إيران... النظام الأبوي يعزز ظاهرة زواج القاصرات

إن قوانين وتقاليد المجتمع في إيران يفاقم من ظاهرة زواج القاصرات التي تحرم الفتيات من حقوقهن ويعزز الاضطهاد بين الجنسين.

جوان كرمي

كرماشان ـ لا تزال ظاهرة تزويج القاصرات مستمرة في إيران وشرق كردستان في ظل العادات والتقاليد البالية والمعتقدات الدينية وعدم المساواة بين الجنسين والنظام الأبوي في البلاد.

في التقرير التالي ستسلط وكالتنا الضوء على حالتين لزواج القاصرات يفصل بينهم نصف قرن، ويظهر مدى عمق واستمرارية الظاهرة، الحالة الأولى هي لامرأة تدعى (بروين. م)، ولدت في الأربعينيات من القرن الماضي في مدينة باوه، مرت بتجربة زواج القاصرات وأمومة الأطفال في نفس الوقت، مع بلوغها الثامنة عشرة من عمرها تزوجت مرتين، والحالة الثانية هي لفتاة من مدينة مهاباد تدعى (ن. ج) تبلغ من العمر 14 عاماً، تزوجت مؤخراً من شاب يبلغ من العمر 23 عاماً.

وعن معاناة (بروين. م) التي فقدت حياتها منذ سنوات، تقول ابنتها (سيدا. م) "هذه الصورة التي أحملها الوحيدة التي تجمعني بوالدتي التي كانت تبلغ آنذاك الرابعة عشرة من العمر وأنا كنت أبلغ ثمانية أشهر، كانت والدتي جميلة والابنة الوحيدة في العائلة حيث ولدت بعد 9 أبناء، وكانت تعرف بـ "بچي تتغاري بود"، لم يكن والدها فقيراً أو محتاجاً إلا أن تلك الامتيازات لم تمنع المجتمع الأبوي من اضطهاد أمي".

وتعرضت (بروين. م) للاضطهاد والحرمان من التعليم والزواج القسري وهي طفلة، لشدة مرارة قصتها لم تستطع ابنتها سرد تفاصيلها، حيث تقول "لقد تم إلقاء كتبها ودفاترها في الموقد عندما كانت تبلغ من العمر 8 سنوات، ليتحولوا إلى رماد، لأن والدها رأى ملابس طلاب وطالبات مدارس كرماشان، فخاف أن تدرس ابنته الوحيدة وتفقد عفتها، وعندما توفي زوجها كانت في الـ 11 من عمرها، وبعد 4 سنوات تم تزويجها مرة ثانية، لم تعش بروين طفولتها".

 

بعد نصف قرن... العلاقة الوثيقة بين زواج القاصرات والتسرب المدرسي

تقول إحدى أقارب (ن. ج) التي كانت تبلغ من العمر 14 عاماً عندما تم تزويجها، أنه بعد زواجها توقفت عن الدراسة، من المؤكد أنها لم تكن تدرك عواقب ترك المدرسة في هذا العمر، مشيرةً إلى أن عائلة (ن. ج) كانت تحاول تبرير هذا الزواج بالقول أن ابنتهم تبلغ من العمر 15 عاماً "أن الفتيات في عمر الـ 15 تعدن في مرحلة الطفولة، أي أن (ن. ج) كانت بمثابة ابنة لزوجها".

وأضافت "إن هذا الزواج كان مدبراً من قبل كبار العائلتين، عندما تم اتخاذ قرار تزويج الفتاة كانت تلعب مع أطفالي حتى وقت قريب، لقد صدمت عندما سمعت أنهم سيزوجونها، لقد كان والدها مصراً على إتمام هذا الزواج لدواعي القرابة والموارد المالية لعائلة الشاب".

ولفتت إلى أن عائلة الشاب الذي تزوج بالفتاة القاصر (ن. ج)، من عائلات مهاباد العريقة "لقد استفادوا من ادعاء الثقافة والأصالة التي يستخدمونها عادة كرأس مال اجتماعي يمكن تبادله، وهو تعريف صريح للإقطاعية البرجوازية، والنتيجة هي اندماج يخلق كارثة. لقد كان إساءة استخدام الوضع الاجتماعي كبطاقة أحد أسباب التأثير على عائلة الفتاة".