غنوة علاوي الناجية من العنف تدعو لقانون ينصف النساء ويعاقب المعنِّف

ازدادت حالات العنف ضد المرأة في لبنان بوتيرة كبيرة وغير مسبوقة، ومنهن من فقدن حياتهن جراء التعذيب، ورضخت بعضهن لواقعهن، بينما رفعت البعض منهن الصوت عالياً، للمطالبة بالعدالة الجندرية والحماية من التعنيف.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ بعد انتشار فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يوثق قيام (ع. ط) زوج غنوة علاوي بتعنيفها وتركيعها على الأرض وضربها، محاولة بعدها الانتحار للمرة الرابعة بتناولها الأدوية، ليتم إنقاذها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، لترفع الصوت بعدها، مطالبة بالطلاق ومعاقبة معنفها، ودعت المعنفات إلى رفع الصوت عالياً والمطالبة بالعدالة ومعاقبة المعنف.

تعددت حالات العنف ضد النساء في السنوات الماضية، لتسجل في الآونة الأخيرة مستويات مرتفعة، خاصةً بعد الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا، وقد ساهمت حملات المناصرة من أفراد وجمعيات نسوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوثيق بعض هذه الحالات، في حث نساء كثيرات على مواجهة المعنفين والتوجه إلى الجهات المعنية والتبليغ عما يتعرضن له، وسط قصور الجهات القضائية لجهة القوانين الغير منصفة للنساء، وخصوصاً ما يتعلق بالحضانة والنفقة.

وساهمت الإضرابات التي ينفذها السلك القضائي والعطلة القضائية في إطالة أمد معاناة النساء، فضلاً عن إفلات المجرمين من العقاب بسبب المحسوبيات والفساد المستشري، لذا لم يعد أمام النساء إلا إماطة اللثام أمام هذه المعاناة والتوجه للرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لفضح هذه الممارسات الهمجية التي تستهدفهن.

 

زواج تقليدي

استقبلتنا غنوة علاوي بثقة وإن بدت على ذراعيها آثار كدمات، وقالت "تخرجت من جامعة القديس يوسف USJ بشهادة إدارة الأعمال، تزوجت المعاون الأول في قوى الأمن الداخلي (ع. ط) والموقوف حالياً، في عام 2008 وتعرضت خلال فترة زواجي للعنف على يده عدة مرات، حاولت الانتحار أربعة مرات، وفي آخر مرة تعرضت فيها للعنف على يد زوجي تناولت الأدوية، وبدأت بفقدان الوعي، بقيت على هذه الحالة لأربعة أيام، ونجوت بأعجوبة، وبعد أن انتشر فيديو لتعنيفي على مواقع التواصل الاجتماعي، ثرت على العنف الذي تعرضت له منذ بداية زواجي".

وأضافت "عدت اليوم إلى غنوة في عام 2008، غنوة الثائرة على كل الأنظمة والقوانين التي تضطهد وتعنف المرأة، غنوة التي تحب الحياة، والتي تدافع عن كل مظلوم، كبار السن، والأطفال وحتى الحيوانات أدافع عنها، ونسمع عن القانون ضد العنف الأسري وخصوصاً الموجه ضد المرأة، لكنها كلها حبر على ورق وموضوعة على الرفوف".

 

نحتاج لقانون ينصف النساء

وأضافت "أحتاج لقانون ينصفني وينصف النساء، قانون يتوافق مع ما تحتاجه المرأة ومع كل حالة منها بصورة شخصية، وأن يعاقب المجرم المعنف، وأن تأخذ المعنفات حقهن، وألا تخضع النساء لإملاءات المجتمع الأبوي، الذي يبدأ بوضع المرأة تحت الضغط لتعود لزوجها، والتذرع بمصلحة الأولاد وكيفية تربيتهم دون وجود الأم والأب في مؤسسة الأسرة، وأن تظل خاضعة للتعنيف من قبل الزوج".

 

قضية رأي عام

وعبر وكالتنا وجهت رسالة للمعنفات قالت فيها "لا نريد أن نعيش تجربة الراحلة هناء خضر المريرة، فعلى الأهل والمجتمع أن يكون لهم دور كبير في حماية المعنفات، لتشعرن بأن لديهن سند، وبأن هناك جمعيات يمكنها حمايتهن وتتكفل بهن، فلا نريد أن نكون هناء الخضر، ولا سارة الأمين، نريد الحماية وأن نكون قويات، وأن نتكلم ونصرخ، فلم تعد قضيتي شخصية، بل قضية رأي عام، فخلال الأسبوع الذي تعرضت فيه للعنف، كان هناك 4 نساء عانين، اثنتان توفيتا (هناء خضر ونبيلة عيدان)، وأخرى تم إسكاتها، وأنا التي تحدثت باسمي وباسم كل معنفة، وثرت لأقف بوجه الظلم لأجل جميع المعنفات، ومن أجل بناء مجتمع سليم على أسس المساواة والعدالة بين الجنسين".

ودعت المعنفات إلى رفع صوتهن "أريد من المعنفات القابعات في منازلهن أن يتكلمن ويثرن، ويرفعن صوتهن، وأن يلجأن إلى الجمعيات التي تحمي حقوق النساء، لن نسكت بعد الآن".

 

حماية المعنفات

تشعر غنوة علاوي بعدم الثقة بالأحكام القضائية في قضايا جرائم العنف الأسري ولا سيما المتعلقة بالمرأة، لكنها مصرة على متابعة قضيتها بعد دعم من أفراد عائلتها الذين بدأوا بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف مساندتها وإنصافها ونشر قصتها.

وقالت "حاولت خلال حياتي الزوجية أن أعبر عما أمر به بالكتابة والرسم، لا زلت أحتفظ بها، فتعبيري عن معاناتي كان عبر نصوص ورسومات إحدى هذه الرسومات تصور امرأة صامتة داخلها امرأة تصرخ، ولكن لم أجرؤ على التكلم، أو إخبار أحد، كان الخوف بداخلي رهيباً، على أولادي بالدرجة الأولى، حتى قام زوجي بإرسال فيديو وهو يعنفني لأهلي وتهديدهم، وبدأت عائلتي بحملة بعد إقدامي على الانتحار ونجاتي".