سودانيات تؤكدن صمودهن في وجه النزاع والنهوض من جديد

رغم قسوة النزاع المستمر في السودان وما خلفه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية عميقة، أثبتت نساء سودانيات قدرتهن على الصمود والنهوض من جديد، متمسكات بالأمل والعزيمة لبناء مستقبل أفضل.

آية إبراهيم

السودان ـ تعد المرأة السودانية من أكثر الفئات التي تضررت من النزاع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي اندلع منذ نيسان/أبريل عام 2023، لكنها لا تزال صامدة وقوية في أغلب الأحيان وهي تواجه أصعب الأوقات في حياتها.

اقترب النزاع في السودان من إكمال عامه الثالث، ولا تزال آثاره على المرأة حاضرة سواء كان من الناحية النفسية أو الاجتماعية، ومع ذلك هناك من صمدن في وجه تحديات النزاع واستطعن النهوض من جديد، بل وحققن نجاحات في مجالات مختلفة. في المقابل هناك من لا يزلن مستسلمات لآثار النزاع عليهن ولم يستطعن العودة إلى حياتهن السابقة، وما بين هاتين الحالتين، يبقى السؤال: كيف يمكن للمرأة السودانية أن تستعيد حياتها الطبيعية بعد الحرب في بلدها؟.

 

تقديم خدمات الدعم النفسي

ترى مسؤولة جمعية الهلال الأحمر السوداني بالولاية الشمالية عائشة عبد الله أن حفاوة استقبال النازحات في المناطق الآمنة عند قدومهن من مناطق النزاع مثلت دفعة معنوية لهن ومنحتهن قوة كبيرة لأجل العودة لحياتهن.

ولفتت إلى أن الجمعية قامت بأدوار كبيرة تجاه النازحات من خلال تقديم عدد من الخدمات التي تساعدهن في الاستمرار في الحياة بقوة، من بينها تقديم خدمات الدعم النفسي، إضافة إلى تلبية احتياجات الأطفال وتشجيع النساء على البحث عن العمل "هناك الكثيرات يقمن بأعمال في الأسواق المحلية بمناطق نزوحهن".

وأكدت عائشة عبد الله أن جميع نساء السودان تأثرن بالنزاع بشكل مباشر أو غير مباشر، مشددة على ضرورة المضي قدماً وطي صفحة الماضي بالعزيمة والإصرار، داعية المرأة للعمل وممارسة حياتها بشكل طبيعي.

 

 

نموذج مثالي في معركة الكرامة

واجهت المرأة السودانية تحديات هائلة خلال النزاع ما بين عمليات النزوح القسري والاغتصاب والقتل وفقدان مصادر الرزق، حيث نزحت ملايين النساء وفقدن منازلهن وممتلكاتهن وواجهن ظروف معيشية قاسية في المخيمات، وتضررت مصادر رزقهن بشكل كبير، وتكبدن خسائر في أعمالهن واضطررن للبحث عن المساعدات الإنسانية، لكنهن مع ذلك أظهرن صموداً وقدرة على مواجهة التحدي وهن تتقدمن الصفوف.

وأكدت الإعلامية مي منصور أن المرأة بقيت صامدة وقوية منذ اندلاع النزاع، وقد اتضح ذلك خلال مشاركتها في جميع المجالات الاجتماعية والشعبية والسياسية.

وأوضحت أنها تحتاج إلى المزيد من التماسك على مستوى القاعدة العامة في المجتمعات والأحياء، معتبرة أن المرأة شكلت نموذجاً مثالياً في معركة الكرامة، داعية إلى ضرورة دعمها في مشاريع التنمية المستدامة، خاصةً على صعيد الإنتاج.

 

 

المرأة السودانية تمتلك قدرة على النهوض من جديد

"خلال التجارب التي عايشناها وسط النازحات بمراكز الإيواء، وبسبب طبيعة عملنا تأكدنا بما لا يدع مجالاً للشك أن المرأة السودانية محاربة وقوية وقادرة على العودة من جديد إلى حياتها الطبيعية رغم ما عايشته خلال الحرب"، هذا ما قالته رانيا عباس منسقة برنامج الأغذية العالمي في الهلال الأحمر السوداني.

وأشارت إلى أن المرأة بدأت تتأقلم مع ظروف النزاع بشكل طبيعي، مؤكدة على أهمية التصالح مع أوضاع البلاد والتعايش معها رغم صعوبة النزاع، مضيفةً أن المرأة السودانية تمتلك القدرة على النهوض من جديد، وأن تكون قوية وقادرة على بناء مستقبل أفضل لسودان جديد.

كما شددت على ضرورة تلبية احتياجاتها الأساسية لدعمها في هذا المسار، وعلى رأسها توفير التعليم للأطفال باعتباره من ركائز الحياة، إضافة إلى التمكين الاقتصادي.

تعتمد المجتمعات السودانية على المرأة بشكل كبير، فهي تمثل ركيزة وعماد الأسرة، وانطلاقاً من ذلك فهي تعي بمسؤوليتها تجاه مجتمعها وتحرص على أن تكون قوية وثابتة في وجه التحديات.