نودا كولبهار... شهيدة الحرية

نودا كولبهار شهيدة الوطن والحرية التحقت بقافلة رفاق دربها شهداء حرية الشعب الكردي وجميع الشعوب، لطالما حلمت بحرية المرأة ووطنها وناضلت من أجل شعبها لتحتضن تراب وطنها.

شيرين محمد

قامشلو ـ في 25 نيسان/أبريل 2017، مع حلول الساعة الثانية فجراً تعرض مقر القيادة العامة لوحدات حماية الشعب في جبل قرجوخ بشمال وشرق سوريا لقصف بالطائرات الحربية التركية، إذ كان يضم مركزاً للإعلام وإذاعة روج آفا، وأدى هذا الهجوم إلى استشهاد 20 مقاتل ومقاتلة من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، من بينهم مراسلين حربيين في مركز الإعلام وإصابة 18 مقاتلاً آخر.

من بين المقاتلات اللواتي استشهدن في جبل قرجوخ، نودا كولبهار والتي ولدت في الخامس من نيسان/أبريل عام 1991، في ناحية بيري جوك في مدينة رها (أورفا) بشمال كردستان، أمضت طفولتها بين عائلتها الصغيرة وشقيقاتها، وكانت شخصية فريدة وتستطيع التأقلم والتعامل مع جميع الأشخاص رغم اختلاف الأعمار والأفكار، لم تفارق الابتسامة وجهها أبداً.

ولم تستطع الشهيدة نودا كولبهار أن تتقبل العادات والتقاليد التي كانت تقيد المرأة داخل العائلة والمجتمع ولم تقف مكتوفة الأيدي فاختارت السير في طريق الحرية، ولكن لم تكن بمفردها بل تعاهدت هي وشقيقتها بنيل حرية جميع النساء والتخلص من كافة الانتهاكات التي ترتكب بحقهن، والعادات والقوانين التي تحرمهن من أبسط حقوقهن، وكان هدف نودا كولبهار الأول هو حرية المرأة وتحرر، وتحرير القائد عبد الله أوجلان جسدياً.

وفي عام 2010 بدأت طريق نضالها، وبعام 2015 انتقلت إلى روج آفا وزارت العديد من مناطقها، وناضلت من أجل أن تنال النساء حريتهن والتخلص من ظلم داعش، وانتقلت بعدها إلى ناحية ديريك لتصبح القيادية في تابور للشبيبة الثورية، وكانت بمثابة رفيقة لهم، فالشبيبة هم مستقبل المجتمعات لذا كانت الشهيدة نودا كولبهار تعمل على تطويرهم وتثقيفهم وزرع الروح الثورية في صدورهم لتنبت وتمد جذورها داخل أراضي كردستان.

واستشهدت نودا كولبهار في ناحية ديريك التابعة لمقاطعة قامشلو على جبال قرجوخ لتسلم آمالها ووصاياها للشبيبة ولكل شخص تعرف عليها وتأثر بشخصيتها الحرة.

وللتعرف أكثر على حياة الشهيدة نودا كولبهار ونضالها من أجل حرية المرأة، تحدثت وكالتنا مع رفيقتها شمال رشيد من ناحية ديريك والتي تعرفت على الشهيدة نودا كولبهار في تابور الشبيبة.

وقالت شمال رشيد إن الشهيدة نودا كولبهار كانت تناضل ليلاً ونهاراً في سبيل تحرير أرضها "تأثرت بقوميتها كثيراً وقلبها الواسع الذي كان يستطيع أن يضم العالم بأكمله، تعرفت عليها في تابور الشبيبة (تابور الشهيدة نودا) في ناحية ديريك، وفي ذلك الوقت كنت أعمل في مركز الثقافة والفن في ديريك تطلب منا أن نذهب وندرب الشبيبة على الأغاني والدبكات الفلكلورية وهكذا تعرفت عليها، وبعد تلك اللحظة كانت علاقتنا تكبر يوماً بعد الآخر حتى عائلتي أصبحت متأثرة بها".

وأضافت وهي تعيد بذاكرتها "قبل استشهادها اتصلت بي وطلبت أن نلتقي نظراً لأن أصبح لديها عمل خارج المنطقة، لم يكن لديها الوقت لرؤية العائلة بأكملها ولكن استطعنا أن نلتقي نحن فقط، وأخبرتني بأنها ستذهب إلى عمل خارج المنطقة، كنت أنظر إليها بنظرة وداع وقلت لها هل سنلتقي مرة أخرى قالت إنها ستغيب فترة وعندما تعود ستزورنا حتماً، لم أكن أستطيع تقبل فكرة أنها ستبتعد عنا لأنني اعتدت على رؤيتها بشكل مستمر".

وأشارت إلى أنه بعد رحيلها بأربع أيام سمعوا صوت قوي بعد منتصف الليل كانت طائرات المحتل التركي تستهدف جبال قرجوخ، مضيفةً "مع بداية الصباح قبل أن تشرق الشمس توجهنا مع الأهالي إلى المشافي وكان هناك الكثير من الجرحى والشهداء، ومع بلوغ الساعة السابعة توجه الآلاف من أهالي المنطقة والمناطق المجاورة إلى جبال قرجوخ للإدلاء ببيان بخصوص الهجوم، اتحدوا جميعاً وأثبتوا أن جبال قرجوخ شامخة بشهدائها، وفور وصولنا كان المشهد مخيفاً جداً لم استطع أن أشاهد حجم الدمار كانت لا تزال هناك الكثير من الدماء وأشلائهم التي تحكي قصة نضال ومقاومة، كل زاوية في جبال قرجوخ كانت تحتفظ بذكرياتهم حتى عندما غادروها بأرواحهم".

ولفتت شمال رشيد إلى أنه بعد إدلاء البيان اتجهوا إلى المستشفى مرة أخرى "لم أكن أعلم أن الرفيقة نودا كولبهار استشهدت لأنني لا أعلم أنها كانت على جبال قرجوخ عندما وقع الهجوم، وعند عودتي من المستشفى اتجهت إلى المنزل وتفاجأت باتصال من رفيقة تستفسر مني بأن هل نودا كولبهار استشهدت، فور انتهاء المكالمة اتجهت إلى المستشفى ويدور في ذهني الآلاف من الأفكار، وعند الوصول لم يقبل أي أحد بإعطائي أي معلوم عنها، ولكن مع المحاولة سمعت خبر استشهادها، عدت إلى المنزل لأخبر العائلة من أجل تجهيز المراسيم، وانصدم الجميع بخبر استشهادها وبدأ صوت البكاء يعلوا في منزلنا لم أنسى تلك اللحظة ولا تزال تلك الصرخات تتردد في ذهني كل يوم".

وفي ختام حديثها قالت شمال رشيد "الشهيدة نودا كولبهار كانت مميزة عن الجميع ألم فراقها سيصاحبني العمر كله، كانت بمثابة شقيقة لي، تألمت كثيراً بخبر استشهادها ولا زال هذا الألم يرافقني حتى هذه اللحظة، تركت الشهيدة نودا كولبهار خلفها وصية وبعض الكلمات التي كانت ترددها دائماً (نحن على طريق الشهادة إن استشهدنا يجب أن ترفعوا وتيرة نضالكم أكثر) كانت توصينا جميعاً أن لا نتخلى عن أرضنا وقضيتنا ونرفع من وتيرة نضالنا حتى آخر نقطة من دمائنا وندافع عن مكتسبات الشهداء وأرضنا، نحن على وعدنا لها ونجدد عهدنا اليوم أمام جميع الشهداء الذين استشهدوا في سبيل حرية الوطن وحمايته أن ننتقم لدمائهم ونتمسك بطريقهم".