لبنانيات تؤكدن ضرورة وضع سياسات شاملة تعزز الأمن الرقمي

سلّطت الندوة الحوارية التي أقيمت في بيروت الضوء على التحديات المتنامية التي تواجه النساء في الفضاء الرقمي وسبل التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي عبر التكنولوجيا، مؤكدةً على أهمية التعاون بين منظمات المجتمع المدني لوضع سياسات وطنية شاملة.

سوزان أبو سعيد

لبنان ـ شددت المشاركات في الندوة على ضرورة تمكين النساء في مواقع القرار، وتعزيز المساواة في التشريعات والسياسات، إلى جانب إطلاق مبادرات تدريبية وتوعوية تستهدف الفئات الشابة لمواجهة العنف الرقمي.

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان وضمن حملة الـ 16يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، واحتفاءً بمرور 25 عاماً على قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، أقيمت ندوة حوارية أمس الثلاثاء التاسع من كانون الأول/ديسمبر في بيروت، تحت عنوان "سلام آمن وفضاءات رقمية خالية من العنف" نظمتها بلدية بيروت، بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للدفاع عن المساواة والحقوق "لاودر"، ومركز سمارت للإعلام والتنمية الرقمية.

وناقشت المشاركات التحديات المتنامية التي تواجه النساء في الفضاء الرقمي، وسبل مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي بسبب التطور التكنولوجي، وبحث آليات الحماية الفعالة والمشتركة بين إدارات الدولة والمجتمع المدني، لوضع سياسات وطنية شاملة تدعم حقوق النساء، وتحول التحديات القائمة إلى فرص لتمكينهن وبناء مستقبلٍ يضمن السلام الرقمي والأمان الإنساني للجميع.

وعرضت خلال الندوة فيديوهات توعوية حول آليات التبليغ عن الجرائم الإلكترونية، كما تناولت ملفات أساسية أهمها، العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، إنفاذ القانون وحقوق الإنسان، تمكين المرأة في الحوكمة والمشاركة السياسية، دور المناصرة الرقمية في تعزيز السلم الأهلي، والتأكيد على أهمية التكنولوجيا وأجندة المرأة والسلام والأمن في السلام والنزاعات.

 

"يجب دعم النساء"

وأكدت عضو الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية جومانا سليلاتي، أن الهيئة تعمل على ترسيخ رفض العنف ضد النساء والفتيات قانونياً واجتماعياً، وضمان توفير الحماية والدعم للناجيات على المستويات الأمنية والقضائية والمادية والنفسية، مشددةً على أهمية تمكين النساء علمياً واقتصادياً وإشراكهن في مواقع قيادية وصنع الإصلاحات التنموية.

وأوضحت أن مبدأ المساواة بين النساء والرجال معتمد في التشريعات والسياسات ويرصد تطبيقه عبر آليات مختصة، إلا أنّ النساء لا يزلن يواجهن أشكالاً من الإجحاف القانوني، خصوصاً في قوانين الأحوال الشخصية، حيث إن بعض القوانين موجودة لكنها لا تُطبّق بالشكل المطلوب "أن خطة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في المستقبل، هو العمل لتطوير خطة مجلس الأمن القرار 1325المتعلق بالمرأة والسلام والأمن، لتكون المرأة شريكة ليست أثناء الحروب فحسب، بل في صناعة السلام".

 

"تعزيز دور النساء وتعاون لدعم الفئات الأكثر حاجة"

وبدورها أكدت عضو مجلس بلدية بيروت ورئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية جمانة الحلبي، أن البلدية تعمل باستمرار على تعزيز دور النساء ودعمهن "أن مهام لجان البلدية تتداخل بين الجوانب الاجتماعية والبنيوية والقانونية، كما أنها تسعى من خلال لجنة الشؤون الاجتماعية إلى التواصل مع جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لتأمين الدعم للمواطنين، لا سيما النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، هناك مشاريع موجهة لهذه الفئات، مع التركيز على معالجة الثغرات القائمة بما يساهم في مساندة النساء".

 

"خارطة طريق لتعزيز لمواجهة التهديدات الرقمية"

من جهتها أوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة SMART والمستشارة الدولية في التخطيط الاستراتيجي والمساواة الجندرية وبناء السلام رندى يسير، أن المنصة الجديدة تشكّل انطلاقة لخارطة طريق تعمل عليها الجمعية منذ فترة، بهدف وضع استراتيجيات تعاونية بين منظمات المجتمع المدني لضمان الأمن عبر الفضاء الرقمي.

وأكدت أن هذا التهديد يمس الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي مما يستدعي إطاراً استراتيجياً يحدد نقاط القوة والضعف لدى الشركاء، وأوضحت أن الخطوات الأولى تتجه نحو إعداد برنامج تدريبي متخصص لمواجهة العنف الرقمي، إلى جانب إطلاق برامج توعوية تستهدف الشباب والطلاب في المدارس والجامعات "إذا عملنا على هذه النقاط في المرحلة المقبلة بالتعاون مع الجمعيات والخبراء والمتخصصين، يمكننا أن نحدث فرقاً كبيراً وأساسياً، وبالتالي سنسرِّع من وتيرة خلق وتأمين الحماية والوقاية للفئات الشابة".

 

"مواجهة العنف الرقمي تتطلب إطاراً وطنياً شامل"

وأكدت المديرة التنفيذية للمنظمة اللبنانية للدفاع عن المساواة والحقوق (LOUDER) وخبيرة حقوق الإنسان والسلام والأمن الدكتورة خلود الخطيب، أن السلام الشامل يطال الجميع، مشددةً على أن الأمن الرقمي يشكّل جزءاً أساسياً من منظومة الأمن والسلام "أن الأمن الرقمي يعني حماية الخصوصية وضمان الوصول إلى منصات آمنة في ظل تزايد التحديات مثل الابتزاز الإلكتروني والقرصنة والتهديدات اليومية، أن هذه التحديات تفرض مسؤوليات أكبر وتستلزم وعياً أساسياً، إلى جانب دور محوري للأسرة في حماية الأبناء، ولا سيما الفتيات، من المخاطر التي يفرضها الفضاء الرقمي".

وشدّدت على أن مواجهة العنف الرقمي لا يمكن أن يتم عبر جهة واحدة فقط، بل تتطلب إطاراً وطنياً شاملاً، مؤكدةً على أهمية دور المدارس في خلق وعي تربوي لدى الأجيال، إلى جانب الدور الريادي للمجتمع المدني في رفع مستوى التوعية وإقامة شراكات حقيقية لمكافحة هذه الآفة "أن حماية المجتمع من العنف الرقمي تمثل جزءاً أساسياً من سيادة القانون والعدالة، ولا يمكن تحقيقها من دون منظومة أمنية رقمية شاملة تؤمن حماية فعلية".

وأوضحت خلود الخطيب، أن تصاعد التعديات الإلكترونية يشكّل جرس إنذار يستدعي إعلان حالة طوارئ لاتخاذ التدابير الاحترازية بشكل عاجل، مشددةً على أن مواجهة القرصنة والابتزاز الإلكتروني تتطلب استراتيجية، ووجود جهات تعمل على الحماية والتوعية في الوقت نفسه، ما يستدعي بناء معادلة وطنية شاملة لحماية الأمن الرقمي والخصوصية.

وفي ختام الندوة، تم الإعلان عن إطلاق مبادرة وطنية جديدة بعنوان "شراكة من أجل تمكين النساء إلكترونياً"، وهو مشروع مشترك بين جمعيات من المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الحكومية، بهدف تمكين النساء ولا سيما ذوات الاحتياجات الخاصة لمكافحة العنف ضد النساء وتعزيز حقوقهن الرقمية والواقعية، وضمن هذا النشاط سيتم البدء بتدريب 20 امرأة من ذوات الاحتياجات مطلع العام على برامج تقنية بترخيص عالمي ولمدة ستة أشهر ليصار بعدها لتوظيفهن في القطاع العام والخاص.

وقد خلصت الندوة إلى ضرورة وضع سياسات وطنية شاملة تعزز الأمن الرقمي، وتضمن مساحات رقمية آمنة تُصان فيها كرامة النساء والفتيات، وتدعم حقوقهن في الحرية والمساواة والعدالة، كما وتحول التحديات الرقمية إلى فرص للتمكين والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.