تكاد تكون معدومة... مشاركة اليمنيات في صنع القرار والتحديات
شكلت العادات والتقاليد وقلة فرص التدريب والتمييز في العمل والالتزامات الأسرية، بالإضافة لدور الثقافة الذكورية وغياب القوانين المنصفة، أبرز العوائق التي تعرقل وصول المرأة اليمنية إلى مراكز صنع القرار في بلادها.
رانيا عبد الله
اليمن ـ جهود كبيرة ومشاركات واسعة تقوم بها اليمنيات في مختلف الاتجاهات على المستوى المحلي والدولي، خصوصاً بعد اندلاع الصراع في البلاد، وقمن بعدد من التدخلات لحل النزاعات وتقديم خدمات للمجتمعات المتضررة، رغم تلك الجهود إلا أن مشاركتهن في مراكز صنع القرار في المؤسسات والمرافق الحكومية تكاد تكون معدومة.
كشف استطلاع أجرته منصتي 30 في اليمن مع 110 امرأة من النخبة النسوية، في أكثر من 8 محافظات، أن عدة عوائق تحول دون وصول المرأة اليمنية إلى المناصب القيادية، وذلك ضمن حملة إعلامية أطلقتها لرفع مساهمة المرأة في مراكز صنع القرار، وكانت أبرز تلك العوائق هي العادات والتقاليد التي شكلت نسبة (27%)، وقلة فرص التدريب بنسبة (20%)، والتمييز في العمل (32%)، والالتزامات الأسرية (9%). كما أشارت نتائج الاستطلاع إلى دور الثقافة الذكورية وغياب القوانين المنصفة، وأدوار أخرى شكلت (12%) في تفاقم هذه المشكلة.
وقد اقترحت 37% من المشاركات فرض حصص نسائية في المناصب القيادية، بينما ركزت نسبة 24% على أهمية توفير برامج تدريبية متخصصة، كما طالبت 20% بتغيير القوانين التمييزية، ودعمت 17% دور المنظمات النسائية، وأشارت نسبة 3% من المشاركات إلى أهمية نشر الوعي المجتمعي وتفعيل الاتفاقيات الدولية لضمان المساواة.
حيث قالت المديرة العامة للإدارة العامة لتنمية المرأة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة عهد جعسوس إن "وجود المرأة في مراكز صنع القرار ضرورة حتمية، لكن للأسف حتى إن وجدت فالمرأة في بعض هذه المراكز توجد بدون صلاحيات أي بشكل صوري وتكون تبعية للرجل وأصحاب القرار، وكنسويات نرفض ذلك، لأن المرأة قادرة على اتخاذ القرار والعمل كالرجل أو أفضل".
وأضافت "نحن النساء دائماً نًغيب عن المشهد لأن البلاد تعاني نزاعاً يؤثر على تواجد النساء، لكن إجمالاً هناك كوادر نسائية كبيرة وقادرة على إحداث تغيير في حال أتيحت لهن الفرص".
بدوها قالت رئيسة تحرير موقع "يمن فيوتشر" للتنمية الثقافية والعلمي ثريا دماج "قد تشكل المراحل الآنية صعوبة حقيقية تواجه النساء للمشاركة في صناعة القرار بسبب الأوضاع والظروف الصعبة التي تحتم على الدول تشكيل رجال بناءً على المحاصصة السياسية، فالمرأة لا تُصدر للانخراط في هذه المواقع لما يطغى على الوضع من نزاعات وحروب".
ولفتت إلى أن "اليمن يعتبر نموذجاً لمرحلة طويلة من إنجازات المرأة اليمنية التي حدثت قبل ثورة 2011 وما بعدها، فقد حققت اليمنيات الكثير من الإنجازات واستطعن الوصول إلى العديد من المناصب ومراكز صنع القرار، ولكن بفعل المحاصصة السياسية التي انتهجتها الحكومة اليمنية أدى ذلك إلى غياب المرأة غياباً واضحاً"، مشيرة إلى أهمية تعيين عدد من النساء في السلك القضائي بعد مجهودات كثيرة بذلتها اليمنيات.
من جهتها قالت أستاذة التاريخ في جامعة عدن، الدكتورة اسمهان العلس إن إثارة قضية مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار هذه الفترة مهمة، لأنها مرتبطة بحق المواطنة المسلوب، فمعنى ذلك أن كل الحقوق المترتبة على هذا الحق هي أيضاً مسلوبة كحق التعليم الذي يقدم بمستويات قاصرة تفرق بين المرأة والرجل، وحق العمل حيث أن فرص الانخراط في مجالات العمل المختلفة للرجل أفضل وتختلف عن تلك المقدمة للمرأة، والحق السياسي جوهر الموضوع".
ونوهت إلى أن "الدستور أعطانا حق المواطنة المتساوية وبقية الحقوق يجب أن تأتي تلقائياً على قاعدة هذا الحق، وعكس ذلك أن دل فيدل على قصور الدولة في متابعة قوانينها ومتابعة استحقاقات عامة الناس".
كما رأت اسمهان العلس أن الحكومة اليمنية لا تطبق القوانين الكفيلة بمشاركة النساء في صنع القرار "نحن أكثر دولة تقريباً تصدر قوانين ولوائح، لكن ليس هناك أي قانون قيد التنفيذ، ودليل ذلك أنه منذ مؤتمر بجين عام 1995 حتى اليوم لا زلنا نطالب بحق المرأة بـ 30% في الكوتا كشكل من أشكال مشاركتها، لكن لا زالت قاصرة، على المدى الطويل نطالب 30% لمشاركة النساء، وللأسف لم يتحقق ذلك أيضاً، والسبب كامل يقع على الحكومة ورؤية الدولة لهذه المشاركة، وقدرة الدولة على تطبيق تلك القوانين".
وفي ختام حديثها تساءلت عن دور المسؤولين في الحكومة بما تم تحقيقه خلال السنوات السابقة، أهمها قرار بيجن، ومقارنة ذلك بما حققته باقي الدول الأخرى "نحن نشعر الآن بالفارق الكبير بين وضع النساء في اليمن وبقية الدول، وما تفعله الحكومة والمسؤولين هو ترديد شعارات وإصدار قوانين دون تنفيذ".