"المرأة بين الواقع والمأمول" ندوة في مصر بمناسبة الـ 8 من آذار
يحتفل الجميع باليوم العالمي للمرأة وسط أجواء مليئة بالتحديات التي فرضها الواقع على عدد كبير من الدول وعادة ما تتحمل النساء الفاتورة الأكبر خاصة في ظل النزاعات والحروب.

أسماء فتحي
القاهرة ـ أقامت مبادرة مؤنث سالم "تحت التأسيس"، في اليوم العالمي للمرأة ندوة بعنوان "المرأة بين الواقع والمأمول" ناقشت خلالها وضع النساء في خمس دول وهي "مصر وفلسطين وسوريا واليمن والسودان" بمشاركة ممثلات من الدول الخمسة.
تطرقت ندوة مبادرة مؤنث سالم التي عقد أمس السبت 8 اذار/مارس، لعدة محاور رئيسية منها الأحداث الحالية والتي فرضت على المرأة واقع شديد التعقيد خاصة في الدول المشاركة والتي تعاني أغلبها من نزاعات وحروب وكذلك الدور المحوري الذي تلعبه مصر للتعامل مع تلك الحالة.
وافتتحت الجلسة الدكتورة ماجدة رشوان الباحثة في القضايا المرأة الأفريقية والتي سردت في مقدمتها التمهيدية ما تعانيه البلدان الخمس المشاركة على المنصة من انتهاكات وتحديات وما تتحمله النساء بها من تبعات خلال الوقت الراهن وما هو مأمول مستقبلاً بالعمل التشاركي وتبادل الخبرات والتكاتف من أجل إحداث التغيير الحقيقي نحو غدٍ أفضل للمجتمعات بشكل عام وللنساء على وجه الخصوص.
المرأة محلياً تتحمل تبعات واقع محلي وآخر دولي
وقالت مؤسسة مبادرة مؤنث سالم أسماء فتحي أن هناك العديد من التحديات التي تواجه النساء، معتبرة أن اليوم العالمي للمرأة فرصة مهمة للتحدث عن التحديات وما يقع على النساء من أعباء وانتهاكات خاصة العنف الذي يُمارس ضدهن بأشكاله المختلفة.
وأوضحت أن "المشاهد قاسية في كل مكان ففي فلسطين تدفع النساء فاتورة الحرب، ويصمدنَ ويناضلنَ رغم المعاناة، والأمر نفسه يتكرر بصور مختلفة في سوريا، ولبنان، والسودان"، مضيفة أنه "لا يخفى على أحد أن مصر في قلب الأزمات دائماً، وهي أيضاً المصب الذي يستقبل تبعات ما يحدث بالجوار".
وأشارت إلى أن قضايا المرأة في مصر معقدة بسبب الإرث الثقافي الذي يجعلها دائماً في مرتبة أدنى "النساء لا تدفعنَّ فقط ثمن هذا الإرث الثقيل، بل بعضهن يكرّسنه بحكم التنشئة الذكورية، نرى اليوم نساءً يعنفن بعضهن البعض، ويمارسن التمييز وكأنه جزء من طبيعتهن، لأن الأفكار الذكورية أصبحت مترسخة في العقول"، معتبرة أن "الأفكار الذكورية التي تمارسها بعض النساء خطرة للغاية فالمرأة تعرف كيف تؤذي امرأة أخرى، وكيف تمارس العنف النفسي والجسدي بطريقة أكثر تأثيراً من الرجل لذلك يجب أن يتم توجيه الجهد لمواجهة الأفكار الذكورية من المنبع ولا نعتبرها حصراً على الرجال بل نتعامل مع مُمَارسِها ذكراً كان أو أنثى لتفنيدها ومنع انتشارها".
وأكدت أن المرأة المصرية تدرك جيداً ما يحدث في المنطقة "لا توجد امرأة مصرية لا تشعر بتأثير ما يجري حولها، كل النساء اللواتي التقيتهن يتحدثن عما يحدث في سوريا ولبنان وفلسطين واليمن بدرجات متفاوتة فهناك وعي متزايد وهناك إرادة سياسية تدعم بدرجة كبيرة قضايا النساء"، مشيرة أن "تلك فرصة يمكن البناء عليها، للتقدم في ملف المرأة وأخذ خطوات للأمام، لكنها بحاجة لمزيد من العمل لمواجهة كافة التعقيدات التي تعاني منها المرأة وعلى رأسها العنف والتمييز بجميع أشكاله".
قضية المرأة واحدة وإن اختلفت المجتمعات في بعض الخصائص
فيما قالت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية ليلى موسى إن الندوة سلطت الضوء على قضايا المرأة في يومها العالمي وخاصة في المناطق التي حدثت بها صراعات ونزاعات في الشرق الأوسط "سعين في الندوة إلى تقييم الحراك الثوري والوقوف على التحديات والعقبات التي واجهت النساء وأبرز الانجازات اللائي حققنها وما هو مطلوب لتحقق ما ثارت لأجله".
وأكدت على أهمية الندوة خاصة أنها تضمنت تجربة المرأة في عدة دول وهي مصر وسوريا واليمن وفلسطين والسودان "قضية المرأة واحدة وإن اختلفت المجتمعات ببعض الخصائص لكن هناك قواسم مشتركة فيما بينهم خاصة على صعيد الشرق الأوسط" معتبرةً أن "تبادل الخبرات والتجارب فيما بين الدول هام للغاية ومؤثر في تقييم التجارب واستخلاص الدروس ليساعد في برنامج عمل يخلق التغيير الحقيقي بالواقع".
وأوضحت أنه "على النساء دور كبير فعليهن أن يكنَّ فاعلات في مجتمعاتهن لإحداث التغيير المطلوب حتى لا يتحول الأمر إلى اجترار للماضي وتصبح المرأة هي الضحية لذلك"، مؤكدة أن النساء حققن مكتسبات ويطلب منهن العمل للحفاظ عليها وتطويرها لتحقيق المستهدف".
مصر في عين العاصفة وستبقى مساندة للمنطقة
وأكدت عضوة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتورة مريم أبو دقة أن مصر أم الدنيا وحاضنة للجميع خاصة في ظل النكبات الكبرى والحروب التي تعاني منها المنطقة "فلسطين تعاني من إبادة فضلاً عما يقوم بها الاحتلال من مآسي في لبنان وسوريا وما يشكله من تهديد بالشرق الأوسط"، معتبرةً أن مصر في عين العاصفة وستبقى مساندة للمنطقة بأكملها.
وأوضحت أن "غزة هي مدخل المحتل ولكنه يستهدف احتلال المنطقة بأكملها والسيطرة على مواردها وثرواتها"، مؤكدة أن الحرب ليست ضد إسرائيل منفردة بل العالم الإمبريالي كله بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضحت أن "النساء جزء من معركة الشعب الفلسطيني لكونهن يمثلن نصف التعداد السكاني كما أنهن مسؤولات عن إنجاب النصف الآخر وعليهن مسؤولية كبيرة في تحرير أوطانهن".
معاناة النساء في اليمن مستمرة منذ عشرة سنوات
أكدت عضوة هيئة التشاور والمصالحة المساندة لمجلس القيادة اليمني، الدكتورة بلقيس أبو أصبع، أن حضورهم جاء للاحتفال باليوم العالمي للمرأة للتذكير بقضايا النساء وحقوقهن والانتهاكات التي تتعرضن لها
وأوضحت أن الوضع باليمن شديد الصعوبة فالنساء تعانين من حرب استمرت لعشرة سنوات وتحملن تبعاتها من فقر وانعدام الخدمات وانقطاع المرتبات، فضلاً عن فقدان العائل لهن وبالتالي أصبحن يتحملن مسؤوليات مزدوجة تجاه أسرهن.
ولفتت إلى أن "النساء اليمنيات ما زلن صامدات، يواجهن القيود المفروضة على مشاركتهن السياسية والاجتماعية، لكنهن موجودات في اللجان الاستشارية والمفاوضات، ويثبتن يوماً بعد يوم أنهن قادرات على إعادة بناء البلد رغم كل الصعوبات".
النزاعات المسلحة تعزز سيطرة الذهنية الذكورية
فيما قالت الحقوقية السودانية منى أبو العزايم، إن الحروب والنزاعات المسلحة تعزز الذهنية الذكورية المسيطرة، مما يجعل النساء أكثر عرضة للاستغلال والانتهاكات، مشيرة إلى أن المرأة في السودان، رغم انخراطها في الحراك النسوي، لا تزال تواجه تحديات جسيمة، خاصة في ظل النزاعات التي تكرس التهميش والعنف ضدها.
وأضافت أن الندوة كانت تعبر عن مدى التنظيم الفكري والمفاهيم، معتبرة أن الحديث عن واقع وتجارب خمس دول على المنصة أثرى النقاش وخلق حالة وجدانية تشاركية بين الحضور مما مكنه من الوقوف بدقة على القواسم المشتركة فيما بينهن والخروج بتوصيات تعزز من العمل الجماعي مستقبلاً من أجل واقع أفضل للنساء في مختلف البلدان.
والجدير بالذكر أن النقاش دار بين كافة الحضور بالقاعة من نساء مثلن الدول الخمس للإفصاح عما تعرضن له من انتهاكات وما يقع على كاهلن من أعباء خاصة من يعانين تحت وطأة الحرب والنزاعات المسلحة لما لذلك من أثر فاعل في مسار الحراك النسائي المحلي.