بعد 8 سنوات أول عناق من القلب واستنشاق الحرية

تمكنت مقاتلات وحدات حماية المرأة YPJ من إنقاذ وتحرير آلاف الإيزيديات اللواتي اختطفن في 3 آب/أغسطس عام 2014 في شنكال، وآخرهن وفاء عباس من مخيم الهول في مدينة الحسكة بإقليم الجزيرة.

سوركول شيخو

بعض اللحظات تُعاش وتُحس وتشاهد فقط، ولكن عندما يأتي القلم لكتابتها يستغرق الأمر ساعات لكتابة حرف أو كلمة، ثم تصطف الجمل وراء بعضها. عند وصف مثل هذه اللحظات، يصبح المرء أبكماً، فقط نظرة أو ابتسامة صامتة مرسومة على وجوه الناس يمكن أن تعبر عن بعض المشاعر.

استنشاق هواء الحرية من تلك الروح المحترقة كفيل بإطفاء النار المشتعلة في القلب. يجدر بالمرء أن يذكرها ويكتبها ويتحدث عنها كل يوم.

تم إنقاذ وفاء علي عباس الإيزيدية من قبل أبناء النار والشمس، ورفاق سلاح النصر وزغاريد الحرية في اليوم التاسع من حملة "الإنسانية والأمن"، من أخطر مخيم في الشرق الأوسط والعالم "الهول". نعم إنهم المقاتلون/ات الذين يفون بالوعد الذي قطعوه للمرأة الإيزيدية يوماً بعد يوم بكفاح طويل الأمد وعمل سري ومهني. فهم يدعمون الإيزيديات، ويقدمون لهن حياة جديدة.

لقد تمكنت مقاتلات وحدات حماية المرأة YPJ من إنقاذ وتحرير آلاف الإيزيديات اللواتي اختطفن من قبل داعش في 3 آب/أغسطس عام 2014 في شنكال، وتم نقلهن من شنكال إلى الرقة والشدادي ودير الزور. تم اختطاف وفاء عباس البالغة من العمر 18 عاماً وهي في التاسعة من عمرها وسرقت منها طفولتها، وتعامل معها المرتزقة الذين كانوا يبلغون من العمر 40-50 و60 عاماً بشكل ينافي المعايير الأخلاقية وقاموا بالاعتداء عليها واغتصابها 6 مرات.

إنها مثل حمل وقعت بين براثن قطيع من الذئاب وكل الذئاب تهاجمها. وفاء عباس عانت آلاماً أكبر من عمرها، وفاء البالغة من العمر 18 عاماً أصبحت مثل امرأة تبلغ من العمر 70 عاماً. وحالتها النفسية لا تزال مضطربة حتى الآن. سوز قامشلو شابة معروفة بابتسامتها وتواضعها، وفي نفس الوقت تشغل منصب الرئيس المشترك لمكتب الدفاع في إقليم الجزيرة بشمال وشرق سوريا. عندما توجهت سوز قامشلو من مكانها إلى مخيم الهول كانت تأمل برؤية الإيزيدية وفاء عباس. بعد رحلة طويلة قطعت فيها العديد من الكيلومترات، كانت تتخيل اللحظة التي ستلتقي بها وفاء وتتحدث معها.

بعد الرحلة الطويلة وصلت سوز قامشلو إلى المكان الذي سترى فيه تلك الفتاة الصغيرة ذات العيون السوداء. جلست في غرفة، وبعد طول انتظار، دخلت وفاء عباس إلى الغرفة. ألقت التحية على الجميع وذهبت لتقبيل وجه سوز. بعد ساعتين، انتهى حديث سوز مع وفاء. كانوا يضحكون وذهب بهم الحديث إلى شنكال ثم إلى الرقة باتجاه مخيم الهول وعادوا مرة أخرى إلى شنكال حيث ستبدأ فيها حياة جديدة. لم يشعروا أن ساعات طويلة قد مرت. لقد أخذتها وفاء عباس إلى شنكال، وكانت سوز أيضاً تستمع إليها بانتباه دون أن تقاطعها وتنظر إلى عينيها المليئين بالحزن. عندما كانت وفاء تتحدث عن ألمها، امتلأت عيون سوز بالدموع، لكنها لم ترغب في أن تسقط دموعها على وجهها وحولت تلك الدموع إلى دموع فرح وفخر.

حان وقت الوداع، وكان سيحل المساء ويجب أن تعود سوز قامشلو إلى مكانها في مدينة بعيدة. لذا كان يجب أن تودع وفاء عباس. من الصعب جداً التعبير عن تلك اللحظة، لأنه يمكن الشعور بها فقط ولا يمكن قولها أو تفسيرها. بعد أن سلمت وفاء على سوز بالأيدي وقبلت وجهها الرقيق، قامت بمعانقتها. لكن عناقها كان مميزاً جداً، كان مليئاً بالحب والألم والحزن والانتصار. كان عناقاً صادقاً من القلب، وأول عناق بعد إنقاذها. عانقت وفاء سوز بحرارة وكأنها لا تريد أن تتركها، ولم تكن تريد أن ينتهي شعور الحرية. لم تكن تريد أن تترك الشخص الأول الذي ألقت بكل أعبائها على كتفيه. عناق من القلب بعد 9 سنوات من الأسر. كان المرء يشعر أن وفاء تعانق والدتها. 

قالت سوز قامشلو إنها شعرت بالفعل بأن وحدات حماية المرأة هي القوة الوحيدة التي أنقذت الإيزيديات. إنها القوة الأولى في العالم التي تعمل حقاً من أجل حرية المرأة ونضالها. وهي مظلة جميع النساء، مثل الحمائم التي تعيش في سلام تحت جناحي أمهاتها. YPJ هي قوة لا يمكن كسرها أو إضعافها. أول عناق بعد الإنقاذ يستحق استذكاره على الدوام.