ما دور الحياة الندية التشاركية في بناء عائلة ديمقراطية؟

لبناء حياة حرة ندية تشاركية يجب على كلا الجنسين التحلي بالإرادة والحرية من أجل الوصول لمجتمع حر ونموذج حقيقي للعائلة الديمقراطية المبنية على أساس الحرية والعدالة والمساواة.

نورشان عبدي

كوباني ـ أكدت الناطقة باسم مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا صديقة خلو أن بناء المجتمع والعائلة من منطلق الحياة الندية التشاركية والمساواة بين الجنسين، ستتمكن المرأة من الحفاظ على هويتها وحقوقها.

رسخت الذهنية الأبوية المسيطرة على العائلة والمجتمع وبشكل خاص على المرأة، مفاهيم عديدة خاطئة سلبتها حقوقها وكبلتها بقيود العادات والتقاليد والنمطية، وخلقت هذه المفاهيم مشاكل وعراقيل وأزمات ضمن العائلة نجمت عنها علاقة سلبية بين الرجل والمرأة.

إلا أن المرأة وعلى مدار أعوام حملت على عاتقها مسؤولية إدارة المجتمع وبناء حياة حرة تسودها العدالة والديمقراطية والمساواة بين الجنسين، وعملت بروح ثورة المرأة داخل إطار مشروع الأمة الديمقراطية، الذي جعل من تحقيق حريتها مبدأ أساسي للقضاء على العبودية التي كانت تفرضها الذهنية الذكورية المسيطرة على شخصيتها وهويتها.

خلال مسيرة نضال حافلة للنساء استطعن تولي الدور الريادي والطليعي في بناء مجتمع ديمقراطي حر وأخلاقي وسياسي قادر على تلبية وحماية حقوق الشعوب المضطهدة، بهدف بناء حياة ندية تشاركية تقوم على الإرادة الحرة بين الجنسين لتشكيل عائلة تحافظ على مبدأ العدالة والمساواة.

وحول معنى وأهمية الحياة الندية التشاركية قالت الناطقة باسم مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا في مقاطعة الفرات صديقة خلو إنه "مفهومٌ جديد في الشرق الأوسط بشكل عام، نابعٌ من فكرة المساواة بين المرأة والرجل والعدالة التي من الضروري تطبيقها ضمن المجتمع، لذلك عندما نتحدث عن العدالة نكون قد تخطينا مرحلة المساواة بين الجنسين وقمنا بتطبيقها بالشكل المطلوب، وانتقلنا لمرحلة العمل على تطبيق العدالة بين أفراد المجتمع بشكل كامل ومن ثم ننتقل لمرحلة المساواة والعدالة على نطاق أوسع بين الإنسان والإنسان ثم بينه والطبيعة ثم الإنسان والطبيعة والحيوان"، موضحةً بأن مفهوم الحياة التشاركية فرض الاحترام على أفراد المجتمعات "توصل المجتمع لمرحلة الاحترام المتبادلة بين كافة أفراده وأعضاءه، بالتالي يولد هذا الشيء ثقافة الاحترام لدى الإنسان تجاه الطبيعة و تقدير البشرية للحيوانات، لأنه في حياة الإنسان هنالك حيوانات متواجدة بشكل يومي ودائم ضمن الحياة الطبيعة".

وأضافت "هناك حيوانات يستفيد منه الإنسان كالأبقار والأغنام والكلاب، فالحياة الندية التشاركية تعلمه أن الاحترام والتساوي وبشكل خاص احترام أي شيء متواجد ضمن الطبيعة كالحيوان، ليس فقط لأنها تقدم له الفائدة بل لأن لها أهمية ضمن المجتمع والطبيعة بغض النظر عن كونها حيوانات".

أما عن التعريف اللفظي والحرفي لمصطلح الحياة الندية التشاركية بينت صديقة خلو أن "الالتباس يكون دائماً حول معنى كلمة الندية التي تعني بالمضاد أو العكس وتم إلزامها مع التشاركية لتعطي المعنى الصحيح وهو بأن الجنسين تفكريها ومبدأها وحياتها ندية لكنها يجب أن يتشاركا الحياة معاً".

 

"الحياة الندية التشاركية منحت المرأة كيان خاص بها"

وعن ظهور هذا النوع من الفكر أو الفلسفة أكدت صديقة خلو أن القائد عبد الله أوجلان أول من قام بطرحه بعد أن طرح الكثير من الأفكار والنقاط من أجل قضية حرية المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين، وكانت التكملة وأهم تلك النقاط نشر علم الجنولوجيا وتكملة له كفكر وعلم طرح الحياة الندية التشاركية، كان هدفه من ذلك تعريف النساء بحقيقتهن وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع وبشكل خاص بين المرأة والرجل، فقد رأى من خلال تحليلاته لشخصية المرأة أنها صاحبة إرادة قوية خلصتها من الذهنية الذكورية والأبوية، ووثقت النساء تلك القوة في تحقيق مكتسبات ثورة المرأة في روج آفا وتطبيق مشروع الأمة الديمقراطية الذي يعتمد بالدرجة الأولى على تحقيق حرية المرأة عبر تطبيق فلسفة الحياة الندية التشاركية".

وحول دور الحياة الندية التشاركية في تحرير النساء وبناء نموذج الحياة الحرة بين الجنسين، قالت "ساهمت في التخلص من مفاهيم كانت تسيطر على المرأة منها أنها خلقت لتلبية احتياجات العائلة وتربية الأطفال، لكنه اليوم بعد إطلاق التعريف الصحيح للحياة الندية التشاركية أصبحت المرأة قادرة على أن تدير أمورها داخل المنزل وخارجه، ليكون لها كيان وهوية خاصة بها والابتعاد عن الاتكالية".

 

"بمحاضراتها التوعوية تعمل على تطبيق الحياة التشاركية"

من جانبه لعب مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا دوراً هاماً في التعريف بمفهوم الحياة الندية التشاركية للمرأة والرجل وللمجتمع بأكمله بالطريقة الصحيحة والشكل المطلوب، وذلك من خلال تنظيم محاضرات وندوات حوارية وتدريبات فكرية موسعة عن الموضوع، هذا ما أكدت عليه صديقة خلو، "الجنولوجيا تسعى بكافة الطرق على تطبيق مبدأ الحياة التشاركية على أرض الواقع، ودائما نقول بأنه يجب على كل إنسان أن يبدأ خطوته الأولى من ذاته ونفسه وعائلته، ونحن كعضوات في الجنولوجيا وضمن المنزل والعائلة بغض النظر عن الوضع الاجتماعي نعمل على تطبيق هذا المبدأ بالشكل الصحيح والكافي، ولإحداث ذلك على نطاق أوسع نظمنا فعاليات توعوية ونشاطات اجتماعات ومحاضرات فكرية ضمن الأكاديميات، للقضاء على الذهنية الذكورية الأبوية واستبدالها بذهنية الحياة الندية التشاركية، ليس فقط بالعمل خارج أو داخل المنزل ولكن بشكل أساسي العمل على تقبل الآراء والأفكار بين الجنسين".

وفي نهاية حديثها قالت صديقة خلو "في الآونة الأخيرة أصدرت الجنولوجيا مقالة موسعة عن أهمية الحياة الندية التشاركية ضمن المجتمع، واتضح لنا أن هذه الفكرة خلصت المجتمع من الكثير من الأفكار السبيلة والمعطيات والتي عانت منها النساء على وجه الخصوص كالعبودية والظلم وبالتالي خلص الطفل من أثرها أيضاً"، مضيفةً أن أنه "لتأسيس عائلة ديمقراطية حرة نحن بحاجة لخلق فرد حر ومن ثم خلق امرأة حرة قادرة على إدارة نفسها بنفسها، ويكون ذلك من خلال تكوين حياة ندية تشاركية بين الرجل والمرأة".