إيران... عمر الأشخاص المدمنين على المخدرات ينخفض إلى 10 سنوات

كلما قل عمر الأشخاص المدمنين، طالت مدة التعاطي وعواقبه المدمرة؛ خاصة وأن علاج الإدمان عملية معقدة للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب رعاية متعددة الأوجه من الفرد والأسرة والأقارب ومؤسسات الدعم الاجتماعي.

سروشا آمين

مركز الأخبار ـ المرأة هي أولى ضحايا الظواهر والمشاكل الاجتماعية السلبية، كالإدمان على المخدرات، ويعد ارتفاع عدد المدمنات على المخدرات من بين المشاكل الاجتماعية التي تتم مناقشتها في السنوات الأخيرة، وتظهر أن الحكومة الإيرانية ليس لديها خطة فعالة للحد منها.

يتزايد معدل النساء اللواتي تتعاطين المخدرات بشكل كبير في إيران، خاصةً بين فتيات المدارس الثانوية، فعندما نتحدث عن إدمان شخص ما على المخدرات منذ الصغر، فيجب أن يدرك المرء أن كل فرص العمل والحياة الاجتماعية والزواج والإنجاب والإنتاج العلمي والصناعي والحيوية الاجتماعية والشخصية للشخص المدمن يجب أن تعتبر مدمرة.

كلما قل عمر الشخص المدمن طالت مدة التعاطي وعواقبه المدمرة؛ خاصةً وأن علاج الإدمان عملية معقدة للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب رعاية متعددة الأوجه من قبل الفرد والأسرة والأقارب ومؤسسات الدعم الاجتماعي.

قبل نحو سبع سنوات، قال المدير العام لمكتب التعليم والوقاية من الأضرار الاجتماعية أن 136 ألف طالب إيراني معرضون لخطر إدمان المخدرات، وأن 3600 منهم تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل. وتظهر إحصائيات جديدة أن عمر الأشخاص المدمنين على المخدرات في إيران انخفض إلى 10 سنوات، بحيث أن 21 من كل 1000 طالب مدمن، وهذا ما خلق أزمة جديدة في إيران.

وعن مدى انتشار الإدمان، أصدر مركز البحوث وعلم الأوبئة إحصائية جديدة، فمن بين طلاب المدارس الثانوية، 19% يستعملون الزجاج، و24% حشيش، و57% ماريجوانا، و53.3% كحول"، ويظهر أن النساء المدمنات على المخدرات لا تتجاوزن أعمارهن الـ 30 عاماً، وزادت نسبتهن من 4% إلى 10% من مجموع المدمنين، ويمكن أن تكون الأسباب الرئيسية لذلك هي تجربة جميع أنواع العنف، عدم تنمية المهارات اللازمة للنجاح في الحياة (البلوغ المفاجئ)، الشعور بالخسارة في الحياة العملية، الشعور بعدم القدرة على تحقيق النجاح، الشعور بعدم الأمان في المجتمع بالنظر إلى عدم عدالة النظام الاجتماعي، والشعور بالغضب وعدم الثقة في المنزل والعمل، والتوزيع الغير العادل لمصادر الدخل.

وارتفعت نسبة انتشار تعاطي المخدرات الصناعية وخاصة الشيشة، من 5 إلى 22 في المائة. ويحظى استخدام الزجاج بشعبية خاصة بين النساء والشباب، وقد نُشرت العديد من التقارير التي تروج له كدواء للتخسيس.

يتزايد استهلاك الحشيش والكحول بين الطالبات واستهلاك الأفيون بين الطلاب في بعض مدن إيران، حوالي 2.3% من النساء اللواتي تتعاطين المخدرات استخدمن الحقن، وذلك على الرغم من أن 75% منهم استخدموا حقنة جديدة ومعقمة و25% جربوا حقن المفاصل، وبحسب الإحصائيات العالمية فإن الإدمان يسبب مضاعفات أكثر خطورة عند النساء منه عند الرجال. على سبيل المثال، تستغرق الفترة الزمنية من أول تجربة لتعاطي المخدرات إلى الحقن لدى النساء عامين في المتوسط، بينما تبلغ هذه المرة عند الرجال حوالي 8 سنوات. وبهذا الحساب، تنجذب المرأة إلى هاوية التبعية الشديدة قبل الرجل بـ 6 سنوات، وهو أمر أصعب بطبيعة الحال في علاجه وعواقبه الجسدية والنفسية والاجتماعية بكثير.

كما تحدث الوفاة بسبب تعاطي المخدرات بشكل أسرع لدى النساء والفتيات. خاصة أن الاستخدام المفرط والانتحار والحوادث الناجمة عن آثار بعض المخدرات هي السبب الرئيسي للوفاة لدى النساء المدمنات، كما أن الإدمان عند النساء هو أساس الانحرافات الأخرى، كممارسة الجنس خارج إطار الزواج والإصابة بالإيدز والتهاب الكبد وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً.

 

المدمنات على المخدرات في مواجهة الوصمة الاجتماعية

ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الطب الشرعي الإيرانية، ارتفع عدد الوفيات بسبب تعاطي المخدرات في عام 2021 بنسبة 15.2% مقارنة بالعام السابق، كما قتل الإدمان 5342 شخصاً هذا العام. ويؤكد هذا التقرير أن معظم حالات الوفاة بسبب إدمان المخدرات خلال العام الماضي كانت مرتبطة بالمخدرات بواقع 2417 حالة وفاة، منهم 2101 شخص ماتوا نتيجة الميثادون، و224 شخصاً ماتوا بسبب الترامادول، و92 شخصاً ماتوا بسبب أدوية أخرى.

وعلى الرغم من هذه الإحصائيات والمعلومات الأولية، لم يعد من السهل القول إن شريحة صغيرة من النساء مدمنات على المخدرات. في الوقت الذي لا تقبل فيه العديد من النساء والفتيات على زيارة مراكز العلاج بسبب الوصمة الاجتماعية وبالتالي، غالباً ما يظل الإدمان لدى النساء والفتيات مخفياً. وبذلك تظل نسبة النساء المدمنات على المخدرات غير معروفة، كما أنه لا توجد حالياً خدمات مخصصة للنساء المدمنات في إيران، وتلك الموجودة مخصصة للرجال فقط.

إن انخفاض سن مرتكبي الجرائم يشير في الواقع إلى زيادة العنف في المجتمع. ويقصد بالعنف جميع العوامل المثبطة التي لا تسمح للإنسان بتنمية شخصيته وتطويرها إلى أقصى حد ممكن. عوامل مثل نقص المرافق التعليمية، وانعدام الأمل في المستقبل، والأسر المفككة، وتقليص المساحة الإبداعية في الحياة الاجتماعية، ونقص أو انعدام الضمان الاجتماعي وعدم وجود مرافق مناسبة لقضاء وقت الفراغ، واتساع الفجوة بين الأجيال والاعتماد الاقتصادي للشباب على الأسرة وفي نفس الوقت استقلالهم.

كما الوضع الاقتصادي المتدهور للأسر، لا يستطيع الآباء المنشغلون بكسب الرزق وارتفاع الأسعار تركيز انتباههم على أطفالهم. ولا يمكن النظر إلى عوامل المعيشة والتضخم والفقر والبطالة بشكل منفصل عن زيادة الإدمان وزيادة الضرر الاجتماعي بشكل عام. عندما يقع الأب أو الأم في براثن التوترات الاقتصادية والقلق، فإنه لا يستطيع السيطرة على طفله والإشراف عليه كما ينبغي، لأنه يعاني من مشاكل كثيرة وربما الإدمان. في الواقع، لا أحد من الوالدين يريد أن يصبح طفله مدمناً أو منحرفاً، لكن الظروف الاقتصادية ونقص التعليم والسياقات القائمة في المجتمع تدفع بعض الأطفال والمراهقين والشباب نحو الأذى الاجتماعي.

لكن أهم أسباب إقبال الفئة الشابة والأطفال في إيران على تعاطي المخدرات يمكن أن تعزى إلى انخفاض أسعار المخدرات والتصنيع وتغيير نمط استهلاك المخدرات، حيث يبدو الأمر كما لو أن الإدمان في إيران استراتيجية تمارس من قبل الحكومة لإضعاف الشباب ضد سياساتها الممنهجة.