الزواج والإنجاب شرط أساسي لعمل المرأة في إيران

في خطوة معادية للنساء، اقترح ممثل أهالي أصفهان في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني أن يصبح الزواج والإنجاب جزءاً من السيرة الذاتية للمرأة ومنحها امتيازات في العمل والمناصب الاجتماعية.

مركز الأخبار ـ يعكس تصريح ممثل مدينة أصفهان استمرار التوجه نحو ربط الحياة الأسرية وخاصة الإنجاب، بالمزايا المهنية والاجتماعية في محاولة لمعالجة التراجع الديموغرافي رغم استمرار التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيق الشباب عن الإقبال على الزواج وتكوين الأسر.

في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية، ووسط ارتفاع الأسعار وتكاليف السكن والمعيشة، بالإضافة إلى تصاعد معدلات البطالة، شدد ممثل أهالي أصفهان في مجلس الشورى الإسلامي، مؤخراً على أهمية تعزيز النمو السكاني في البلاد، واقترح إدراج الزواج والإنجاب ضمن السيرة الذاتية للفرد، ومنح نقاط إضافية لهما في عمليات التوظيف والترقيات الاجتماعية، باعتبارهما مساهمتين في التنمية الوطنية.

وفي تصريح أدلى به اليوم السبت 11 تشرين الأول/أكتوبر، لوكالات أنباء محلية إيرانية تجاهل ممثل أصفهان في مجلس الشورى الإسلامي، الإشارة إلى تفاقم البطالة بين الشباب الإيراني والأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطنون، وركّز بدلاً من ذلك على ضرورة تعديل معايير التوظيف والوضع الاجتماعي.

وأوضح أن هذه المعايير كانت تعتمد حتى الآن على المؤهلات التعليمية والمهارات المهنية، مما دفع الشباب إلى تأجيل الزواج لتحسين ظروفهم واقترح منح نقاط إضافية للزواج والإنجاب ضمن تقييمات التوظيف، مشيراً إلى أن المرأة التي تنجب طفلاً تستحق التقدير لأنها "تساهم في منع أزمة سكانية" على حد تعبيره، وقال إن إنجاب الأطفال يجب أن يعتبر امتيازاً وظيفياً.

ورداً على سؤال حول عدم فعالية سياسات تشجيع الإنجاب وأزمة الشيخوخة في إيران، قال إن المجتمع بحاجة إلى إعادة صياغة معايير التوظيف والمكانة الاجتماعية "نقول للعزاب، هل ترغبون في الحصول على وظيفة؟ الزواج له مزايا، في السابق كانت المزايا تُمنح فقط للشهادات العلمية، فكان الفرد يسعى للحصول على مؤهل أكاديمي بدلاً من الزواج، أو يُقال إن امتلاك مهارة معينة يمنحك الأفضلية، فيتجه الشخص نحو الوظائف ويؤجل الزواج، لماذا؟ لأنه أراد مكانة اجتماعية أفضل".

وأكد على ضرورة إعادة النظر في معايير التقييم الاجتماعي والمهني "نقول الآن إن الزواج وإنجاب الأطفال يجب أن يُدرجا في السيرة الذاتية للفرد، ينبغي أن تحصل المرأة المتزوجة على نقاط إضافية، بل ويجب منح نقاط أعلى للمرأة التي تُنجب طفلاً، لأنها تسهم في الحيلولة دون وقوع أزمة سكانية".

ولفت الانتباه إلى أن تأخر الزواج في إيران لا يرتبط فقط بالأوضاع الاقتصادية، مستشهداً بمدن أكثر ثراءً مثل كرج ومازندران وجيلان، حيث يُلاحظ ارتفاع متوسط سن الزواج رغم توفر الموارد، ويستنتج من ذلك أن العوامل الثقافية والمواقف المجتمعية تجاه الزواج وتكوين الأسرة تلعب دوراً مؤثراً في هذا الاتجاه.

ومع ذلك، يشير العديد من الخبراء إلى أن العامل الاقتصادي لا يزال الأكثر تأثيراً، إذ يواجه الشباب حتى في المدن الغنية، تحديات كبيرة مثل ارتفاع تكاليف السكن، صعوبة الحصول على القروض، وانخفاض الدخل، مما يجعل تأسيس أسرة أمراً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، هذا التباين بين الرؤية السياسية والواقع الاقتصادي يعكس تعقيد الأزمة السكانية في إيران، ويطرح تساؤلات حول فعالية السياسات المقترحة لتشجيع الزواج والإنجاب.

وتواجه إيران اليوم أزمة ديموغرافية حذّر منها الخبراء منذ سنوات، تتمثل في انخفاض حاد في معدل المواليد وتراجع الخصوبة إلى ما دون مستوى الإحلال السكاني، الذي يُقدّر بنحو 2.1 طفل لكل امرأة، وتشير الإحصاءات إلى أن معدل الخصوبة في إيران بلغ حوالي 1.6 طفل فقط لكل امرأة، وهو أقل من المعدلات المسجلة في العديد من الدول الأوروبية، بل إن بعض المدن الإيرانية تسجل معدلات أدنى من ذلك.

ورغم هذا التراجع، يواصل المسؤولون في الجمهورية الإسلامية، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، التأكيد على ضرورة تعزيز النمو السكاني، والدعوة إلى زيادة عدد المواليد وتكوين أسر شابة، معتبرين ذلك مسألة استراتيجية ترتبط بمستقبل البلاد، ومع ذلك فإن التحديات الاقتصادية وتكاليف المعيشة المرتفعة، والبطالة، ومشاكل السكن، تظل من أبرز العوامل التي تعيق الشباب عن الزواج والإنجاب، مما يجعل معالجة هذه الأزمة أكثر تعقيداً من مجرد إطلاق دعوات أو سياسات تشجيعية.

لكن السياسات المُعلنة في هذا الصدد لم تُثمر فحسب، بل كان لها في كثير من الحالات تأثير عكسي، لقد ظنّت الحكومة والمؤسسات الحاكمة أن بإمكانها زيادة حافز الإنجاب من خلال شعارات دعائية، أو تقييد الحصول على وسائل منع الحمل، أو تقديم قروض محدودة لتربية الأطفال، هذا في حين أن جذور انخفاض الخصوبة في إيران اقتصادية واجتماعية وثقافية عميقة، وليست مجرد "إرادة شخصية" أو "نظام حكومي".