ليلى الاوجلي... واجهت إعاقتي بالإيجاب وانطلقت نحو تحقيق طموحاتي
الشيء الملفت الذي تراه حين تلتقي بها هي الابتسامة الجميلة التي تعلو وجهها، طموحة واثقة بنفسها، أدارت الجلسة الحوارية لتنسيقية دعم وتمكين المرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وكانت هي المرة الأولى التي تمنح فيها امرأة من ذوات الإعاقة حق إدارة جلسة
ابتسام اغفير
بنغازي ـ ، أسلوبها متميز في الحديث، إنها الدكتورة ليلى علي الاوجلي باحثة في مجال الإعاقة الحركية.
التقت وكالتنا مع الباحثة في مجال الإعاقة الحركية ليلى علي الاوجلي في مركز تأهيل المعاقين ببنغازي، والتي تخرجت من جامعة قاريونس، قسم علم النفس، وحصلت على وظيفة كمعلمة بمدرسة النهر الصناعي بمدينة الابيار التي كانت تعيش فيها مع أسرتها، بعد زواجها وحملها بطفلها الثاني تعرضت لحادث سير غير حياتها بشكل جذري.
تقول ليلى الاوجلي عن ذلك الحادث "في عام 2000 تعرضت لحادث سير وأصبت على إثره بكسر في الفقرة 12 من العمود الفقري، مع ضغط في النخاع الشوكي، مما أدى إلى إصابتي بشلل نصفي"، وتضيف "لك أن تتخيلين حجم الألم وأنا كنت حامل في الشهر الثالث".
وتضيف "انتقلت إلى مركز تأهيل المعاقين بمدينة بنغازي من أجل تلقي العناية اللازمة حتى تتم الولادة، وكان هذا أول تحول في حياتي، فقد انتقلت من مقر سكني الأصلي ومن مدينتي التي هي الابيار إلى مدينة بنغازي".
"تقبلت وضعي الجديد وتعايشت معه"
تضيف ليلى الاوجلي بشيء من المرارة "إنها لم تولد معاقة وفجأة تم سحب البساط من تحتها لتدخل هذا العالم، وأصبحت بين خيارين أم المواجهة بالإيجاب والاستمرار في حياتي، أو المواجهة بالسلب والنكوص"، وتؤكد ليلى على أن البداية كانت سلبية وهي شيء طبيعي لأي شخص تعرض لحادث فقد معه القدرة على المشي، "لكن تحملت وصبرت، وكان لابد لي من الاتجاه إلى الجانب الإيجابي وتقبل وضعي الجديد والتعايش معه".
وعن رحلة علاجها تقول "ذهبت إلى تونس من أجل إجراء عملية العمود الفقري لأن العملية التي تم إجراؤها في ليبيا بآت بالفشل، ومكثت في تونس مدة ستة أشهر، وكانت نتيجة العملية إيجابية فقد عادت الحركة لرجليي، وبدأ الإحساس كذلك يعود، ثم طُلب مني الالتزام بالعلاج الطبيعي، وهنا بدأت رحلة أخرى مع العلاج فتوجهت إلى مصر، التي مكثت فيها خمس سنوات، كانت رحلة العلاج إيجابية وتم تأهيلي حركياً ونفسياً".
"أول قرارتي لن أكون حبيسة السرير"
وحول حياتها بعد عودتها لليبيا تقول "عدت إلى ليبيا عام 2005 وكان أول قرار اتخذته عند وصولي ألا أنام في السرير، فالأشخاص ذوي الإعاقة دائماً يربطون حياتهم بوجود سرير في الغرفة، لكني رفضت ذلك وأخبرت أهلي وزوجي أنه من المستحيل أن يكون هذا مكاني، فأنا تأهلت نفسياً على تقبل إعاقتي في مصر، فخمس سنوات كفيلة بأن تجعل الشخص يتقبل وضعه الجديد"، وتؤكد بأن التأهيل الذي حدث لها كان تدريجياً.
ليلى الاوجلي التي رفضت الدخول إلى الغرفة التي يوجد فيها السرير وأن تكون حبيسة له، انطلقت نحو تحقيق شيء إيجابي في حياتها والذي كان بإكمال دراستها العليا، تقول "كان لابد لي من التفكير في شيء إيجابي في حياتي لذلك قررت استكمال دراستي العليا في الماجستير تخصص علم نفس، وتم قبولي بالقسم وأكملت مرحلة الدبلوم، ثم مرحلة الماجستير فالجميع اقترح أن تكون هذه الخطوة هي دراسة خمسة مواد والحصول على الماجستير وهو ما يسمي "بالباي كورس" اقنعوني بخوض هذه التجربة، من أجل الابتعاد عن تعب المشوار البحثي الطويل في إعداد الرسالة، ولكن بعد ثلاث محاضرات لم استطع الاستمرار، واتجهت إلى الطريق الشاق والطويل وهي الرسالة البحثية وحصلت على الماجستير عام 2016، من جامعة بنغازي وكانت الرسالة بعنوان "التوافق وعلاقته بالوحدة النفسية لدى المعاقين حركياً".
التجربة والمعايشة أكبر بكثير من الكتب
وتضيف عن موضوع رسالة الماجستير "لقد تخصصت في مجال الإعاقة الحركية لذلك اخترت هذا العنوان من أجل البحث فيه، لأنه الأقرب لي وأفهمه بشكل جيد، فأنا عايشت التجربة والمعايشة أكبر بكثير من الكتب التي تعتبر أحد مصادر المعرفة، والتي لها دور كبير في طرح مشاكل ذوي الإعاقة".
توجهت ليلى الاوجلي بعد ذللك للتدريس الجامعي واختارت الجامعة التي تناسبها من حيث الحركة فعادت لمدينتها الابيار ودرستْ في قسمي علم الاجتماع وعلم النفس بجامعة الابيار، وتقول عن هذه التجربة "إنها كانت تجربة مختلفة فهذه هي سنتي الرابعة في المجال، ولكن بعد ذلك اكتشفت إنني بحاجة لتطوير نفسي والحصول على المزيد من التطوير العلمي في مجالي، لذلك قررت استكمال دراستي وتقدمت للحصول على شهادة الدكتوراة بجامعة دمنهور في مصر وتم اختيار هذه الجامعة لأنها تناسب تنقلاتي بالكرسي المتحرك، واجتزت السنة الأولى بتفوق وقدمت بعد ذلك المقترح وتم الموافقة عليه، وهو برنامج خاص بالإعاقة الحركية للطلاب في المرحلة الإعدادية وأتمنى أن يتم تطبيقه في ليبيا".
وعن دور الأسرة والبيئة المحيطة في خلق الحالة الإيجابية للمصابين بإعاقات، تقول ليلى الاجولي "لابد للإنسان من داخله تقبل إعاقته وتوجهيها إلى الجانب الإيجابي، وإذا لم يستطع فعل ذلك فسوف تكون حياته سلبية، وبالتأكيد للأسرة دور كبير في خلق الجانب الإيجابي والتأهيل النفسي لذوي الإعاقة، لقد كان لزوجي وأسرتي دور كبير في تقدمي وتأهيلي نفسياً وجسدياً والتغلب على جميع المشاكل وتقبل وضعي الحالي".
"مسؤولو ذوي الإعاقة يتقاعسون عن أداء عملهم"
وحول دور الدولة في الاهتمام بذوي الإعاقة تقول "لم تولي الدولة أي اهتمام لذوي الاعاقة بعد عام 2011" وتشير ليلى الاوجلي إلى دور منظمات المجتمع المدني في مساعدة ذوي الإعاقة "أنا لا أنكر الدور الكبير الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني من أجل مساعدة ذوي الإعاقة، ولكن هذه المساعدة من وجهة نظري جعلت المسؤولون يتقاعسون عن أداء عملهم، وتم إهمال هذه الفئة، كما تم إغلاق قسم الإيواء الخاص بالنساء منذ عام 2011. وأغلب النساء لم يعدن يحصلن على التأهيل المطلوب، من ناحية تأمين المتطلبات الشخصية والتعليم وغيرها الكثير من الأمور، لذلك أتمنى أن تتوقف المنظمات الخيرية عن مساعدة ذوي الإعاقة حتى يتم الضغط على المسؤولين من أجل الاهتمام بهذه الشريحة".