طبول الجوع تقرع في مخيمات إدلب

تعيش نازحات وأسرهن في مخيمات إدلب في ظل الجوع الذي يفتك بأجساد أطفالهن، وتكافحن بإمكانيات قليلة للنهوض بواقعهن الصعب والاستمرار في الحياة رغم قسوتها.

لينا الخطيب

إدلب ـ يسوء الوضع الإنساني لقرابة ثلاثة ملايين نازح/ـة يتوزعون على عشرات المخيمات بمدينة إدلب في الشمال السوري، حيث تنذر البيانات أن 87% من الأشخاص في الشمال السوري، و94% ضمن مخيمات النازحين، سيكونون غير قادرين على تأمين الغذاء خلال الفترة القادمة.

لا تجد النازحة فريدة العموري البالغة من العمر 33 عاماً قوت لأطفالها في كثير من الأحيان، وتقول "أحمل على عاتقي مسؤولية أطفالي الأربعة، ولا نجد في كثير من الأيام ثمن الخبز حتى نستمر بالحياة، فأضطر لاقتراض بعض المال من الجيران أو الخروج مع أبنائي للعمل في جمع المواد البلاستيكية وغيرها من المواد والأشياء القابلة للبيع من مكبات النفايات".

أما حليمة العدل البالغة من العمر 55 عاماً نازحة من مدينة سراقب في مخيم عشوائي بمدينة سرمدا شمالي إدلب، تضطر للبحث عن قوت يومها في الأراضي الزراعية والحقول القريبة من مكان سكنها رغم كبر سنها، وتقول "في معظم الأوقات لا أملك المال لشراء الطعام، فاضطر لجمع الأعشاب البرية والخبيزة لطبخها وإسكات جوعنا بها".

وأكدت أنها تعيش حياة صعبة مع حفيديها اليتيمين، الأمر الذي أثر عليهما بشكل كبير في ظل نقص الغذاء، وتسبب بإصابتهما بمرض سوء التغذية وفقر الدم الحاد "التكاليف اليومية للمعيشة أصبحت تفوق قدرتي المالية، بسبب ارتفاع الأسعار خاصة في الآونة الأخيرة، والانعدام شبه التام لفرص العمل في المخيم الذي أقطنه، لذا نقتصر على تأمين الحاجيات الضرورية لإبقائنا على قيد الحياة، مع الاستغناء عن الكثير من أمور الرفاهية بسبب الفقر".

من جهتها قالت فاطمة الأسعد البالغة من العمر 36 عاماً وهي نازحة من بلدة حيش جنوبي إدلب في مخيم عشوائي بمدينة حارم، وتحمل على عاتقها تأمين قوت أطفال الثلاثة بعد اعتقال والدهم منذ أكثر من ثلاثة أعوام، "أحزن لحال أطفالي الذين يكافحون معي لتأمين لقمة عيشنا، يقومون بجمع بقايا الخضار التي يقوم أصحاب المحال برميها وفي غالب الأحيان تكون تالفة وغير صالحة للاستهلاك، إلا أننا مضطرون لأكلها فليس لدينا خيار أخر".

وأكدت أن أطفالها الذين لا يتجاوز عمرهم 10 سنوات أجبروا على ترك المدرسة بسبب الظروف المعيشية المتردية والفقر، واتجهوا للعمل بسن مبكر لإعالة أنفسهم ووالدتهم.

وتطرقت المرشدة الاجتماعية والعاملة في مجال إدارة الحالة وفاء العزام لأثر الغلاء والجوع على حياة الأهالي، "تتصاعد نسب الفقر وينتشر الجوع بين آلاف العوائل المقيمة في مناطق الشمال السوري، خاصة سكان المخيمات العشوائية بمدينة إدلب التي يقطنها نازحون/ات ومهجرون/ات من مناطق مختلفة".

وأضافت "تعتمد العوائل النازحة والفقيرة والمهجرة والمنكوبة بشكل رئيسي في غذائها ومعيشتها على الأعمال الحرة التي توفر لهم دخلاً بخساً لا يكفي ثمناً لشراء الخبز وبعض الحاجيات اليومية، في ظل الخطر الذي ينذر بوقوع كارثة سببها الجوع والفقر".

وأكدت أن المجاعة قد تطال مئات الآلاف من العوائل في مخيمات النزوح في الشمال السوري التي تفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة مع عدم توفر فرص العمل لتأمين الغذاء والدواء.

وبحسب بيان لفريق "منسقو استجابة سوريا" يعاني أكثر من 12.9 مليون نسمة في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، وما يقارب 4 من كل 5 أشخاص يعانون من انعدام الاحتياج الغذائي اليومي، وأكثر من 3.1 مليون نسمة معرضين للانزلاق إلى حد الجوع خلال الفترة القادمة، فيما يعاني 2.9 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ويشكل القاطنين في المخيمات جزءا كبيراً منهم.