الزوجية والعائلية".
وأكدت الجمعية على ضرورة إلغاء الفصل 20 من مدونة الأسرة الذي يسمح بزواج القاصرات، معتبرةً أن ذلك يشكل انتهاكاً لحقوق الفتيات ويكرس الفقر والهشاشة، وطالبت بعدم السماح بأي استثناءات لهذه القاعدة، مما يعد خطوة مهمة نحو ضمان الحقوق الإنسانية للفتيات في المغرب.
كما اقترحت الجمعية إقرار الخبرة الجينية كإجراء قانوني في الحالات المتعلقة بتحديد النسب، لضمان العدالة والمساواة بين الأطفال، ولأن هذه الخطوة تتماشى مع الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب، وتساهم في تعزيز المساواة بين جميع الأطفال بغض النظر عن ظروف ولادتهم.
وشهدت الندوة نقاشات حية حول التحديات التي قد تواجه عملية تعديل مدونة الأسرة، خاصة في ظل التباينات في التأويلات القانونية والنقاشات المجتمعية بشأن قضايا حساسة مثل زواج القاصرات وتعدد الزوجات، وفي هذا السياق دعت بشرى عبدو إلى ضرورة مواصلة الاجتهاد في معالجة هذه الإشكالات، مؤكدة أن باب الاجتهاد ما زال مفتوحاً.
وأشارت إلى أن الجمعية تنتظر مشروع القانون المتكامل لتتمكن من إبداء رأيها فيه، مع التأكيد على ضرورة أن يكون القانون قائماً على المساواة والمواطنة، مبينة أنهم يأملون أن يبذل المجلس العلمي المزيد من الجهود لإيجاد حلول للإشكالات المطروحة في مدونة الأسرة "نحن على استعداد لإبداء رأينا في المشروع المتكامل".
وأكدت على ضرورة عدم اللجوء إلى حلول ترقيعية قد تؤدي إلى تعقيد الوضع القانوني والاجتماعي، بل يجب العمل على تطوير تشريعات تواكب التحولات المجتمعية في المغرب وتحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين.
وفي ختام الندوة، شددت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة على التزامها المستمر بمواصلة الترافع والضغط من أجل تبني مقترحاتها ضمن النسخة النهائية لمشروع القانون "يجب على جميع الفاعلين في المجتمع، من منظمات حقوقية وإعلاميين وبرلمانيين، تحمل مسؤولياتهم في الدفع نحو إصلاح حقيقي وشامل لمدونة الأسرة، بما يواكب التحولات المجتمعية ويحقق المساواة الفعلية بين الجنسين".